العتبة الأولى من عتبات المستقبل... مرحلة الثانوية العامة طموح كبير وأمال معقودة، ولكن العائق الأكبر الذي يؤرقني هو قواعد اللغة العربية، حيث واجهت صعوبة بالغة في استيعابها على مدى سنوات الدراسة.
انتظمت الدراسة وكنت على موعد مع الحصة الأولى لتلك المادة، فإذا بمعلم أراه لأول مرة يتقدم بخطى رشيقة واثقة وابتسامة عريضة على محياه، ... مهلا، ولكن أيبتسم المعلم؟ عذرا فلم اعتد هذا السلوك من قبل، وجدتني أتابعه بنظري وكلي أمل أن تكون غرفة صفي هي وجهته حتى وصل إلينا، وبادرنا بالتحية السلام عليكم يا أبنائي !، ... لا تتعجبوا كما فعلت فلم يكن سوى نحن في غرفة الصف انه يخاطبنا نحن بالتأكيد بأبنائه، ثم تقدم إلى المكتب الخاص بالمعلم واضعا مجموعة من الأوراق التي احضرها معه، والتفت ألينا مرة أخرى ولازلت تلك الابتسامة الرائعة ترافقه وهو يتحدث ألينا معرفا على نفسه أنا المعلم عبدالله أبو رحمة معلم مادة اللغة العربية ومازال يحاورنا ليتعرف ألينا حتى قرع جرس الحصة، انقضت سريعا غادرنا مبتسما وقد زرع في نفسي شوقا غير مسبوق للحصة القادمة، وفي الحصة التالية بدأ عملية التدريس بأسلوب متميز حوار، وتساؤلات، شرح مبسط ممتع ... هل تغيرت قواعد اللغة العربية ؟ لم ولن تتغير فالفاعل لازال فاعلا والاسم اسما ولكن اثر الأستاذ عبدالله كان واضحا من خلال استيعابي ولأول مرة لتلك المادة، وحين وجد لدي وبعض زملائي تعثرا في إحدى الجزئيات تطوع للحضور صباحا قبل الحصة الأولى بساعة لشرح ما يصعب علينا لم تكن معه عصا سحرية لتغيير الواقع ولكن إيمانه برسالته وثقته بنفسه وتفاعله الايجابي مع قدراتنا مهدت له الطريق لتحقيق ما يصبو ونصبوا إليه، انه معلمي.
معلمي الفاضل شاء الله وبعد سنوات أن التقيك مصادفة وإذا بي اسكن وأنت في مدينة اربد ولازالت تلك الابتسامة على محياك، كل عيد معلم وأنت بخير وجزاك الله عني خير الجزاء فانا لم أتعلم منك قواعد اللغة العربية فقط ولكن تعلمت قواعد أخرى لا تقل أهمية، أولها اثر الابتسامة وأهميتها الايجابية في التفاعل مع الطلاب والاهم من كل ذلك معلمي الفاضل تعلمت منك كيف أصبح معلما.
* مدرسة وصفي التل الثانوية الشاملة/ اربد الاولى
الفائز بجائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميز