كييف - أ ف ب - بعد مرور 80 يوما على اطول ازمة سياسية في اوكرانيا، حشدت المعارضة انصارها مجددا امس بساحة «ميدان» (ساحة الاستقلال) بكييف، لكن الكرة باتت في ملعب السلطة.
واكدت المعارضة الاوكرانية امس تصميمها على مواجهة سلطة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وذلك اثناء تجمع حوالى 70 الف متظاهر في ساحة الاستقلال التي يحتلها محتجون وهي محاصرة بمتاريس منذ اكثر من شهرين.
وقال الكسندر زافيروخا (29 عاما) القادم من مدينة غوسياتين في غرب اوكرانيا «نأمل ان تقدم السلطة تنازلات وان تاتي الاتفاقات مع المعارضة بنتائج. لان النظام يشبه القراصنة الصوماليين الذين يخطفون رهائن ثم يفاوضون».
وراى هذا الموظف الشاب ان لقاء الجمعة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاوكراني فيكتور يانوكوفيتش «لا يمكن ان ينتج عنه اي شيء جيد».
واضاف «لقد سمعنا مستشارا لبوتين يقول انه في الميدان (كما يطلق على ساحة الاستقلال في كييف) لا يوجد سوى خارجين عن القانون ومتطرفين».
وقال الناشط دميترو بولاتوف الذي تعرض للتعذيب وهو يتلقى العلاج حاليا في ليتوانيا واتصلت به ناشطة في التجمع هي المغنية روسلانا، واضعا سماعة الهاتف قبالة الميكرو «لا ننوي الاستسلام. سنذهب بعيدا». وتجاوبت الحشود مع كلامه بالتصفيق.
وتحدى احد ابرز قادة المعارضة فيتالي كليتشكو الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ب»المجيء الى الميدان ليسمع ما يقوله الناس عنه»، وكأنه يرد بذلك على الدعوة التي وجهها اليه رئيس الدولة لاجراء نقاش عام.
ودعا كليتشكو الاوكرانيين الى تنفيذ اضراب عام لمدة ساعة الخميس المقبل في 13 شباط والخروج الى الشارع مع الاعلام الوطنية.
وقبل دعوة الناس الى تسجيل انفسهم في وحدات الدفاع الذاتي عن النفس في كل ارجاء البلد والالتزام بعبارة «انا اوكراني، لا اخاف»، قال «لا يمكن تحطيمنا. سنواصل القتال».
واعلن رجل الاعمال النافذ والنائب المستقل بترو بوروشنكو ان 392 متظاهرا معتقلين اثناء الصدامات مع الشرطة، تم الافراج عنهم وان 49 بقوا تحت الاحتجاز. و الافراج عن هؤلاء الناشطين يشكل احد مطالب المحتجين.
وقالت المتظاهرة انا ريبينوك (سكرتيرة) «يجب ان يبقى الناس في الشارع حتى النهاية، والا فانه ستحصل اعمال انتقامية. ويجب على المعارضة ان تكون اكثر تصميما، وان لا تكتفي بالخطب على المنبر. لا بد من انتخابات رئاسية مسبقة ودستور جديد .. والا فان كل شيء سيبقى كما في السابق».
وامام الرئيس يانوكوفيتش الذي يطالب المحتجون برحيله، نظريا عدة خيارات لكن في الان ذاته هو واقع بين العديد من القوى.
والضغط الاوضح هو ضغط روسيا التي اتجه اليها في نهاية تشرين الثاني متخليا فجأة عن توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي رغم انه كان هو من روج له لثلاث سنوات.
واثر هذا التغيير منحت موسكو مساعدة مادية هامة بقيمة 15 مليار دولار من القروض وخفض سعر الغاز الروسي الى الثلث.
لكن بقبوله هذه المساعدة في الوقت الذي كانت فيه بلاده على حافة التوقف عن سداد ديونها، سلم يانوكوفيتش لبوتين ورقة هامة يمكنه استخدامها في اي وقت من خلال ربط الافراج عن دفعات المساعدة لكييف بالوضع السياسي في اوكرانيا.
وتنتظر روسيا كما ينتظر الاتحاد الاوروبي ان يعين يانوكوفيتش رئيس حكومة جديد بدلا من ميكولا ازاروف الذي استقال في 28 كانون الثاني ويربط كل منهما مساعدته بما سيحصل.
ويبدو من غير المرجح ان يعثر على مرشح مقبول من روسيا التي تريد من كييف احترام تعهداتها ازاءها، ومن الغرب الذي يطالب بحكومة وحدة وطنية «تقنية» تكون للمعارضة المؤيدة للتقارب مع الاتحاد الاوروبي تاثير حقيقي فيها.
من جانبها تطالب المعارضة التي زاد تشددها مع تمدد فترة الازمة، الان اولا بتعديل دستوري للعودة الفورية الى دستور 2004 ما يعني تقليصا كبيرا لصلاحيات الرئيس مقابل تعزيز صلاحيات البرلمان والحكومة.
وفي معسكر الحكم لا يبدو انه هناك نية للقيام بعملية امنية ضد المعارضة في الايام القادمة. ويؤكد الرئيس ياكونوفيتش على استعداده للحوار والتسوية وحتى لتعديل دستوري، لكنه يقترح صياغة دستور جديد وهو ما سيطلب عدة اشهر.
وترى المعارضة في ذلك مناورة لكسب الوقت.