خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

«شهرزاد» جمال أبو حمدان.. دراما جماعية تقرأ الماضي بعيون الحاضر

«شهرزاد» جمال أبو حمدان.. دراما جماعية تقرأ الماضي بعيون الحاضر

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

نزيه ابو نضال - يعكس المسلسل الأردني «شهرزاد» ما سبق وأكدناه مراراً بأن امتياز الدراما الاردنية إنما تتجلى اساساً بطابعها العروبي، وذلك بدلالتين:
الأولى: لجهة المواضيع التي تختارها، وهي ذات طابع تراثي أو تاريخي أو حتى بطابعها البدوي الذي يعكس سمة عامة، لا تزال موجودة في مختلف أنحاء الوطن العربي.
واذا ماتأملنا أسماء أبرز الأعمال الدرامية الأردنية فسنجدها على صلة وثيقة بهذه السمات العروبية.. حيث تابعنا سابقاً لجمال أبو حمدان، وهو كاتب «شهرزاد»، مسلسلات «ذي قار»، «الحجاج»، «امرؤ القيس»، «زمان الوصل»، ونجد لوليد سيف «الصعود الى القمة» (عن الاندلس)، «شجرة الدر»، «عنترة»، «صلاح الدين الايوبي»، «صقر قريش»، «التغريبة الفلسطينية». ولمحمود الزيودي، الى جانب مسلسلاته البدوية، «الانباط»، «السيف والغمد»، «عبد الملك بن مروان»، «الدومة الهلالية».. الخ..
الثانية: لجهة الكادر الفني القائم على التنفيذ العملي.. حيث نجد المؤلف (جمال أبو حمدان) من الاردن، والمخرج (شوقي الماجري) من تونس، وجهة الانتاج (عدنان العواملة) من الاردن، ولصالح تلفزيون قطر.. فيما نجد بطولة العمل يتقاسمه نجوم عرب مثل: (سولاف فواخرجي، جهاد سعد، منى واصف) من سوريا و(نادرة عمران،هشام هنيدي، قمر الصفدي وعاكف نجم، رشيد ملحس، وعبد الكريم القواسمي، وائل نجم) من الاردن.
* * *
في مسلسل «شهرزاد» او الليلة الأخيرة (الثانية بعد الألف) يذهب جمال أبو حمدان الى الماضي كي يؤشر الى الحاضر، ويدلنا على المستقبل.. فهو بالطبع ليس مسكوناً بحكايا السندباد وعفاريت الجان وحكاية المارد الذي يخرج من مصباح علاء الدين، انه مسكون، من خلال حكاية «شهرزاد» الاخيرة، بالمخاطر التي تحيق بالوطن، من الداخل والخارج، وهي تنبه، مثل زرقاء اليمامة الى الغزاة القادمين والمتخفين بأغصان الشجر فتصرخ: ها هم الاعداء يتقدمون على هيئة غابة تزحف نحونا.. فيسخر قومها منها.. فيحتل العدو الوطن ويسمل عيني زرقاء اليمامة.. فلا يجوز ان تبقى امرأة ترى ما هو ابعد، وتمتلك بصيرة تنبه لما هو آت.
وها هي «شهرزاد»، مثل زرقاء اليمامة، تنبه شهريار الى الخطر الداهم الذي الذي يحيق بالوطن( كرمان) على يد الأخ الطامع شهرمان، وهذا ما سبق ونبه شهريار له الوزير ريان (والد شهرزاد) فكان جزاؤه الطرد من القصر، وها هي «شهرزاد» تعاود الكرة، رغم ان العقاب سيكون هذه المرة، رعب انتظار قطع الرأس كل ليلة، على يد مسرور السياف، فيكون أن تتكرر اللازمة:
«يكتمل القمر بدراً..ثم يغيب.. وتنقضي الف ليلة وليلة، بين السيف والعنق.. وأبقى أنا «شهرزاد» حية، لأروي في الليلة الثانية بعد الالف.. الحكاية الاخيرة».
لقد تكاملت مقاصد هذه القراءة الراهنية للتراث التاريخي مع نص (حمداني) متميز ومنحاز دائماً للتقدم وللمرأة/ الخصب والتجدد والحياة، وقريباً دائماً من الحياة حيث ابتعد، كما قال صاحبه عن الخيالية الفانتازية في حكايات ألف ليلة وليلة التي ترويها «شهرزاد» لشهريار للتركيز على حكايتهما هما، حيث تناولها عبر مفهوم علاقة الرجل بالمرأة والسلطان بشعبه.
 إن «شهرزاد» عبر هذا العمل تنفذ من المحنة التي يواجهها شهريار كرجل وكسلطان الى المحنة التي تواجهها السلطنة بكاملة ومن ضمنها السلطان شهريار.
أما «شهرزاد» التي كانت قريبة من الناس، وتمثل ضمير شعبها وتحصن نفسها بالمعرفة، فقد عزمت، بعد سلسلة من مآس وفواجع قتل العذارى، وبعد هرب معظم اهالي السلطنة ببناتهم، على أن تقدم نفسها عروسا للسلطان شهريار وهي تحمل في وجدانها يقينا بأنها قادرة على ان تخلص السلطان من محنته، وتخلص في ذات الوقت أهل السلطنة من كابوس الرعب الذي يعيشونه، وعبرت عن هذا الرعب باقتدار فتنة، أم شهرزاد (قمر الصفدي) وهي تتمنى الخلاص من عذاب الانتظار حتى بموت عاجل لابنتها!
