لا ضير بتكثيف التوجه نحو التعليم المهني والتقني ، وفق رؤية ونظرة جديدة، يقل فيها الكلام ويكثر فيها العمل، فنحن بحاجة الى الكفاءات الفنية والمهنية المحترفة، وما توجه التربية والتعليم الجديد نحو هذه التخصصات ، إلا استجابة لاحتياجات السوق الاردني والعربي من التقنيين و الحرفيين، فالمشكلة ليست اردنية فحسب، هناك نقص حاد بالعمالة الماهرة في معظم اقطار العالم العربي.
في علم الادارة، اذا أردت النجاح في تنفيذ قرار ما او سياسة جديدة ما، ينبغي عليك تهيئة كل الظروف القانونية واللوجستية لإنجاح توجهاتك، وبغير ذلك ستواجه صعوبات وتحديات كبيرة تعيق تنفيذ طموحاتك بتحقيق تغيير ما في مزاج الطلبة وأولياء الامور.
«التربية والتعليم» حاولت طرح الفكرة لكنها اصطدمت بعوائق كبيرة، أولها عدم توفر البنية التحتية في مدارسها لاستيعاب الكم الهائل من الطلبة الراغبين بالتوجه الى التعليم الاكاديمي، وثانيها، عدم توفر هيئات تدريسية مؤهلة وكافية قادرة على تقديم وتهيئة الطلبة أكاديماً ومهارياً الى سوق العمل، وآخرها وليس آخرها، النظرة المجتمعية غير الايجابية تجاه الفني او الحرفي ، بشكل عام في الاردن، وغيرها الكثير الكثير.
قبل نحو عام تقريبا، أرادت احدى الطالبات اختيار تخصص اقتصاد منزلي – قسم التجميل، لكنها لم تحظ بموافقة من مديرية التربية لعدم قبول أكثر من ثلاثين طالبة بالفرع، وعندما راجعت مديرة المدرسة ابلغتها ان التخصصات المهنية تقبل الطلبة ممن تزيد معدلاتهم على 84 بالمائة، وبالتالي، عليها الالتحاق بالفرع الذي تم اختياره لها ، وهو الفرع الادبي.
هذا مثال حيّ على ما يواجه طلبتنا اليافعين، من اعمار 15-16 عاما، الذين يسعون وراء المهنة لكن الفرص محدودة امامهم، فيلجأون اما الى التخصصات الراكدة ليزيدوا من البطالة، او يفشلون في استكمال متطلبات النجاح بالثانوية العامة، ويصبحون عُرضة للضياع والاحباط، وقلة الفرص.
الأغلبية تعلم قلة حيلة وقدرة « التربية « على استقبال الاعداد الكبيرة الراغبة بالتعليم المهني، ولا اعتقد ان الوزارة قادرة في المدى المنظور على تحقيق الاستجابة لمتطلبات السوق لوحدها، لذلك يمكن فتح المجال امام القطاع الخاص المدرسي لفتح تخصصات مهنية وحرفية، واعتقد ان القطاع الخاص قادر على الاستجابة لهذه المتطلبات ماديا وإداريا وفنيا وتوفير مشاغل حديثة، وبوقت قياسي، والدليل النجاح في تخصص علم الحاسوب الذي تم الغاؤه بعد تشبع السوق المحلي والعربي من المبرمجين الاردنيين المشهود لهم بالكفاءة والبنان.
هل نحتاج الى مديرية مستقلة للتعليم المهني ؟ نعم نحتاج اليها، والافضل ان نصل الى وزارة التعليم المهني والتقني، فالتقني في الدول الصناعية كألمانيا مثلا، لا يجوز ان يعمل مهنيا الا اذا حصل على إجازة اختصاص، وقد لا يمنح رخصة قيادة اذا كان ممن لا يحمل شهادة مهنية، وقبل كل ذلك، قوننة التعليم المهني والايمان به، في العالم، وليس هناك ضير من تخصيص يوم للاحتفال بالتعليم المهني على مستوى الوطن.
قضية التعليم المهني والتقني، مطروحة على استحياء، رجل ورا ورجل قدام، ما نحتاجه رؤية ونظرة متمكنة تضع النقاط فوق الحروف، وتخلق واقعا جديدا، بدلا من خيبات الامل وحالات الرسوب الجماعي التي تصدم اولياء امور الطلبة في كل صيف.
Imad.mansour70@gmail.com
مواضيع ذات صلة