الجولات الميدانية للفريق الوزاري وفي مقدمتهم رئيس الوزراء، إسلوب إدارة جيد ومطلوب في هذه الاوقات تحديدا، فالمواطن يحتاج الى ان يشعر المسؤول بمعاناته واحتياجاته، سواء بالحصول على الخدمات او انجاز المعاملات بأسرع وقت، او الاستجابة السريعة للقضايا الملّحة في المحافظات والمناطق النائية.
دعونا نتكلم بصراحة أكثر في هذا الموضوع تحديدا، ونتساءل عن النتائج والاثار التي تتركها هذه الزيارات سواء على الموظف او على المواطن ،الذي يشعر بارتياح عندما يرى المسؤول خارج مكتبه ويتواصل مع الناس؟.
ما انعكاسات هذه الزيارات الميدانية على أرض الواقع؟، وهل تحفزّ الموظف على اداء واجبه على أكمل وجه تجاه المواطن؟، ولماذا يحتاج الموظف الى ضغط المسؤول سواء كان رئيس الوزراء او الوزير، لكي يقدم ما هو مطلوب منه، وما يتقاضاه أجرا مع نهاية كل شهر من أجله؟، ولماذا لا يمارس كل موظف او موظفة مهامه المطلوبة منه في مكان عمله، سواء كان موظفا او رئيس قسم او مدير دائرة او مساعدا..الخ؟
الدافعية الذاتية، عنصر مهم لكل شخص لكي يؤدي كل ما هو مطلوب منه تجاه الاخرين، وفي علم الادارة الحديثة تبتدع المؤسسات حوافز وجوائز ومكافآت للموظف المنتج والمبدع، حتى لا يصاب بالاحباط، ويتساوى مع غيره من الموظفين الذي ارتكنوا الى الترهل والغياب والتقصير، لكن هذه الطرق يعمل بها على نطاق محدود جدا وهي غائبة عن كثير من مؤسساتنا ، بحجة الاوضاع المالية، والخسائر، والبيروقراطية احيانا، لكنها موجودة على مستوى الدولة ومعمول بها وتوزع في كل عام وتحظى بإهتمام خاص من جلالة الملك وجلالة الملكة مباشرة.
يا ترى ما الذي يدفع اربعة وزراء الى زيارة سوق الخضار المركزي وقت الفجر؟، هل هو توقيت مقصود لتغيير انماط الزيارات التي تتم عادة وقت الظهر، ام يسعى الوزراء لمعايشة الاوقات الاهم في هذا السوق، وقت التحميل والتنزيل والتوزيع، لمعاينة الوضع على طبيعته، انا متيقن من ان الوزراء سمعوا ورأوا الكثير، فالعمال والوسطاء جلّهم من العمالة الوافدة، واكتشفوا ان «سحارة» البندورة تصل السوق من المزرعة بسعر نصف دينار وتباع للمواطن بثلاثة دنانير ان لم يكن أكثر.
الصورة قد لا تكون قاتمة فيما يتعلق بأداء الموظفين في مكاتبهم، فهناك دوائر حكومية لا يتمكن موظفوها من مغادرة كراسيهم ، بحكم ضغط العمل، ومثال ذلك وليس للحصر «وزارة العمل ووزارة الصناعة والتجارة،.. وغيرها الكثير»، لكن هناك ترهل في الكثير من المؤسسات ، لانها تعاني من الترهل، وعدم وضع الموظف المناسب في المكان المناسب، والتعيينات في غير مكانها، وغيرها الكثير من الاسباب.
نحتاج الى جردة حساب ومتابعة ميدانية ، لقياس مدى نجاح الجولات الميدانية بتغيير الواقع في مؤسساتنا الخدمية، رئيس الوزراء زار مستشفيات ومؤسسات مدنية ووزارات ومحافظات، لكن هل يا ترى من ديمومة وقياس ومتابعة لنتائج هذه الزيارات، هل تم مثلا تكليف فريق حكومي بمتابعة ما اوصى به الرئيس او الوزير، إن تحقق أم لا على ارض الواقع؟ ،هل حصل التغيير المنشود، أم ان «المثالية» وترتيب الدائرة جرت قبل وأثناء الزيارة ،ولن تعود الا في زيارة قادمة؟.
الجولات الميدانية ،ضرورة ومطلب، لكنها ايضا بحاجة الى مأسسة وديمومة، فإذا لم تجد هذه الزيارات من يتابع توصياتها ونتائجها ويتحقق مما آلت اليه، فستصنف على انها لغايات اعلامية ودعائية للحكومة، وهذا لا اعتقد انه وارد في ذهن رئيس الحكومة، فهو شخص ميداني ويعمل وفق نهج علمي وإداري صحيح، فـ» اليد الواحدة لا تصفق».
Imad.mansour70@gmail.com
مواضيع ذات صلة