توجيه الملك للاستفادة من مقومات الكرك السياحية منطلق لتنميتها
مئات المواقع الاثرية كنوز تنتظر توظيفا لتنويع منتج المحافظة السياحي
تاريخ النشر :
الثلاثاء
08:40 2021-9-21
آخر تعديل :
الثلاثاء
08:45 2021-9-21
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
الكرك – نسرين الضمور
تلمس جلالة الملك عبد الله الثاني في زيارته الاخيرة لمحافظة الكرك واقعها الاقتصادي الهش فاشار جلالته الى المقوم الابرز لاحداث تنمية حقيقية في المحافظة وهو قطاع السياحة في المحافظة ففي رؤيا جلالته فانه المقوم الاكثر مدعاة ان توفرت لهما الاسباب لاحداث التنمية المستدامة ، من هنا وجه جلالته الحكومة والقطاع الخاص لتعظيم هذا المقوم بما يصل به للمستوى الذي يجعل منهما عاملا اساسيا في تطوير محافظة الكرك وانعاش اقتصادياتها لتوفير سبل العيش الكريم لمواطنيها في مواجهة ظاهرتي البطالة والفقر المستشريتين في مختلف مناطقها .
وبراي مهتمين بالشان التنموي في المحافظة ان الاهتمام الحكومي بقطاع السياحي فيها لم يرتق للمستوى المنشود بدء بمدينة الكرك القديمة ومرورا بكافة المواقع الاثرية اللافتة المنتشرة في عموم مناطق المحافظة فانى توجهت في ارجاء المحافظة وسطا شرقا جنوبا غربا وشمالا استنادا لما ورد عن مؤرخين ورحالة غربيون وشرقيون زاروا الكرك ذات زمن فثمة شواهد لأثار وأوابد تتحدث عن حياة مزدهرة سادت عبر العديد من الحقب التاريخية هذه الامكنة هي ارث لامم شتى اسست فيها لحضارات ملفتة ذات تاريخ .
ويلفت المهتمون الى ان السياحة الاثرية ليست هي الوحيدة الجاذبه بالكرك ، فالمنتج السياحي في المحافظة متنوع انطلاقا من السياحة الدينية التي اسست لها معركة مؤته الشهيرة فيقف موقع مشهد المعركة في بلدة مؤته ومقامات الصحابة من شهداء المعركة في بلدة المزار الجنوبي كمؤشر حافز لتلك السياحة ، كما هناك السياحة العلاجية بوجود العديد من الحمامات المعدينة للاستشفاء ، وايضا ثراء تضاريس المحافظة بمواقع رياضات المغامرة ، كل مايحتاجه الامر براي عارفين بالشان السياحي هو ابراز مكنونات المحافظة السياحية وتطويرها وتسويقها محليا وخارجيا كمنتج سياحي متميز يغري بزيارته والتمتع بجمالياته .
وقال رئيس ملتقى الكرك للفعاليات الشعبية خالد الضمور تحتضن محافظة الكرك مواقع اثرية تعود لحقب تاريخية عديده فقد مرت عليها امم واقوام وترك كل منها مخلفا اثريا مهما ، ومدينة الكرك ببعدها التاريخي الممتد منذ العام 1200 قبل الميلاد لتكون قلعتها الشهيرة واحدة من اميز اماكن المحافظة الاثرية.
وزاد الضمور فبخلاف القلعة التي بناها الملك المؤابي ميشع في العام 850 قبل الميلاد ومامر عليها تاليا من اقوام متعددو الاعراق فهناك العديد من المقامات الدينية في مدينة الكرك كمقامي الخضر والنبي نوح ، اما شرقا فهناك اثار منطقة القطرانه واميز معالمها الاثرية القلعة المحاذية للطريق الصحراوي المار ببلدة القطرانه ، وهناك ايضا قصر ابو الخرز الواقع في الجھة الغربیة من البلدة ،وجنوبا هناك في منطقة لواء المزار الجنوبي يوجد مشهد معركة مؤتة التي وقعت بين المسلمين والروم وهي المعركة الاولى في التاريخ الاسلامي اضافة لمقامات القادة الذين استشهدوا في هذه المعركة ، وفي مدينة المزار حاضرة اللواء المتحف الاسلامي وهو اول متحف اسلامي في المملكة فاثار بلدة محي التي كشف عنها عام 1971 وتحوي مقبرة بيزنطية وغير ذلك من المتبقيات الاثرية الملفتة ، ويوجد في منطقة ذات راس معبد روماني لازالت بعض معالمه ماثلة للان .