والى جانب نص أبو حمدان المليء بالايحاءات والرموز هناك رؤيا اخراجية (ماجرية) متميزة تعلن بوضوح أنها قد استوحت العمل أساساً من فكرة العلاقة بين شهرزاد وشهريار، وهي الفكرة المبسطة في ألف ليلة وليلة، ولكن ليشحنها بعد ذلك بعمل درامي كبير يتناول العديد من القضايا التي ما تزال حية في التاريخ، وما زالت ماثلة في الواقع الراهن الذي نعيشه، دولاً وشعوباً عبر التحديات المماثلة.
وحتى المنتج طلال العواملة لا يخفي مقاصد العمل حيث يقول: «إن معالجة الواقع الذي تمر به الأمة العربية، واجب يلزمنا به الأمل في السعي إلى غد أفضل وذلك عبر الوسيلة الإعلامية الفنية الأكثر تأثيراً وانتشارا»، يقصد الدراما التلفزيونية.. إذ  يبرز مسلسل (شهرزاد) حال الحاكم شهريار، الذي يواجه مؤامرات داخلية من المقربين  للاستيلاء على السلطة، لمصلحة اخيه الطامع شهرمان، لضمها إلى مملكته.
وتسعى شهرزاد من خلال حكاياتها الرمزية شديدة المباشرة والوضوح الى تنبيه شهريار وتحريضه لمواجهة التحديات، بدل الخضوع والاستسلام لها، وأن يسعى الى رأب الشرخ الذي يتسع بينه وبين شعبه، بسبب ظلمه وقهره لهم، وإرهاقهم بالضرائب، ولكنه بدل ذلك يتوارى مع جواريه وحكاياته خلف أسوار قصره العالية.
وعلى الصعيد الشخصي، يواجه شهريار، كما يقول العواملة «محنة علاقته بالمرأة وخاصة علاقته بزوجته، وجواريه و بأمه السلطانة، إلى أن يبلغ به الأمر، إلى قتل زوجته».
 وبهذا فالعمل الدرامي يذهب الى تفسير مختلف عن الحكاية الشهرزادية القديمة عن دوافع الشك، وحكاية خيانة الزوجة مع العبد، وترى أن سلوك شهريار انما هو لتغطية عجزه في علاقته بزوجته، وكأنه ينتقم، بسبب عنته السياسية والعضوية من النساء جميعاً، وهنا نفهم لماذا استنّ سنة جديدة، يتزوج فيهـا عذارى ويقتلهـن بعـد ليلة الزفاف.. انه يستعيض بذكورة السرير باستباحة بكارة العذراوات عن رجولة مفقودة في الواقع لمواجهة التحديات الحقيقية التي يمثلها الاعداء الطامعون.. وهنا يبدأ دفاع المرأة عن نفسها ضد هذا القتل اليومي.. فتهرب زمرد فيما تتقدم شهرزاد.. لتقول: لكل طريقته في الخلاص او النجاة.
ولكن شهرزاد المؤمنة بقدرتها على تغيير حالة السلطان بحكمتها وحكاياتها، فلم تكن تسعى لخلاصها هي بل سعت لخلاص وطنها، أو أن تفتديه بنفسها، فيكون لها ما ارادت. ولكن ليس بدون الكثير من المعاناة والرعب، على حافة الموت  وتحت حد السكين.
ويبدو أن روح النص الدرامي وفلسفته قد تشربه أقطاب العمل، وفي مقدمتهم الممثلة المتألقة سولاف فواخرجي التي أدت دور شهرزاد، بالغ الصعوبة والتعقيد، حيث تقول بأنها ومن خلال شخصية «شهرزاد» وأجواء ألف ليلة وليلة، ستسعى إلى عصرنة الفكرة لتناقش قضايا متعلقة بالمشاكل النفسية والاجتماعية ومسائل على علاقة بالمرأة. وذلك في إطار توليفة درامية جديدة، حيث «إن هذه الشخصية، المعقدة والمركبة في آن معاً، سكنت مخيلتي، وقدمتها بعيداً عن الحكاية، لكن بصورتها وبعدها السياسي والاجتماعي».
لقد تمكن جمال أبو حمدان وكادر العمل الدرامي من صياغة ملحمة شهرزادية جديدة تتداخل فيها الحكايات وتتوالد، كما في الف ليلة وليلة غير أنه/ انهم انما كانوا يروون حكايات الماضي من اجل المستقبل. وقد لعبت لغة جمال أبو حمدان بحساسيتها المتألقة على شحن المشاهد الدرامية بحضور حي يعاين ويعايش زماننا.. مما أسهم بجعل التراث راهناً. 
 جدير بالذكر أنه قد تم تصوير المسلسل بين صخور البتراء الملونة في جنوب الأردن، مما اعطى المشاهد شاعرية تاريخية وبعداً جمالياً..
 وقد أعد الموسيقى التصويرية للعمل طلال أبو الراغب.. فيما أدت بعض اغانيه الفنانة نادرة عمران. والمسلسل مؤلف من 30 حلقة.
[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF