من بين العبارات التي تتردد كعناوين للدعاية الانتخابية مصطلح ( الاصلاح ). وهذا المصطلح محبب للنفوس ؛ لأن رسالة الانبياء هي الاصلاح ( ان اريد الا الاصلاح ما استطعت ) والقران الكريم يطلب منا أن لا نكون صالحين فحسب ؛ وإنما نكون مصلحين ايضاً.
ولكن ما هو محتوى الاصلاح الذي ننشده وما هي أسسه - ومرتكزاته - لقد تعلمنا في التربية والتعليم - مبدأ القياس والتقويم - أي ان الشيء يمكن قياس نتائجه أخذاً باسبابه واهدافه ومنطلقاته - ما هو البرنامج - هل فرد احاد قادر على أن يقوم في مجلس النواب بمفرده - بالاصلاح المنشود اصلاح ماذا ؟ النهج - القانون - الممارسة - كلها تساؤلات تجعل من هذا الشعار - شعاراً جميلاً يذكرنا بقصة الشاعر الذي استضافه احد الاعيان قديماً - فمدحه الشاعر بقصيدة. قال له الممدوح - جزيتك ثلاثين بعيراً. أنفرجت اسارير الشاعر وجادت قريحته في اليوم التالي بقصيدة أخرى - فكافأه الممدوح بثلاثين ناقة أخرى - وفي اليوم الثالث تكرر نفس السيناريو - فاتمم الممدوح النياق الى مائه. عندها قال الشاعر في اليوم الرابع - أنا أريد أن أرحل - قال له الممدوح رافقتك السلامة. سأل الشاعر والنياق - أجابه لقد قلت كلاماً طيباً وقلنا كلاماً طيباً ولم يتعد الأمر كله كلاما في كلام.
نأتي للمصطلح الثاني وهو التجديد - وهو مصطلح يلامس شغاف العقول والقلوب؛ لان الناس تحب التجديد ؛ في المأكل والملبس والمسكن والعلاقات؛ فهل التجديد هو استبدال وجه بآخر - ام منهج ونهج بآخر - ان كان التجديد هو تجديد في الاسلوب والمنهج والمحتوى - والاداء والنتائج - فنعم التجديد ؛ ولكن ايضاً السؤال المطروح ما هي اسس التجديد ووسائله والى اي مدى سنصل فيه - الخطابات ستبقى نفس الخطابات والثقة ستكون نفس الثقة - ونقاش الموازنة والتصويت عليها لن يتجدد - فليكن لنا برنامج واضح للتجديد حتى يكون لهذا الشعار معنى محدد ومقبول ومعقول فنحن نخاطب عقول كبار وليس ملهاة لأطفال صغار.
اما التغيير فأنا أومن أن التغيير هو احد ثوابت الكون - والله سبحانه وتعالى ركز على التغيير - كسنة من السنن الكونية ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) - التغيير هو تغيير نفوس وليس تغيير شخوص فحسب ؛ هو تغيير عقول - وليس عدّ رؤوس - والتغيير اما ان يكون صاعدأ او هابطاً - عن اي تغيير نتحدث عن الصاعد ما هي مقوماته - وما هو حظ عقيدة الأمة وفكرها الصحيح وحضارتها الممتدة - من هذا التغيير كمؤثر أساس فيه - لإن هذه الأمة لها مفتاح لا بد أن تنتبه له - وقد اعتراه الصدأ والتشويش ؛ لا بد أن يرجع الى اصله وجذره ونقاوته - حتى يكون تغييرنا ليس قفزة في الهواء - او المجهول.
هذه المصطلحات نرجوا من اصحابها الذين رفعوها ان يحددوا في احاديثهم محتواها حتى نتبين ما هو القصد منها اما انها ستبقى شعارات كما كان جواب الممدوح للشاعر عندما مدحه.
مواضيع ذات صلة