1- عرف الدستور الأردني نظام الحكم في البلاد بأنه (نيابي ملكي وراثي). وعليه فنظام الحكم في دولتنا يقوم على ركنين أساسيين هما على التوالي حسب التراتبية الدستورية الواردة بنص المادة الأولى : البرلمان و مؤسسة (العرش - الملك - التاج).
من مقتضى ذلك ديمومة البرلمان واستمرار وجوده قائما على رأس عمله دون انقطاع وعدم جواز تغييبه تماما كديمومة السلطة التنفيذية واستمرار وجودها قائمة على رأس عملها . فكما أن وجود الحكومة كسلطة تنفيذ دائمة غير قابل للنقاش كذلك فإن وجود البرلمان كسلطة رقابة دائمة على أعمال السلطة التنفيذية هو الآخر غير قابل للنقاش. فما دام هناك من يعمل وينفذ فلا بد أن يكون هناك من يراقب ويحاسب. فالبرلمان هو الجهة التي تنوب عن صاحب الشأن (الأمة) في حق مراقبة ومحاسبة المجلس الوزاري بحكم النص. ومن مقتضى ذلك أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية استعمال حقها في حل المجلس كونه وكيل أو نائب صاحب الشأن الذي يتولى الرقابة عليها بهدف إقصائه للانفراد بالحكم. فجاء نص قرار الحل مقترنا بوجوب إجراء الانتخاب في غضون الشهور الأربعة التي تلي الحل على الأكثر. وإذا لم يتم الانتخاب خلال المهلة الدستورية المعينة يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد (م/ 73/ 2) .
كما جرى العرف على وجوب التزام الحكومة التي تحل المجلس - إن لم يقلها رأس الدولة - بتصريف الأعمال وفق البيان / البرنامج الذي نالت الثقة على أساسه من المجلس الذي حلته. خلاصة ما نقول هو أن وجود كل من مجلس النواب والوزارة مقترن بوجود الآخر . من الناحية الدستورية لا يتصور وجود مجلس وزاري بدون وجود مجلس نيابي في دولة نظام الحكم فيها نيابي.
2- مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية كاملة يستمر في أعماله خلالها حتى آخرها وحتى انتخاب المجلس الجديد. وللملك أن يمددها إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد عن سنتين.(المادة 68 / 1) فهناك دول نيابية مثل دولتنا (كالسويد والدنمارك) تعتبر مدة المجلس وحدة واحدة غير قابلة للقطع وهو اتجاه بدأ يستقر في الديمقراطيات الغربية التي أخذت تتحاشى إيراد عبارة الحل عند الإعلان عن اجراء الانتخابات ضمانا لاستمرار وعدم قطع ولاية الأمة عبر نوابها / وكلائها إلى أن يتولى المجلس المنتخب سلطته الدستورية.....وبناء على ذلك فإن المجلس الجديد المنتخب - عند هؤلاء - يكمل ما تبقى من مدة المجلس السابق الذي تعرض للحل في حالة إجراء الانتخابات خلال مدته التي لم يكملها والتي جاءت الانتخابات خلالها.
ومن الملاحظ هنا أن المشرع الدستوري الأردني لم يشترط اقتران قرار تمديد المجلس الذي أولاه للملك ببيان سبب أو أسباب التمديد بل ترك الأمر لتقدير رأس الدولة. بخلاف ما فعل في قرار حل المجلس حيث أوجب النص اقتران قرار الحل ببيان السبب. (إذا حل مجلس النواب لسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه. - مادة / 74).
3- أسباب الحل التي ألجأت الملك لحل المجلس الخامس عشر هي التي يجب تداولها كي تتضافر جهود الجميع لمعالجتها وتحاشي تكرارها مستقبلا. على أن سلطة حل المجلس بموجب المادة (34 / 3) من الدستور ليست مطلقة وليست بلا قيد أو شرط كما ذهب ويذهب كثيرون. بل مقيدة بمبادىء وقواعد النظام النيابي الذي يقوم عليه نظام الحكم في مملكتنا كما أسلفنا في صدر هذا المقال . كما أن الحل محكوم بنص المادة (74) السالف ذكرها. وكذلك بنصوص المواد (30و 40 و 49 و 51) التي بينت إجراءات صدور الإرادة ونظمت كيفية ممارستها وإلا كانت غير مستوجبة النفاذ. (1 - راجع قرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم 1 لسنة 1956).