من قال أن الذي يقبع في الظل هو الأضعف، لعل من يرى ولا يُرى هو الاقوى، كالذي يظهر مستوى ذكاءه للاخرين ابعد ما يكون عن الذكاء، قد تبدو فلسفة غير منطقية لكن ليس بالضرورة ان يكون كل ما أعتدنا عليه هو المنطق.
السكينة، الهدوء، والامان تقود للحكمة، وخير الحكماء هم من يسكنون الظل ويحمون حول مساحات النور فيقرأونها فيتحكمون بالمنطقتين ويتفوقون ويملكون السعادة وتتعمق الرؤيا، في حين ان ساكن الضوء عاجز عن رؤية ما يحويه الظل ولا يغوص في بواطن الامور وقد يكون أقل عمقا ويرتبط وجوده بالنور فقط.
لا تجلسوا طيلة الوقت بين الأضواء، اخفتوها فمن الضروري أخذ جرعات من الظل لهؤلاء الذين يعانون من مرضها.
الظل كالصمت الذي هو في كثير من الاوقات أخير من الكلام وأشد تعبيرا، وندرك معنى الصمت من النظر في عيون من يصمتون، وجهوا أنظاركم لمن لا يجعلونكم ترونهم لندركهم بكل حواسنا، ومن الحكمة أن ننتبه لمن لا يدخل دائرة الضوء أو الارجح لمن لا يريد دخولها لأنه قد يكون فعلا الأقوى.
وعلينا ان ندرك حقيقة هؤلاء كحقيقة الكون فعتمة الليل لا تنفي ابدا وجود الشمس على العكس هي تؤكدها وتعكس لنا نورها وهي غائبة.
ما أعظم الظل ومن يقبع تحته، ولا ننسى أبدا أن الظل هو الضوء بالاتجاه الأمامي للشيء، وكما أن للنور شدة كذلك للظل ألوان، وفي النور بعد وفي الظل أبعاد.
ولا يعطي الظل صورة كاملة عن الضوء فيبقى الضوء واضحا و الظل محيرا، مما يجعلك تدخل في الشك و الحيرة وهذا يدفعك للإستيقاظ حتى تصل للحقيقة فبالظل تنقاد للوعي، في الوقت الذي يمكن أن تنام وأنت تعيش الأضواء.
تنبهوا لعظمة الظل فبه نعرف أوقات الصلاة وبه ننظم الاوقات، ويجعلنا ننتهج سلوكا رائعا ونحسب خطواتنا ونستمتع بالنور من خلاله فعظمة النور وأهميته اساسه إمتلاكنا للظل.
فلنركز في الغد القادم على الذين يعيشون حياة الظل لعلهم يبنون الافضل لشدة ما اختزلوا من الماضي ولشدة ما عرفوا اثناء الصمت، ولعمقهم في رؤيا الابعاد وامتلاكهم لمساحات النور، أتركوا لهم البناء ولتغيب فقاعات الهواء ولنتجنب الازدحامات في التسابق على الظهور خصوصا عندما يكون على حساب العمق والحقيقة لعلنا بذلك نرتقي وتزدهر حضاراتنا من جديد لان كثرة الاضواء حرقت الجماليات والابداعات وانحسرت الروعة وانتشرت الفوضى واصبحنا نعيش حالة الانبهار على حساب الجودة والاتقان، أجزم ان اصحاب الظل هم العقلاء فهل هناك من عاقل يترك الظل ويقف تحت اشعة الشمس ليحترق؟.
وما أجمل ان نتحكم بكلتا المساحتين، فتارة نكون بالظل واخرى
في النور، كونوا هنا وهناك، في العتمة اشعلوا القناديل وفي النور اخفتوا الاضواء لنعش حالة التوازن ولتتضح الرؤيا.