خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

«الشبشب ضاع» بين امبراطورية ميم .. وامبراطورية مين!

«الشبشب ضاع» بين امبراطورية ميم .. وامبراطورية مين!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

بعد ان نقلْنا شهر رمضان الكريم للأسف الشديد من خانة «ما يلزم» من العبادات الى «ما لا يلزم « من الكماليات في متوالية هندسية فسيفسائية ممتلئة مربعاتها بكل صنوف الاستهلاك..استطيع القول بأنني نجحت بمتابعة مسلسل تلفزيزيي واحد للممثلة التونسسية الأصل « هند صبري «التي ابدعت فعلا في تجسيد حالة مواطنة مصرية تقرر هي وعائلتها ترك مكان اقامتها في -لندن- والعودة إلى مصر بعد ثورة 25 يناير ابان الربيع العربي ،وذلك لتساهم في عملية بناء بلدها..
فتصاب العائلة بصدمة حضارية متواصلة بداية منذ ركوبها طائرة خطوط وطنها لحين وصولها وإقامتها بالوطن نفسه ، ولا عزاء لبطلة المسلسل هي وعائلتها نتيجة شظايا القهر التي عصفت بعشقها لبلدها بسبب الزيف والنفاق واللامبالاة الواضحة في سلوكيات وافعال وتوجهات ابناء جلدتها ، محاولة بكل ما تملك من منطق وصبر واعتزاز ببلدها ان تصلح ما يمكن اصلاحه لإخراج المواطنين من روتين اللامبالاة الذي اكتنفهم قولا وفعلا وسلوكا.. مجيَرة عزيمتها لردم الهّوة الكبيرة بين ما كانت تطمح له وبين الواقع الذي كان يصدمها مع كل نفَس تتنفسَه !
محاولة اقناع المحيطين بها بانها ليست مثالية اكثر من اللازم هي وعائلتها كما يظنون ، فالعائلة تقع ضمن الحدود المتوسطة من المعايير العالمية المتعارف عليها في البلدان المتقدمة.. وما تراجُع العالم العربي الى الوراء إلا نتيجة إلقائنا بحضارتنا العربية والإسلامية في غياهب النسيان..
وحتى لا نحلق بعيدا عن الواقع ولا نوغل بالماضي البعيد.. فلنتوقف عند محطات الزمن الجميل في فيلم آخر «امبراطورية ميم» خرج للنور منذ عقود اربعة للبطلة «فاتن حمامة» سيدة الشاشة العربية ، والتي جسدت دور شخصية ارملة عاملة ذات مركز بارز ، مسؤولة عن عائلة تتراوح اعمار بناتها وابنائها بين سنوات المراهقة والطفولة ، محاولة رأب الصدع دوما بين مسؤولياتها الجسام ، وبين عاطفتها تجاه فلذات كبدها ، وايضا من ترغب بالارتباط به كزوج..
مواقف جدا طريفة تمر بها بطلة الفيلم «فاتن حمامة» حينذاك ، في زمن جميل بالشكل والمضمون ، بعيد كل البعد عن الزيف والضحالة والتلوّن الآني بسوسه الناخر في أخلاقيات البشر ، خالقا آفات اجتماعية لها اليد الكبرى فيما آلت اليه مجتمعاتنا من تهتّك وتمزّق وتفرّق وتشرذُم..نتيجة ضحالة الثقافة التي تنعكس سلبا على قيم التسامح..
والمقصود من الثقافة هنا تطبيق العلم على العمل والسلوك ليتبلور في عادات حميدة للفرد والجماعة ،فتتراكم لتصبح سلوكيات حميدة جمعية ، تعكس ثقافة شعبية إيجابية تؤدي تراكماتها للوصول للوعي المطلوب.. وهنا مربط الفرس.. فغياب الوعي يعيق من من نضوج الفرد والمجتمع فترى البعض يدور بدائرة طفولية عبثية ابدية..
وليست اية دائرة بل دائرة الطفل المشاغب ، الذي يشتغل بالآخرين طيلة الوقت موقعا غيره في مكائد مستمرة..بعكس الأطفال المبدعين ، والحسّاسين، والملتزمين...الخ وبالتالي انشغال واشتغال الطفل المشاغب بالآخر يعطل التفكير الإيجابي والإنجاز والبناء ليحل محله فكر ظلامي هدَام..
ولتقريب الصورة اكثر احاول التركيز على مشهد تحاول فيه «هند صبري» يوما اقناع طفليها بعدم الذهاب للسينما ، لأنها متخوفة بسبب الزحام والتزاحم المنبثقين عن غياب الانضباط في طابور الوقوف وما يتبعه من عناصر « اللا التزام « المهيمنة على سلوكيات البعض..
ولكنها تنصاع أخيرا لرغبة طفليها في الذهاب لتكتشف عند شباك التذاكر بان الفيلم المنشود قد تم استبداله بفيلم اخر كسّر شبابيك التذاكر -على حد راي بائع التذاكر- وهو فيلم « الشبشب ضاع «!
وبدلا من العودة بخفَي حُنيْن ، تدخل بتردد شديد لمشاهدته لتصاب بصدمة اخرى نتيجة حالة الفوضى العارمة المنبثقة عن حماسة الجمهور للفيلم السخيف وبطلته الأسخف.. فسرعان ما شارك الجمهور بالرقص والدبك في قاعة السينما اعجابا بأغنية الفيلم!
مما اكّد لها بان ضحالة الثقافة وغياب الوعي هما سمة العصر الحالي للأمة العربية..
ونحن نضيف من جانبنا :بأن هنالك فرقا كبيرا بين العلم والجهل وبين الثقافة وعدمها وبين إتساع الأفق وإنغلاقه.. متفقين بأن ليس كل مثقف بمتعلم وليس كل متعلم بمثقف. فحملة الشهادات كثر ولكنها لم تمس دواخلهم ولم تتطبع بها اعمالهم كأقوالهم ،بل بقيت سلوكياتهم منفصلة عن علمهم.. وبالتلي خسروا فرصة التثقيف وخسر مجتمعهم معهم ،بخاصة ان محصلة الثقافة الحقيقية تتمثل بسلوك متسامح على الصعد كافة ينقذ مجتمعاتنا... فغياب التسامح النابذ لكل انواع الفرقة الطائفية والمذهبية وعدم تكفير الآخر دينيا ومذهبيا جعل البعض يتوهم بانه القاضي والحكَم والجلاد معا ،لإفتقارهم للمنطق والموضوعية مما عزز من ثقافة الكراهية في حارة كل من ايدو إلو!
ويا لخوفنا من اللي جاي ومن ثقافة «الشبشب ضاع»!
hashem.nadia@gmail

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF