جاءتني حزينة باكية شاكية متسائلة لماذا لم تُمنح فرصة إحتضان طفلة تشاركها حياتها وتؤنس وحدتها وهي القادرة على أن تحسن تربيتها وتوفر لها حياة كريمة ومستقبل أفضل مرضية بالوقت نفسه غريزة الأمومة التي حُرمت منها على مدى سنوات طوال.. إلا أن برنامج الإحتضان يقف لها بالمرصاد و لكل النساء العزباوات والمطلقات!
علما بأن طلبات هؤلاء النسوة مدعَّمة بموافقة أهلهن.. وبالرغم من أنه لا يوجد رفض قاطع وصريح ولكن تبقى القضية معلقة والجواب عند وزارة التنمية الاجتماعية..
فلو دققنا النظر ببرنامج الاحتضان نجد أنه يطبق عبر تعليمات خاصة تصدر بقرار من وزير التنمية يستند على نظام رعاية الطفولة للعام 1972، و على قانون الأحداث الأردني لعام 1968 حيث ينص الأخير: أنه يجوز للمحكمة إذا اقتنعت بعد التحقيق بأن الشخص الذي قدم إليها هو دون الثامنة عشرة من عمره وبحاجة للرعاية والحماية، أن يوضع تحت رعاية (شخص مناسب) أو (أسرة مناسبة)..شرط أن يوافق هذا الشخص أو الأسرة على ذلك..
فالشخص الحاضن هنا بالقانون لم يتم تحديد جنسه ذكرا أو أنثى ولم تحدد حالته الاجتماعية.. فيا حبذا إشتقاق تعليمات أخرى من هذا القانون بالذات ومن «أبو القوانين» الدستور الأردني، والذي يساوي في الحقوق والواجبات بين المواطنين متوخيا دوما العدالة والمساواة، وبذلك نضمن الخروج بنص قانوني واضح وصريح يسد كافة الثغرات المتعلقة بالاحتضان.. ليتم تطبيق هذا النص على أرض الواقع بدون مماطلة أو تأجيل..
إذ لا يجوز تعطيل مسيرة التبني هذه لما لها من فوائد إيجابية على المدى البعيد والقصير للمتبني والمتبنَّى، ولو أن مصطلح التبني هذا مرفوض شرعا بالإسلام لأن التبني الممارَس في الغرب هوأن يقوم الشخص باتخاذ ولد أو بنت ابنًا أو ابنة لـه، وقد حرّم الإسلام التبني وأبطل كل آثاره، وذلك بقوله تعـالى: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ) مانعا التبني من أجل المحافظة على الانساب لأن العرب في الجاهلية كانوا إذا مثلا تبنى أحد منهم طفلاً أعطاه أسمه و حقه في الإرث- و هذا تزوير في النسب وتغيير في الحقائق فجاء الإسلام ليعدِّل من ذلك.. علما بأن مسؤولية الكفالة في الإسلام هي كل مسؤوليات وواجبات التبني عدا ما منعه الإسلام من تغيير الأنساب وما يترتب على ذلك من آثار، ولا مانع من أن يحسن المسلم إلى اليتيم وإلى الصغير الذي ليس له ولي فيقوم على تربيته والإحسان إليه دون أن ينسبه له. ولهذا يطلق على العملية الكفالة أو الاحتضان كأن تكفل يتيم فلك الأجر الكبير عليه..
ونحن نتفهم السبب وراء حذر برنامج الإحتضان الأردني الساعي لتحقيق التكافل الإجتماعي وهو الخشية على وضع طفولة بريئة بين أيد غير مناسبة تفتقد الأهليَّة، فالفكرة السائدة هي أن العازبة أو المطلقة لن تستطيع توفير الجو الأسري المطلوب لوحدها، ولكن أليس هذا أفضل من بقاء هؤلاء الأطفال محرومين من الرعاية والحنان وبخاصة أن الكفيلة ستوفر الرعاية بأنواعها بما فيها الصحية والاجتماعية والتعليمية.. الى جانب الحب والعاطفة والحياة اللائقة؟ فيا حبّذا فتح المجال لهذه الشريحة من النساء تسهيلا للإحتضان مع رفد عملية الإحتضان هذه بمتابعة وتقييم مستمريْن..
aktoobblog.com/hashemnadia» www.m»
