عظيمة هي العاطفة..تجعلنا أقوياء (ربما).. تجعلنا ضعفاء (لا اظنها كذلك)..
في البال ثلاث أغانٍ مليئة بالعاطفة ..
الأولى (تتعلق بأبي), لا أريد ان اذكرها, كلما ذكرتها بكيت مما تحمله الذاكرة من تفاصيل..
الثانية (تتعلق بأمي) سأبقيها بداخلي .. أنها تمثل ذكريات خاصة ..
الثالثة (تتعلق بـ ) سأذكرها, لا لن اذكرها, أنها مليئة ومليئة بالعاطفة, والعاطفة تعصف بالقلب في بعض الأحيان, لكن (صدقوني), ان أذاها جميل إلى درجة (الترنح)..
على نطاق عام ..
يصنف الإنسان الذي يحمل عاطفة زائدة بـ(الضعيف) عند البعض, وغير المتحكم بزمام الأمور الحياتية , وبأنه (هش) تحركه الريح كيفما شاءت!.. وبأنه غير قادر على مواجهة مصاعب الحياة , (والحياة مليئة بالصعاب والعقبات) , ودون تجاوزها لن تكون مسألة تحقيق الغايات موجودة..
(هذا على نطاق عام)!.. سحقاً (للنطاق), سحقاً (للعام) !.. لا تصدقوا هذا الكلام الممل, لا تصدقوا, وان صدقتم الحديث, وبدأتم بمحاربة عاطفتكم , فالأكيد (أنكم) لن تكونوا (انتم) .. ستخسرون أنفسكم وإنسانيتكم, وكل شيء (كل شيء) .. يا أصدقائي, الإنسان بلا عاطفة مذهلة (كيان زائف), ضرب من الوجود العبثي, حكاية لن يذكرها (احد) بعد حين, تفاصيل بلا معنى, وهو بالمجمل (متجرد من إنسانيته)..
على نطاق شخصي..
مرت أوقات في حياتي كرهت فيها (عاطفتي الزائدة), كرهت تأثري بالهواء والماء, وعصافير الصباح, ورائحة الشجر, والارتماء على الأرض حين اعبر أمام (الياسمين), كرهت تفاصيل النظرات البريئات وغير البريئات, كرهت دقات القلب , كرهت الجينات العاطفية التي ورثتها من (أبي), من (أمي) , وكم لمته (أبي) على النشأة العاطفية.. كم لمتها (أمي) على مزجها (لحليب طفولتي)بعاطفتها الجياشة.. كم تمنيت (في الماضي) ان أرى شجرة , غيمة, ولا أتأثر, كم تمنيت ان اسمع صوت (ماجدة) حين تغني (طوق الياسمين) ولا يتحرك بداخلي شيء, كم تمنيت ان أكون (قاسي القلب) خفيف الإحساس بالأشياء ..
اليوم (يا أصدقائي) أعلن ندمي الشديد على (كرهي) , على (أمنياتي) .. سحقاً لـ (كرهي), سحقاً لـ (أمنياتي), سحقاً لتفكير الماضي اللعين.. أمجنون (كنت)؟, أمجنون ان أحارب عاطفتي الزائدة؟, ماذا يملك المرء دون عاطفة, ماذا سيجني ان كان قاسي القلب , خفيف الحس بالأشياء, متجمداً أمام الياسمين, غير متأثر بالآخرين, غير مؤثرّ بهم.. ماذا سيجني ان كان واقعيا لدرجة اللامعقول.. من قال ان (العاطفي) غير واقعي.. العاطفة (يا أصدقائي) أم الواقعية, والعاطفة أساس العقلانية, وهي بكل تأكيد (الشيء الوحيد الذي يظهر إنسانية الإنسان), وبدونها أنت بكل تأكيد (إنسان فاقد لإنسانيته).. في العاطفة يا أصدقائي تكمن إحداثيات الحياة, ومن خلالها تتغير المفاهيم القاسية, وتتبلور مفاهيم أخرى, محتواها (صناعة الأفضل) للجميع.. الجميع الذي يبدأ بالواحد , والواحد سيكون لا محال (الجميع).. لهذا فلنبدأ (بالواحد), الواحد هو (أنت), هو (أنتِ).. من هنا يبدأ التغيير في المجتمع..
تبقى فكرة الحديث..
كلما ذكروا لي ان الحياة (واقع وليس عاطفة) طار صوابي, أنا اعرف شيئاً واحداً فقط: الحياة عاطفة وعاطفة تولّد عاطفة أخرى , وأخرى تجعلنا أكثر سعادة, ولا سعادة مع (واقعية متجردة)..