وفي اغور الكرك الكثير من المعالم الاثرية اللافتة منها المقبرة البيزنطية الضخمة اضافة لموقع كهف لوط الذي عاش فيه سيدنا لوط قبل زهاء خمسة الاف عام ، وكذلك موقع طواحين السكر التي كان يستخلص فيها السكر من قصب السكر وكان يصدر في حينها الى بعض مناطق العالم ،وشمالا في لواء القصر اثار تعود للحقبة الرومانية ولازالت معالم هذه الاثار الواقعة على الشارع الرئيسي المنصف لبلدة الربه قائمة حتى اليوم ، وفي الشمال ايضا موقع البالوع وفيه بقايا قلعة مؤابية ، فيما لازالت شواهد لقصر ضخم في بلدة القصر حيث سميت البلدة باسمه .
واضاف الضمور انه برغم ثراء محافظة الكرك الاثري وتفردها فان هذه الاثار لم تنل الاهتمام اللازم من وزارة السياحة ليبقى الشعار الذي رفعته الوزارة منذ سنين " الكرك مقرا لاممرا للسياح" شعارا دون تطبيق وكل مافيها سياحة عبور لم تنتج اثرا يذكر في البعدين الاجتماعي والاقتصادي ، فباستثناء الاعمال التي لم ترتق للمستوى المطلوب لصيانة وتطوير قلعة الكرك فان بقية المواقع الاثرية التي يقدرها عددها بزها 4000 موقع اثر تعاني اهمالا شديدا فهي شبه مهجورة وايلة للاندثار وكان الاولى بوزارة السياحة صيانة هذه المواقع والارتقاء بها ووضعها على خريطة الاردن السياحية لتوجيه السياح الاجانب القادمين للمملكة اليه كمنتج سياحي مهم ،بل حتى مدينة الكرك القديمة كما قال الضمور غادرتها الدوائر والمؤسسات الحكومية وهجرها اكثر سكانها لمناطق امتداد المدينة الجديدة لتبدو هذه المدينة شبه مهجورة الا من اسر اكثرها غير مقتدره وعمال وافدون لتبدو المدينة خالية من الحياة عند حلول ساعات المساء ، ويامل اهل الكرك ان تعطى هذه المدينة العريقة الاهتمام الذي يتناسب وبعدها التاريخي والحضاري ما يؤهلها لتصنف ضمن مدن التراث العالمي .
واشار الضمور الى ان ابناء مدینة الكرك يتطلعون للنهوض بمدينتهم من جديد لاخراجها من الحالة التي وصلت اليها وتاهيلها لتكون مدينة سياحية وذلك بعد اجراء دراسة شاملة تبدا من استملاك المباني المهجورة في المدينة وجعلها مرافق عامة اضافة لتشجيع سكان المدينة الذين هجروها للعودة اليها من خلال اعطائهم تسهيلات لاقامة مشاريع سياحية وكذلك محلات للترفيه كالمقاهي والمطاعم والكوفيشوبات ، ولفت ايضا الى ضرورة اعادة المركز الامني الذي الغي وسط المدينة ومركز صحي متكامل الاختصاصات الطبية والعلاجية ، واعادة الحياة لمتحف المدينة الاثري وتفعيل متحف الحياة الشعبية الذي اقامته بلدية الكرك .
ويقول رئيس مؤسسة اعمار لواء المزار ونائب رئيس مؤسسة اعمار الكرك حسين الطراونه ان مدينة الكرك التاريخية مهمشة منذ عقود عديدة فهجرها سكانها الأصليون وباتت اكثر مساكنها خرابا داعيا لتوفير متطلبات لاعادة الاعتبار للمدينة بعمل المزيد لتحسين واقع ومرافق القلعة ورفدها بالخدمات التي تعين زائريها من السواح الاجانب ومن الزوار المحليين ، مع ضرورة وجود استراحة لاستقبال السواح وارشادهم اضافة لتحويل المبنى المملوك لمؤسسة الضمان الاجتماعي المهجور حاليا بجعلة بازارا دائما للجمعيات المصنعة للمنتج التراثي الكركي ، كما اشار لضرورة تطوير بركة ميشع الموجودة غرب المدينة والتي كانت مستخدمة كموقف للباصات والتي بدات وزارة السياحة بالتعاون مع مجلس محافظ الكرك مشروعا سياحيا متكاملا فيها باسم بوابة الكرك والذي توقف العمل فيه وهناك اشاعات عن وقفه لعدم توفر المخصصات المالية .
