يجمعنا المكان، وتقيدنا المقاعد في مجموعات متفرقة في بيت واحد أخوات وقريبات، صديقات وأهل وجيران، و نساء لا تجمعنا بهن إلا المناسبات.
وما أن بدأت المقاعد تخلو من الجالسات حتى أشرت لصديقتي الجالسة على كرسي مرتفع، والتي تعاني من ألم في عمودها الفقري أن تأتي على الكنبة الخالية، فنهضت في الحال وجلست وهي تتأوه و تقول: هكذا أفضل،صار لي ساعة (مقنبزة ) على ذلك المقعد ..! نظرت إلي السيدة التي كانت تجلس (مقنبزة) بجانبها أيضا كما وصفت صديقتي وشبهت صورة الجلسة بهذا (التشبيه البليغ) وهي تتفحص وجهي باهتمام ثم تسألني: هل تعلمين ما معنى كلمة (مقنبز)؟ استغربت توجيهها السؤال لي مباشرة دون سابق كلام بيننا أو سلام، وفي يوم حزين،ومع ذلك أجبتها: مقرفص فتبسمت بسرور يشوبه استنكار قائلة: ( لا) وهي لا تزال تحدق بي تنتظر الإجابة بهدوء بال وتضيف: لكن.. أنا اعرف..! فقلت لها مختصرة الخوض في الأحاديث الجانبية : أنت اشطر مني ..! ورغم ذلك أصرت على متابعة الموضوع:ألا تعرفين؟!ألست كاتبة؟! لم تكن المناسبة.. ولا المكان ..ولا المودة.. تسمح بالإجابة على سؤال (واضح المعنى) في غير أوانه ولا لمناقشة مواضيع الكتابة ولا أي شيء آخر في الدنيا،غير الحزن الذي يخيم علينا في تلك اللحظات الأليمة بعض الناس عندما يلتقون بك يسألونك بلهفة عن أحوالك و عملك فتجيبهم بكل سرور وتطمئنهم وأنت متأكد من صدق مشاعرهم وحسن نواياهم،منهم من يسألك بإعجاب بنية طيبة.. ومنهم من يدفعه حب المعرفة والفضول للكلام.. وقليلون جدا هم الذين يترصدون لك العثرات،فلا تعلم خبايا ونوايا غاياتهم ومقاصدهم هل هي نقد ام انتقاد؟ ام فوقية أم ماذا؟ الكتابة ليست مهنه مسلية،ومهما بلغ الكاتب من إبداع سيبقى دائم البحث عن الحقيقة،يحذر خطأ المعلومة، يوثقها ليقدم الأفضل كي لا يقع فريسة للمترصدين والمتملقين.
كلمة (مقنبز ) أو(مقرفص) نرددها عندما نرى الجالس مكرمش رجليه غير مستقر،فلا هو جالس ومرتاح ولا غير جالس ولا متكيء، و(مقنبز) يطلق على البناء الواقف على أعمدة والغير كامل ، كلمات كثيرة نرددها يوميا أبسطها كلمة (بس) بفتح الباء نرددها دائما بدل كفى،و نقول:(هاكل الهم)؟ فالهم نعرفه جيدا،فماذا تعني :هاكل ؟! كي تكون ناجحا واجه النقد فهو بحد ذاته نجاح واطلب العلم من المهد إلى اللحد
