عبدالهادي راجي المجالي
السيد المجالي تحية وبعد :-
أنا عامود كهرباء , موجود في الخدمة منذ (21) عاما , وظيفتي حمل أسلاك الكهرباء , وتوصيل التيار للناس , و منغرس في الأرض ..لا أحد يقوى على خلعي ...وقد رفعت على أكتافي أحمالا من الكهرباء , لاقدرة للبشر على حملها ..ولا للحجر ولا للخشب حتى ..
أخاطبك يا صديقي , لأن ثمة رابطا بيننا , فأنتم البشر تقولون لبعضكم أحيانا (يا لوح) وكما تعلم فاللوح هو جماد وصامت , مثلي تماما فأنا لا أتحرك وصامت ..لهذا قد نفهم بعضنا قليلا , إذا نظرت لك من زاوية لوح وأنا عامود .
سيدي العزيز ..
مؤخرا بدأ الطلاء الموجود على جسدي بالتقشع , واحس باهتزازت غريبة عجيبة وثمة إنكماش غريب في قاعدتي , تخيل أني (شلت) أحمالا من الكهرباء قادرة على قتل ملايين البشر ولم اتأثر , ولكن يبدو أن ضخامة الشعارات التي تكتب على اليافطات الإنتخابية , قد هزت كياني كاملا ...
كل ليلة ننتظر السلالم التي يحضرها البعض وينصبونها على جسدي ثم يعلقون يافطاتهم علي , دون احترام لي أو دون أي تقدير , حتى دون أخذ إذن من شركة الكهرباء ..وأنا أحتمل فجسدي صلب , ولكني حين انظر إلى الشعارات ..أحس بألم أكثر من ألم الكهرباء ذاتها ...البعض بدأ شعاره بكلمة الوطن ...أنا على الأقل أخدم الوطن ..أنا في الثلج أبقى منتصب الهامة , وأحمل لكم الكهرباء ..في كل طقس وكل موسم ...وأعرف أن الوطن ليس شعارا ....بالرغم من أنني اصنف من المعادن الرخيصة نوعا ما والأكثر إستعمالا ... إلأ أن جمودي بدأ بالذوبان نتيجة (عرطكم) اللامتناهي ...وثمة شعارات عن العدالة والمساواة , والقيم ...لقد ذوبتم الطلاء الذي أحمله , حتى القواعد بدأت بالإهتراء ..حتى نسمات الهواء السكرى صارت تهزني ...هل أنا مجبر على حمل شعاراتكم ..؟
السيد العزيز المجالي
لست وحدي بل هناك مجموعة من الرفاق (الأعمدة) الموجودين في الخدمة الان أصروا علي أن أكتب هذه الرسالة لك ...فنحن مجتمع (الأعمده) لم نعد نحتمل ما يعلق علينا ...حتى الصور تخيل كلها (فوتوشوب) ..ما دام أن الوجه يزور فهل تنتظر مني أن أصدق الشعار ..
أصلا لولا شارع الأعمدة في جرش , فهل من الممكن أن تكون جرش بهذه الأهمية ...نحن يا صديقي لنا أهمية ووجود وغاية ونخدم المجتمع بشكل جيد. وكنا نشكوا في فترة سابقة , من سياراتكم فأنتم كثيرا ما تقولون :- (فلان خش بعامود) تخيل أننا لم نسلم من حوادثكم ...التي كسرت أجساد رفاق لي بالمهنة , وما زالت ذكراهم حاضرة ...أما يكفينا حوادثكم , وتطاردوننا الان بشعاراتكم ..
ما نريده بسيط وهو القليل من الإحترام للأعمده , فمن كثرة مايعلق علينا من إعلانات وشعارات ..صرنا نعرف حجم الكذب من حجم الصدق ...وبما أنك وكما يناديك البعض (عبدالهادي اللوح) وبما أنني عامود شعرت بوجود بعض الكيمياء بيننا فقلت لابد من مخاطبتك علك تنقل الرسالة ..وعلك تعرف أن الأعمدة قد ضجت حتى الأعمده هي الأخرى تفكر باعتصام ومسيرة ...
تحياتي لك ..وقد أعذر من أنذر