واشار الطراونة لمشروع الكرك السياحي الثالث الذي لم ينجز كما خطط له وتم اختزاله بشكل شوه صورته الحقيقية بحيث تم تسليمه للبلدية مبتورا وغير مكتمل وهو مهمل الان واندثر الكثير من مكوناته وكان تم الاتفاق بين وزارة السياحة وبلدية الكرك لتشكيل لجنة لادارته الا ان هذا القرار ظل حبرا على ورق، ودعا الطراونه الى عمل خارطة سياحية دقيقة وشاملة لترويج السياحة في مدينة الكرك والترويج لمنتجات التراثي الكركي ، لافتا لاهمية تفعيل طريق تراجان( الطريق الملوكي) الذي يعود للعام ١٥٠ ميلادي اذ ينطلق من بصرى الشام ولغاية مدينة العقبة ويمر في الوية ( القصر) و ( قصبة الكرك ) و ( المزار الجنوبي ) وهو طريق حيوي تقع على جانبية العديد من المواقع السياحية والاثرية تتميز بعراقتها التاريخية ليعتمد هذا الطريق كمنفذ سياحي وحيد يربط شمال المملكة بجنوبها ، مقترحا اضافة الكرك الى مناطق المثلث الذهبي الذي يضم العقبه ووادي رم والبتراء.
وطالب الطراونه بتشكل لجنة ملكية متخصصة لتطوير مدينة الكرك والحفاظ على قيمتها التاريخية والحضارية ليعود لها ألقها التاريخي منذ عهد المؤابيين قبل الاف السنوات ، وبان تكون هناك قاعدة بيانات واقعية عن القطاع السياحي في المحافظة واعداد افلام وثائقية حول تاريخ المدينه وايجاد موقع الكتروني يكمن من خلاله الترويج سياحيا لمحافظة الكرك خارجيا ، وكذلك استضافة المؤتمرات والمعارض الاقليمية والدولية التي تقام في المملكة ليكون لمحافظة الكرك نصيب منها ، واشار الطراونه لضرورة عمل خارطة مسار سياحي ضمن مدينة الكرك القديمة بما يمكن الافواج السياحية من الوصول للقلعة سيرا على الاقدام ما يمكنهم من التعرف على الواقع الاجتماعي المعاش في المدينة ، كما طالب باعادة تاهيل الابنية القديمة وسط المدينة لتكون نزلات للسياح .
وأشار الطراونه ايضا لاهمية استثمار قلعة القطرانه الاثرية بايجاد متحف للحياة الصحراوية فيها مع اقامة مضمار لسباق الهجن والخيل داعيا للاسراع في انجاز مشروع بانوراما معركة مؤتة واعادة تاهيل الطرق المؤدية للمواقع الاثرية والسياحية وانشاء مكتبة تراثية ، وايضا اكد الحاجة الى الاهتمام بغابة اليوبيل لتكون منتجعا سياحيا وطنيا وكذلك ترميم الابنية القديمة في قرية بذان وبردى وغيرها من قرى المحافظة بما يجعل من هذه القرى قرى ريفية نموذجية .
ووفق مستثمرين سياحيين في الكرك فان الحركة السياحية لم تعط الاهتمام الكاف رغم انها كما قالوا انطلقت تدريجيا في نهاية ثمانينات القرن الماضي وفيها من المقومات السياحية خاصة في شقها الاثري مكنوزات ملفتة ومع هذا كله لم تحظ الكرك باهتمام يذكر من قبل وزارة السياحة على مدى عقود خلت، فباستثناء الاهتمام غير المقنع بقلعة الكرك فلازال ينقصها الكثير فيما ماتبقى من مواقع اثرية شبه مهملة حتى لاذكر لها تقريبا على خريطة الوطن السياحية .
ويرى المستثمرون انه لو اعطيت السياحة في الكرك نصيبا من الرعايه لتطوير كافة مواقعها السياحية التي تعد بالالاف وتسويقها عالميا لكان ذلك سبيلا لانعاش اقتصاديات الكرك ولاتاحة فرص عمل لمئات العاطلين عن العمل ولرتات جانبا من ظاهرة الفقر المتفشية بشكل ملفت ، ولفت المستثمرون الى الواقع الذي وصلت اليه مدينة الكرك بكل بهائها التاريخي الممتد لالاف الاعوام ، وقالوا انها تعاني من الاهمال فالفوضى المرورية تحد من حركة الحافلات التي تقل السياح الاجانب اليها ليكتفي القادمون للكرك منهم الى التقاط صور للقلعة عن بعد ،هذا الحال بحسب المستثمرين جعل الكثير من المكاتب السياحية لاتورد الكرك ضمن برامجها .
