هذه الذكرى السابعة لرحيل زيد بن شاكر صاحب الامارة وصاحب الدولة الذي خدم الجندية بشرف كما خدم الوطن باخلاص وظل على ولائه لقائده منذ نعومة اظفاره حين كان مرافقا للحسين طيب الله ثراه في منتصف الخمسينيات وحتى مماته وقد فجعه رحيل الحسين وظل يقول اتمنى ان يكون يومي قبل يومه وبرحيل الحسين فقد الشريف زيد بن شاكر اهم شخصية كانت سنده ومرجعيته..
تولى الوزارة ثلاث مرات وانجزت في زمن وزارته الاولى مرحلة التحول الديموقراطي اذ اشرف على اول انتخابات بعد استئناف الحياة الديموقراطية عام 1989 بعد توقف..
كان عسكريا محترفا جرب مهام مختلفة وشهد حرب عام 1967 وحرب يوم الكرامة عام 1968 وقد تخرج من كلية سانت هيرست وهي نفس الكلية التي تخرج منها الحسين وكبار الضباط المحترفين في العالم العربي..
كان محبوبا من الناس قريبا منهم يتقن فن الاستماع ويستجيب لمن يدعوه.. كان يؤمن بالعمل ويهتم بالانضباط فيه اخذ عن والده نزعته القوية لاصلاح ذات البين والتقريب بين المتخاصمين فقد كان والده زعيما للعشائر ساعيا بينهم للمصالحة كما كان احد ابرز قادة الثورة العربية الكبرى..
الذين عرفوه وتعاملوا معه عن قرب من جنوده او حتى من وزرائه او من زاملوه في الدراسة او العمل او مسيرة الحياة عرفوا عنه الصدق والأمانة وطيب المعشر وعفة اللسان ونظافة اليد وإغاثة الملهوف.
كان هادئا.. لكنه كان صارما كالسيف.. صاحب مشورة حين يطلب منه ذلك.. وكان لوقوفه إلى جانب الحسين يوم الزرقاء المعنى العميق والدلالة الهامة حين احتكم الحسين لجنده فرفعوه على الاكتاف ليدحروا الخارجين..
كان مع الدفع بإتجاه دخول البلاد إلى مرحلة الديمقراطية وتوزع المسؤولية وزيادة نسبة المشاركة ولذلك أعد للإنتخابات النيابية الأكثر نزاهة ودلالة. وقد رعى نتائجها وبنى عليها حين جاء لحكومته الثانية.
أفسح المجال واسعا للحوار وتقبله وظل يؤمن به ويشيعه كما أحسن التعامل مع الصحافة وقدر دورها وقرب المثقفين وأصحاب القلم..
في مسيرته لحظات كبيرة ترك بصمات القائد الحريص والمسؤول الباني وقد إستلهم الكثيرون ممن جاءوا بعده أسلوبه في التعامل وأدارة الأزمات والإبتعاد عن الضجيج..
كان زيد بن شاكر رحمه الله مدرسة في الجيش وفي الحياة المدنية يستطيع المتابع أن يلمس ذلك في جملة من الرجال الأوفياء الذين تعلموا منه وعملوا معه ومازالوا يحفظون له الود والوفاء والإخلاص والذكرى الطيبة. فما يذكر حتى يترحموا عليه ويعاودون الحزن العميق لرحيله وسرد الكثير من مآثره كان يوم رحيله استفتاء على محبة الاردنيين لاحد قادتهم فقد ظل بعيدا في حياته عن صراعات القوى والتنافس. كان يكظم الغيظ ولا يحمل الضغينة ولا يعبر عن المرارة فقد كان يؤمن شأن الهاشمين بان العفو عند المقدرة وان السيرة العطرة هي السيرة التي تزرع الخير في الناس وتحفظ لهم كرامتهم..
كان يعبر عن رضاه او عتبه بوسائل ابرزها طريقة المصافحة وهي كفيلة لعكس درجة الرضى كما كان يفعل الهاشميون في عاداتهم..
مآثره اكثر من ان تحصى سواء من عالج من المرضى او من درس من الطلاب المحتاجين او من رعى من الاسر المستورة وذات الحاجة كان صاحب هيبة ومعشر طيب ومجالسة لا يمل منها المشارك فيها لا يفرض رأيا ولا ينفرد برأي ولا يقسو على من يعملون معه او يترك للخصومة مساحات تمكن من يخاصمه من الخروج والعودة الى الحق ومعرفة اسبابه..
رحل زيد بن شاكر رحيلا مفاجئا مفجعا على كل من عرفه وعلى الاردنين جميعا الذين نظروا اليه كهاشمي صاحب صفات موروثة وما زال رحيله يثير الحزن والفاجعة وما زال اتباعه ومريدوه ومحبوه يحتفلون بذكراه ويلتقون على صفاته ومناقبه..
ستبقى حياة زيد بن شاكر صفحة عطرة في سجل الهاشميين والذين يؤمنون بان العدل اساس الملك.كما سيظل نموذجا للقائد الاردني الذي قدم الكثير واحب الكثير كما احبوه فسلام عليك يا ابا شاكر.. سلام يتكرر في كل ذكرى تمر لما تركت من نبيل الصفات والمكرمات...
alhattabsultan@gmail.com