عمان - الرأي - وضع الاتحاد العربي للكيميائيين خريطة استثمارية للوطن العربي في مجال الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية عرض فيها لأكثر من 150 مشروعاً استثمارياً في كل أنحاء العالم العربي، آخذاً في الاعتبار توافر المواد الأولية والعمالة المدرّبة، والإدارة الجيدة والتكنولوجيات على طول المساحة الجغرافية العربية. ورغم دخول العديد من الدول العربية في مجال الصناعات الكيميائية منذ سنوات طويلة، إلا أن التكامل الصناعي العربي في هذا المجال لا يزال تعترضه العديد من المشكلات والعراقيل التي يسعى الاتحاد بالتعاون مع الاتحاد العربي للصناعات الكيميائية والبتر وكيميائية إلى تذليلها من خلال تقريب وجهات النظر بين الحكومات العربية لتسهيل تبادل رأس المال والمعلومات والخبرات والخامات والمواد الأولية، وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
وتأتي دول الخليج العربي والعراق والسعودية في مقدمة الدول العربية التي وضعت استراتيجيات لهذه الصناعات وحققت نتائج ممتازة، في حين دخلت حديثا إلى هذا الميدان كل من قطر، البحرين والكويت. ويرتبط تطوّر الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية في هذه البلدان بتوافر المواد الأولية بكثرة فيها إضافة إلى كونها أسست قاعدة فنية وعلمية وتكنولوجية مؤلفة من كوادر متخصصة في الجامعات أو عبر برامج تعليم في دول متقدمة تكنولوجياً في هذا المجال. وتتركز الصناعات التحويلية الرائدة، في دول الشرق الأوسط كلبنان وسوريا والعراق والأردن والكويت والسعودية، وفي دول إفريقيا كمصر والجزائر. أما ليبيا فلا تزال في بداية الطريق. وهناك بلدان عربية مثل السودان، جيبوتي وموريتانيا واليمن غنية بالمواد الأولية والخامات لكنها تفتقر إلى الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية.
وطبقا لتقرير أعده اتحاد الكيميائيين العرب حول هذه المشكلات، فإن المجلس الاعلي للاتحاد وضع خطة ترتكز على تطوير قوانين مزاولة مهنة الكيمياء في البلدان العربية وتحسين أوضاع المختبرات في العالم العربي من خلال عمل مشترك لتصبح متخصصة في صناعات معينة فتوفر مجالات للتعاون في التحاليل الكيميائية بين الدول العربية وذلك عبر اعتماد طرق تحليل حديثة، وأجهزة متطورة تكنولوجياً، وتدريب العناصر البشرية. ودعا التقرير إلى قيام بعض الدول العربية القادرة مادياً مثل المملكة العربية السعودية ودول الخليج وبعض بلدان شمال إفريقيا الى تمويل مشروع إنشاء مركز للمعلومات عن المواد الأولية للصناعات الكيميائية والبتروكيميائية بهدف تطويرها.
وأشار التقرير إلى أن المواد الأولية الأساسية التي تدخل في الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية هي الخامات الفنية في الدول العربية وهي: النفط والغاز والكبريت والفوسفات وكاربونات الكالسيوم، كما تتوافر خامات الفوسفات التي تعد ثروة تضاهي البترول في كل من مصر والسعودية والمغرب والأردن وتونس وسوريا والنقب، بالإضافة إلى وجود مواد كيميائية أساسية يتم تصنيعها لتدخل في صناعات كيميائية أخري مثل (الصودا الكاوية) التي تدخل في صناعة الصابون والمنظفات والعطور، وحامض الكلوريد و(حامض الكبريتيك) اللذين يدخلان في صناعات مختلفة. بينما تنتشر صناعة (الصودا الكاوية) في مصر والسعودية والكويت وليبيا، فيما توجد صناعة الفوسفات في تونس والمغرب، حيث تنافس الصناعات التونسية في هذا المجال الصناعات الأوروبية.
وتعد السعودية عملاقة في مجال الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية، نظراً لاعتماد مصانعها على الدراسات العلمية المفصلة والتكنولوجيا المتقدمة، كما أنها تستعين بفريق عمل يتميز بخبرة وكفاءة عاليتين لإنتاج صناعات ذات جودة عالية تضاهي الأسواق الأوروبية، حيث تأتي في مقدمة أهم الصناعات في السعودية في هذا المجال البلاستيك وصناعة المنظفات وحفاضات الأطفال التي تفوق بنوعيتها وجودتها الصناعات الأوروبية نتيجة الرقابة المشددة التي تفرضها المصانع السعودية، إلى جانب التفوق التكنولوجي. ويؤكد التقرير أنه إذا تعاونت الصناعات السورية والعراقية والأردنية واللبنانية أمكن إنتاج سلع ذات جودة عالية وبأسعار منافسة، وذلك عبر تبادل الخبرات، وعزم أصحاب رؤوس الأموال والمصانع في هذه الدول على التكامل وعدم التنافس بشكل غير مفيد، ضمن استراتيجية متكاملة مع بقية البلدان العربية. وقد قدّم الاتحاد مشروعاً إلى مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لاتخاذ قرار موحد من قبل الجامعة العربية لتسهيل الحكومات العربية عملية نقل رأس المال والخبرات والتكنولوجيا بين الدول العربية كافة بهدف إيجاد قاعدة لتكامل صناعي اقتصادي عربي وصياغة برامج لدعم التنمية الاقتصادية العربية ومواجهة تحديات العولمة والتكتلات الاقتصادية الدولية والعالمية.
وأوضح التقرير أنه في حالة تم تنفيذ الخطط التي وضعها الاتحاد في إطار خطة خمسية أو عشرية، فمن المتوقع أن تحقق الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية نحو 45% من الدخل القومي العربي. وأكد التقرير على أهمية إصدار قانون عربي موحد لمزاولة مهنة الكيمياء، يتناسب مع الأنظمة العربية ويأتي ضمن الخطوط العريضة للاتحاد، وذلك بهدف حل العديد من المشكلات التي يعاني منها الكيميائيون. ويقترح التقرير قيام الخبراء الكيميائيين بالتخطيط ووضع الابتكارات الممكنة بين الدول العربية، والتنسيق مع الدول القادرة مادياً لتنفيذها بهدف تطوير الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية،مع التركيز على تدريب العمال في المصانع وتطوير طرق التصنيع عبر الإفادة من خبرات المصانع الأوروبية، و استثمار الثروات الهائلة من المواد الخام في الدول العربية، حيث لم يتم الاستفادة مثلا من خامات الفوسفات في العالم العربي حتي الآن، رغم أن الطن الواحد منها يباع في حدود 60 دولاراً، في الوقت الذي يشتريه الأوروبيون كمواد خام ثم يعيدون تحويله لبيعه في الدول العربية بسعر يقارب 800 دولار للطن الواحد.