واضافوا بل حتى المشروع السياحي الثالث الذي اقيم وسط مدينة الكرك القديمة لتأهيلها كمدينة سياحية صرفه لم يوظف واعتراه الاهمال منذ انتهاء العمل به قبل بضع سنوات ، وقالوا كان لهذا المشروع بمكوناته الراقية لو استثمر بشكل حق وحولت تجارته الى تجارة تعنى بتوفير اماكن الترفيه وسوقا مفتوحة لعرض المنتجات الشعبية التي تبرز التراث الكركي وتعكس طبيعة حياة الكركيين الاجتماعية عبر العصور ، ومنتج كهذا وفق المستثمرين هو مايشد السائح الاجنبي لمعرفته والوقوف عليه .
بخلاف ماسبق من ذكر للمقومات السياحية في منطقة الكرك والمدينة القديمة تحديدا فيقترح المستثمرون ان يصار الى اعادة تنظيم شوارع المدينة وتجميلها ومنع دخول السيارات اليها لتكون للمشاة فقط وازالة المعيقات من البسطات وسواها التي تحد من حركة المرور وتعرقل وصول الحافلات السياحية الى القلعة ، كما اشاروا لضرورة صيانة المباني التراثية في المدينة والمسجلة لدى وزارة السياحة وعددها ١٦٨ بيتا تراثيا ، واقترحوا كذلك انشاء معهد للتدريب على مزاولة الحرف اليدوية التي تنفع السائح والمواطن المحلي معا اضافة لاقامة كلية فندقيه تخدم كافة مناطق جنوب المملكة تعلم فن الضيافه والاستقبال والطهي بمستوى عال ، وايضا لتعليم اللغات لتوفير كادر من الادلاء السياحين ، وطالبوا كذلك في السياق بايجاد معهد لتعليم الموسيقى لتاهيل مغنين وعازفين وفرق فنية لعرض التراث الكركي المغنى معتبرين هذا منتج اخر يهم السائح الاجنبي سماعه ومشاهدته ، فيما هناك ضرورة قال المستثمرون السياحيون لايجاد مكتب يعني بالشان السياحي في مدينة الكرك بهدف الاشراف المباشر لضبط الاداء السياحي والحيلولة دون الاخلال به .
وتعد المواقع الدينية في محافظة الكرك مناطق جذب سياحي مهمة ينبغي كما يطالب مواطنون بتطويرها وتسويقها محليا وخارجيا ، اذ تؤكد العديد من المصادر التاريخية والأثرية وجود عدد كبير من المزارات في المحافظة الكرك التي لم تقرأ بعد قراءة دينية ولم تكشف كنوزها إلى الان غير أضرحة الصحابة ولابد من وضعها على خارطة الترويج السياحي الديني لاهميتها وبما يبرزها كمنتج يثري المرود السياحي .
ومن المواقع الدينية التي تزخر بها المحافظة موقع ضريح يوشع بن نون في بلدة صرفا شمال المحافظة وجبل شيحان الذي أتخذ مزارا ومسجد سليمان في وادي بن حماد ،و في بلدة الربة يوجد مقام صاحب المذهب الزيدي زين العابدين والذي يوثق بخط النسخ الذي يعود الى عهد الخليفة العثماني سليمان القانوني ومن المقامات الأخرى في هضبة الكرك مقام الخضر إضافة إلى مقام سيدنا نوح.
ويشير باحثون لضرورة العنايه بتلك المواقع وتطويرها لخدمة السياحة الدينية باجراء دراسات ميدانية ونقشية لهذه الاثار وترميمها وتحسين بنيتها الفوقية اضافة عدم اقتصار الاهتمام على زيارة الاماكن الدينية بالتركيز على النواحي التراثية والثقافية والحضارية بما يقدم للسياح محتوى ثقافي مميز تكون الغاية منه إنمائية للقطاع السياحي من جهة وللتنمية الشاملة من جهة أخرى، كما دعوا الى احياء الدروب الاثرية التي كانت مكرسة لاستخدامات الحجاج مع كل ما كان عليها من برك وآبار وخانات وشواهد واعلام ومحاولة محاكاة طرازها القديم واشكالها التاريخية مما يعزز الثقافة السياحية اطار مبرمج ومدروس كتنظيم احتفالات تتناسب وطبيعة المجموعة السياحية في المواسم والاعياد الدينية المختلفة