د. أسامة الفاعوري
...مما يدعو المرء للتساؤل، في خضم ما تشهده الساحة السياحية في الدولة، هو التساؤل التالي، هل لدينا سياسة سياحية واضحة المعالم؟! سوف نجيب على هذا التساؤل بعد محاولة توضيح ماذا نقصد بالسياسة السياحية؟ وهل نستطيع نسخ سياسة سياحية من هنا أو هناك وتطبيقها في الداخل الأردني؟ وما هو المعيار الفعّال للسياسة السياحية فيما يتعلق بالتطبيق والممارسات؟ وما هي أهم أهداف وضع السياسة السياحية؟. فيما يتعلق بتطبيق وتنفيذ السياسات السياحية في الدولة، وجب أن يكون هناك تحليل وتقييم شامل من أجل تحديد ومعرفة الأخطاء والعثرات والتفاوتات، وذلك كخطوة أساسية نحو الحفاظ على التوافق والإجماع على سياسات هذا القطاع المهم والحيوي، ومن هنا، فإن هذا التحليل يسمح لنا في تطوير السياسة السياحية، والتي تكون مُفصّلة ومناسبة للمقصد السياحي.
...تُعّرف السياسة السياحية بأنها « مجموعة من القوانين، والقواعد، والمبادئ التوجيهية، والإرشادات، بالإضافة الى تطوير و ترويج الأهداف والإستراتيجيات التي توفر إطار من خلاله تؤثر القرارات الفردية والجماعية بشكل مباشر على التنمية السياحية، وعلى النشاطات اليومية التي تقام داخل المقصد السياحي». إن السياسة السياحية لا يمكن نسخها أو التكيف والتأقلم معها في أي مقصد!، والمقاصد السياحية التي تقوم بنسخ السياسات السياحية الأخرى، لا تستطيع التكيف والتأقلم معها، وذلك بسبب أن كل مقصد سياحي يُقّدم منتج سياحي فريد ومعروف (مثال ذلك البتراء) في السوق العالمي، هذا عدا أن نموذج الدولة في التطبيق والقائل بأن « مقاساً واحداً يناسب الجميع» في السياسة السياحية ليس دقيقا،ً ولكن يجب عدم نسيان أن هذه السياسات السياحية يجب أن تكون في حالة تغّير مستمر، وذلك لتتوافق مع السوق والاقتصاد المتغّير.
...نظرة الى أهم الأهداف الرئيسة لوضع السياسة السياحية، هو هدف ضمان وحماية المعيار الفعّال في عمليات وممارسات صناعة السياحة، والتي تطبق فيها هذه السياسة السياحية، هذا المعيار يعزز التوحيد والتوافق فيما يتعلق بالممارسات التي تستطيع زيادة الإستدامة، وتحسين شامل في نوعية المنتج السياحي، علاوة على ذلك، الإستخدام الملائم والمناسب للمصادر البيئية والبشرية يجب أن يكون في مكانة الصحيح كنتيجة لتطبيق هذه السياسة السياحية.
...وأخيراً يجب على الدولة الأردنية الحرص على أن تكون سياستها السياحية مركزّة وواضحة، وهذا نتيجته المنطقية انه سيعود عليها بخطة عمل مثالية، من خلال تعريف وتقديم الأردن كمقصد سياحي، ليس هذا فحسب، وإنما لتطوير الجانب التجاري من ناحية، والجانب الثقافي من ناحية أخرى، مما يؤدي الى جذب المستثمرين وتعزيز النمو الإقتصادي والإجتماعي بشكل أكبر. أما بالنسبة للتساؤل الذي طُرح في بداية هذه المقالة، فالإجابة عليه هي، إذا كان لدينا سياسة سياحية فهي منسوخة، وبعد النسخ الغير جيد، كان التطبيق والإخراج أسوء، واما الدليل على ذلك، فهي الحالة العامة التي تسود الاردنيون اولاً كسيّاح، ثم العاملون في القطاعات السياحية المختلفة والسخط على هذه السياسات إن وجدت ثانياً، ووزارة السياحة وما تعانيه من قصور على جميع المستويات ثالثاً، أي لا سياسة سياحية على الأرض، ولكن ممكن على الورق!!.
drfaouri@yahoo.com