كلما طالت وكثر عدد صفحاتها فاعلم بأن من يحملها غير مؤهل، إنها السيرة الذاتية التي نطلق عليها اختصارا «cv» وكل من يرغب في التقدم لعمل عليه تقديمها لصاحب العمل، وكل من يتسلم منصبا يعمل قبل أي شيء على إعادة هيكلتها لتتناسب مع المنصب، هي ليست سيرة ذاتية بقدر ما هي سيرة حياة وتكاد تكون أكثر طولا أحيانا من «حكاية غرامي حكاية طويلة» لفريد الأطرش.
عن نفسي فإن سيرتي الذاتية لا تتجاوز الثلاث صفحات رغم أنني أحمل خبرات أستطيع من خلالها إطالة السيرة لتصبح عشرين صفحة، ليس تواضعا وإنما لأنني أفترض وقد أكون مخطئة بأن المقابلة للوظيفة هي الطريقة الأفضل وبأن من يجري المقابلة وغالبا ما يكون المسؤول إن لم يكن قادرا على قراءة الشخصية وأهليتها دون الحاجة الى الثرثرة أو إبراز سيرة طوييييلة فهو لا يستحق أن أكون ضمن كادره.
لكن الواقع غير ذلك وقد اطلعت على اكثر من سيرة ذاتية يكون صاحبها حريصا على ذكر حتى الامسيات التي كان أحد حضورها، كل هذا من أجل إقناع صاحب العمل بأهليته، وقد يكتشف في نهاية المطاف بأن الواسطة هي التي تحدد ما إذا كان مؤهلا أم لا
المتقدم للوظيفة يحاول خداع المسؤول بطول السيرة وصاحب العمل قد يقول له «انتظر جوابا» ولا يأتي الجواب
فيما يتعلق بالشباب حديثي التخرج تكون «السي في» معضلتهم، من أين يأتون يخبرات وهم لم يختبروا سوى أيام الدراسة؟ وبعضهم قد يضطر إلى كتابة سيرته الذاتية التي لا تتعدى مكان وتاريخ الولادة ومكان الدراسة والتخصص ليلقى بها في سلة المهملات إذا ما تقدم لوظيفة، هؤلاء أشفق عليهم لأن لا أحد يوظف في مؤسسته شابا بدون خبرة، وأتساءل إن لم يكن هنالك من يتقبلهم ويعمل على تدريبهم لمدة أشهر حتى إذا اثبت احدهم جدارته تم تثبيته فمن أين يحصلون الخبرة؟
بعضهم قد يضطر الى نحت «سي في» ملفتة وغير صادقة والكثير الكثير يلهثون وراء الواسطة، والبطالة أصبحت تهددهم بل أصبح كل خريج جامعي حديث يعد نفسه مسبقا للانضمام الى صفوف العاطلين عن العمل لأنه ليس لديه خبرات مطاطية يستطيع من خلالها إدراج سيرة ذاتية بعدد مقنع من الصفحات..