د.يوسف مصطفى مشعل - الرحم القرابة، وصلة الأرحام تعني الإحسان إلى الاقربين من ذوي النسب والأصهار، والرفق بهم وإن ظلموا وأساؤا، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رجلا قال: (يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤن إلي، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، فقل: لئن كنت كما قلت فكانما تُسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك) كل هذه البشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أجل أن يبسط في رزقك يا عبد الله ويزاد في عمرك فاسمع ما رواه الشيخان عن أبي هريرة قال: ( سمعت رسول الله يقول: « من سره أن يُبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه « والزيادة في العمر معناها البركة .
كما حث الإسلام على صلة الرحم حذر من قطعها فقد قرن الله عز وجل قطع الأرحام بالإفساد في الأرض وسفك الدماء قال تعالى:» فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ» سورة محمد الآية 22
فمن قطع أقاربه الضعفاء وهجرهم وتكبر عليهم ولم يصلهم ببره وإحسانه فعليه التوبة وأن يحسن إليهم ، لقوله عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم: ( إن الله عز وجل خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام الفائز من القطيعة: قال: أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت بلى . قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله إقرأوا إن شئتم : «هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ».
فهذا مسطح بن أثاثة كان ممن خاضوا في حادثة الإفك، وهو قريب أبي بكر وكان ينفق عليه فقال: لن أنفق عليه بعد اليوم، فانزل الله قوله تعالى:» وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» سورة النور الآية 22، قال أبو بكر عندما سمع الآيات : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، ثم يعيد إلى مسطح النفقة .
وفوق هذا هناك حقوق الإخوة في الإسلام منها : أن تؤثر أخاك على نفسك في الخير، وتقدم حاجته على حاجتك حيث حيث الإنفاق على الإخوان في الله أفضل من الإنفاق على المساكين قال علي رضي الله عنه : «لعشرون درهما أعطيها لأخي في الله أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم على المساكين «
كما وإن من كمال الإيمان أن يحب الأخ لأخيه ما يحب لنفسه فقد جاء في الحديث: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
أسأل الله أن يجعلنا ممن يصل أرحامه ويحب إخوانه، وممن أنار بصيرته بنور الإيمان ،وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .