التغيّر في أمزجة الطلبة وتوجههم نحو التخصصات الهندسية والتقنية ، وهي المفاجاة اللافتة التي ظهرت في نتائج قبول الطلبة للعام الدراسي 2016-2017، اذ زاد الحد الادنى لمعدل القبول لتخصص الهندسة المدنية في الجامعة الاردنية، على الحد الادنى لمعدل القبول بتخصص الطب، وبفارق 3 اعشار بالمئة، مؤشر على ان الطلبة بدأوا يستشعرون ويدركون معنى التغيير في الافكار النمطية السائدة والتقدير الصحيح لاحتياجات السوق، خصوصا التخصصات الهندسية والتقنية المتزايد.
وعي الطلبة والتحرر من التأثيرات المجتمعية والقياس الدقيق لاحتياجات السوق المحلي والاقليمي، والمتغيرات المتسارعة في المحيط، وإزدياد الطلب على الكفاءات الهندسية الاردنية، التي تتسلح بالعلم والتدريب، او غيرها من الاسباب، غيرت أمزجة الطلبة المتفوقين الذين كانوا في السابق يتهافتون على التخصصات الطبية، التي اصبحت تعاني البطالة لاسباب كثيرة، خصوصا اذا علمنا ان هناك الاف الطلبة في الداخل والخارج يدرسون الطب وطب الاسنان.
المنطقة مقبلة على ورشة اعمار ضخمة بعد سلسلة حروب استنزفت البشر والحجر، والاردن كان على الدوام ، في أوقات الحروب كما في أوقات السلم، بلداً معطاء وغنياً بقدراته البشرية المتنوعة والكفؤة، ومن الضروري التوازي بين الكفاءة السياسية والقدرة على إدارة الملفات المعقدة بحذر ونجاح والخروج منها بأقل قدر من الخسائر، من جهة، والمبادرة والمشاركة بورش الاعمار وإعادة بناء المدن التي دمرتها الحروب من جهة أخرى.
لنقرّ ان لدينا مشاكل و»تابوهات» كثيرة في مجتمعنا، اولها يبدأ من الاسرة والمحيط المجتمعي، وآخرها ينتهي بالمؤسسات العامة والخاصة، التي رغم تعدد مبادراتها وأفكارها وطروحاتها، الا انها سرعان ما تفقد تأثيرها في الفئات الشبابية المستهدفة، نظرا لغياب الاستمرارية والديمومة، وأحيانا لعزوف الشباب عن تقبل الرأي والرأي الآخر، والاستسلام للضغوطات المجتمعية النمطية السائدة وتغليبها على كل ما هو جديد ومختلف.
عندما يدرك الشباب اهميته ومكانته وقدرته على قيادة زمام الامور في تحسين واقعنا وبناء مستقبلنا، وإطلاق ثورة مضادة للفكر التقليدي السائد في كافة مناحي الحياة، ويتجه نحو المشاركة الحقيقية في مسيرة البناء والتحديث، سواء أكان ذلك في التعليم العالي ، او المشاركة في الحياة السياسية من خلال صناديق الاقتراع، او الانخراط في بناء مؤسسات حزبية وسياسية وطنية تغلب المصلحة العامة على الخاصة، او الانخراط في المبادرات الشبابية والعمل التطوعي، او التدريب المهني، عندها فقط نستطيع القول اننا نجحنا بحدوث اختراق لفكر وثقافة الشباب الاردني الذي يشكل 70 % من المجتمع.
Imad.mansour70@gmail.com
مواضيع ذات صلة