ما زال السم الاسرائيلي الذي يمثله الاحتلال ينفث في المنطقة التي ما زالت تغطي على آلامها بمزيد من الصبر والتحمل في حين ما زال الاحتلال يعربد ويخلق الظروف والذرائع المواتية له ليبقى ويقنع العالم بأن الظالم هو الضحية وليس الجلاد..
قبل انفجار الوضع على طريق طابا في عملية مهاجمة الباص الاسرائيلي كنت قبل أقل من شهر قد حذرت من أن شيئاً سيقع وان انفجارات ستتم لمنع ذهاب الفلسطينيين الى الأمم المتحدة لتوليد دولتهم في حاضنتها والاستعانة بالحقوق المشروعة والانسانية التي تقرها دول العالم في وجه الاحتلال ومخططاته..
وها هي اسرائيل في ربع الساعة الأخير تفجر الوضع في المنطقة مجددا بركوب أعلى طائراتها لضرب غزة واتهامها قبل أن ينجلي حادث طريق طابا الذي أنكر الفلسطينيون شراكتهم فيه..
ما يهم اسرائيل ليس قصف الباص وهي التي تخلق الظروف لذلك وانما يهمها أن تستثمر في سرعة جلب ردود الفعل الفلسطينية على أفعالها وقد أقلق ساستها الهدوء الفلسطيني منذ عدة أشهر والذي جعل العالم يزيد من النقد والملل من اسرائيل التي تماطل في اعطاء الفلسطينيين حقوقهم وتواصل مصادرتها دون ذرائع كافية..
بدأت الماكينة الاسرائيلية التي ظلت تعتمد على ردة فعل الفلسطينيين تعمل لتظهر الصورة قبل أسابيع من وصول الفلسطينيين الى الأمم المتحدة.. على ان المنطقة غير آمنة وانها تحتاج الى وقف الارهاب الفلسطيني والعربي قبل أي حديث عن السلام..
التقارير المصرية اظهرت ان منطقة طابا غير آمنة حين ذكرت ذلك في تقرير ردت فيه على رغبة الجسر العربي للملاحة الى تسيير رحلات سياحية مباشرة من العقبة الى طابا. وبدل ان تبقى الرحلات المحدودة التي كان معمولا بها لزوارق صغيرة اوقفت كل الرحلات وحولتها الى نويبع وحتى الى هذا الميناء طالبت بمزيد من التدقيق والحذر. لقد جاء في التقرير المصري الذي سرقته احدى الصحف المصرية عنوانا ميناء طابا يعيش اختراقا للامن القومي تحت غطاء السياحة..
لا امن مع استمرار الاحتلال الذي يستلزم بقاؤه مجموعة من الذرائع على رأسها ان ردود الفعل الفلسطينية على الاحتلال هي جريمة واعتداء وان الفلسطينيين والعرب يجب ان يوفروا للاحتلال امنا وان يقبلوا بسياسة الامر الواقع التي ان رفضوها باي شكل من الاشكال كانوا ارهابيين.
عملية طابا تكشف خبث الاحتلال واستعماله لاوراقه ليستمر حتى لو ادى ذلك الى قتل اسرائيليين وتحميل من لم يقتلهم مسؤولية قتلهم وهي سياسة اسرائيلية معروفة بدأت حين كانت هناك تسهيلات لتفجير الباصات في القدس في اذار عام 1996 لاظهار ارهاب المقاومة وتعبئة الاسرائيليين. وها هي الصورة تعاود للظهور كلما طالبت اصحاب الديون بحقوقهم..
التقارير المصرية اظهرت ومنذ اكثر من شهرين ازدياد التوتر الامني في المنطقة فسيناء التي كبلتها اتفاقيات سرية وغير مكشوفة في معظمها حتى الان بدأت في حالة غير ما كانت عليه حين اكتشف المصريون وخاصة من أبنائها حجم القيود والاذلال والصفقات وحرمان الأمن المصري من المرابطة فيها والدفاع عنها بما يكفي من قوات وحين كشف المصريون فجاعة الاتفاقيات في نهب ثرواتهم وبيع غازهم بأبخس الأثمان والتعويض على اسرائيل بغاز تشتريه مصر لها من السوق بسعر عشرة أضعاف ما تبيعه لاسرائيل اذا ما نقصت الحصة الاسرائيلية..
استعادة الهدوء في سيناء وجعلها آمنة لا يتم بالقبضة الأمنية التي تفكر فيها اسرائيل طوال عهد مبارك وانما بعمل سياسي يعيد توزين الاتفاقيات مع اسرائيل وجعل العنوان ازالة الاحتلال المسؤول عن العنف والارهاب والمقاومة..