ساعات قليلة ويتوجه الأردنيون الى صناديق الاقتراع لانتخاب البرلمان الثالث والعشرين في تاريخ الدولة، والثامن عشر منذ عهد الاستقلال، حيث تجري الانتخابات هذه المرة وفقا لنظام القائمة النسبية المفتوحة، المعمول به في اعرق الديمقراطيات في العالم، ليتيح تجاوز التقسيمات التقليدية وتوحيد المحافظة باعتبارها دائرة واحدة باستثناء المحافظات الثلاثة الكبرى من حيث عدد السكان.
وجود برلمان، بغض النظر عن تجارب المجالس السابقة، التي أحبطت الكثيرين، او الصورة غير الناصعة التي تركتها مجالس سابقة بسبب الاداء او المواقف، والاخفاقات الفردية لنواب سابقين، كل هذه الاسباب، واسباب اخرى، لا يجب ان تمنعنا من ممارسة حقنا الدستوري، وإعطاء اصواتنا لمن يستحق، ولا ندري ماهية المشهد السياسي الاردني، بدون برلمان، يراقب ويشرّع ويُحاسب.
مسؤولية الإختيار تقع على كاهل الجميع، ونحن كناخبين أول من يحجز كرسي النيابة للمترشحين، بالتالي، لا تنتهي مسؤوليتنا عند الاقتراع، بل يجب ايجاد آلية تشعر النائب انه مراقب شعبيا ويتابع بمواقفه وتوجهاته، حتى لا يشعر انه حر طليق يتخذ قرارته ويحدد سياساته بعيدا عن قواعده الشعبية التي كان لها الفضل في هذا التكليف.
أتذكر الحوارات المطولة التي خاضتها لجنة الحوار الوطني قبل نحو خمس سنوات، والتي كان على رأس توصياتها اعتماد نظام «القائمة النسبية المفتوحة»، وهو ما كان، بعد سلسلة حوارات وطنية جابت المملكة من الطرة الى الدرة، كما اوصت بتأسيس الهيئة المستقلة للانتخابات التي اصبحت حقيقة واقعة، تجري وتشرف على الانتخابات بنزاهة وشفافية وحرفية عالية، باعتمادها معايير الشفافية الضامنة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
قد يقول البعض ان المرشحين هم انفسهم في الواجهة، وهذا صحيح، لكن الناخب هو مَنْ يقرر، والنسبة للنواب المكررين في انتخابات 2016 من مجالس سابقة تصل الى 16 بالمئة، من مجموع المترشحين، وهذا لا يعني ان هناك نوابا ليسوا أكفياء من المجالس السابقة، لكن بامكان الناخب التجديد وفرز نواب جدد على سوية وكفاءة عالية، تغير الصورة النمطية عن المجالس النيابية المتعاقبة.
في هذه الانتخابات ثمة متغيرات عدة، فلدينا ما يزيد على 4 ملايين ناخب وناخبة، ولدينا قانون جمعي توافقي، رغم الاخفاق في تطبيق بعض من نصوصه من قبل المترشحين، ولنعترف ان الاحزاب السياسية وتياراتها المختلفة فشلت في التأقلم والاستفادة من النظام الانتخابي الجديد، ولم تشكل قوائمها، وان شكلتها فلجأت للسرية، لأنها لا تجيد العمل الجماعي، ولا تمتلك برامج سياسية بديلة وناجعة تعلن عنها.
دنت ساعة حصاد شهور طويلة من العمل
ومحاولة الاقناع، لا يفصلنا عن موعد الاقتراع إلا ساعات قليلة، لنكن على قدر التحدي ولنمارس حقنا الديمقراطي، سواء اقتنعنا بالنظام الانتخابي او بالمترشحين، أم لم نقتنع، يكفينا ان نعلم ان الجميع مسؤول عن استعادة ثقة المواطن بالانتخابات، وهذه الثقة تبدأ من المواطن نفسه، ليس فقط بالاقتراع بل بالمحاسبة والرقابة والمساءلة.
Imad.mansour70@gmail.com
مواضيع ذات صلة