تشير بوصلةُ الحدث السياسي في المنطقة العربية الى توجهٍ واحدٍ وهو ان تنظيم جماعة الاخوان المسلمين سيضطر الى اللجوء الى العمل السري متحالفاً مع تنظيم الدكتور ايمن الظواهرى ومقاتلي القاعدة في العالم الاسلامي، او يلجأ الى تنظيمات ما تحت الارض، دونما تنسيق مع القاعدة، أوعقيدة سفك الدماء.
لقد كانت البدايات في ليبيا، حيث حوصرت القيادات التاريخية لجماعة الاخوان المسلمين، واجبرتها قوىً من المد الثوري الجديد على التنحي عن مراكز القوة، بالرغم من ان قسماً منهم قد خطط للثورة على حكم العقيد معمر القذافي، وبالرغم من جهود بعض قياداتهم في تجنيد الدعم الدولي مالياً واطلسياً لتغيير نظام الحكم, ومن اولئك الرجال مصطفى عبد الجليل والسيد محمود جبريل.
ولا زالت حركة الاسلام السياسي في ليبيا تتقلب على مقلى شواءٍ ساخن من العداء لها بواسطة انتفاضات الشباب العلماني الليبرالي الذي عاش التجربة الفرنسية الاوروبية برغد سلوكياتها، واقتحام القلاع المحصنة من عقائدها، ويريدون تطبيقه على المجتمع الليبي، الذي يراوح في نسيجه ما بين البداوة الاولى بقيمها الاصيلة، وما بين بدايات المجتمع الزراعي الفلاحي بمُثُله الاخلاقية العليا.
ويبدو ان سنين عديدة ستمضي قبل ان تستقر امواج «تسونامي» التغيير العاصف التي تستهدف خلق «كمال اتاتورك» جديد في كل عاصمة عربية يحمل على كاهله مهمة «تحديث» البلد ونقل سكانها الى عالم القرن الواحد والعشرين فكراً وثقافةً وسلوكاً وعقيدة.
وذلك لوأد الاسلام السياسي بطريقة رسمية او باخرى.
ويبدو ان نسخة كربونية من المخطط الاشمل «ماستر بلان» قد وصلت الى القاهرة، فبعد ما حصل في الثالث من تموز، واعتقال 479 من القيادات الاخوانية وقتل ما يزيد عن ثلاثة آلاف من الشباب، بدأ العمل على استكمال الزي الكامل « لاتاتورك « مصر الجديد، الذي سيعد بانقاذ كافة ابناء الشعب من مخالب البطالة التي زادت نسبتها المئوية عن 37% حسب الاحصاءات الرسمية، وليدحر الفقر المستشري بين اكثر من تسعة ملايين فلاح وعامل يعيشون دون خط الفقر الذي حددته منظمة الامم المتحدة «يو. إن. دي. بي.».
ولا يفتقر الاخوان المسلمون في تونس الى الكمائن السياسية التي تم استدراجهم اليها ثم اصطيادهم فيها منذ اغتيال اثنين من زعماء الفكر العلماني الالحادي وهما النائب البرلماني المعارض محمد البراهمي من حزب الشعب يوم 25/ 7/ 2013، وسبق ذلك مقتل شكري بلعيد من مفكري الماركسية اللينينية يوم 6/ 2/ 2013 بعد 12 ساعة من مشاركته بندوة تلفزيونية اعرب فيها عن رؤيته لتونس التي يريد بناءها.
وتستمر محاولات الجذب العكسي في تونس ما بين الشيخ راشد الغنوشي وحزب النهضة من جهة، وفي الجهة المقابلة حواريو الاب اليسوعي موريس جيرار الذي وضع المناهج الدراسية وصاغ الاجيال على قوالبه الفكرية.
فمن سيكون «اتاتورك» تونس الجديد؟
وهل سيتحالف قادة الاخوان المسلمين في عملهم السري القسري مع القاعدة ؟