حين يأتي مستثمر عراقي الى الأردن تحتفي الدولة به، وحين تجلس في مأدبة تضم كبار المسؤولين لا بد أن يكوم فيها مستثمر عراقي مقرب ويحظى بالدلال....وأنا أظن أن قصتنا مع العراق هي قصة موقف وتاريخ وتمر وشعر وحياة..هي ليست قصة المال أبدا.
منذ سنوات طويلة والموسيقار العراقي الهام مدفعي يسكن عمان، ولا احد يعرف أن هذا الرجل يحمل الجنسية الأردنية منذ منتصف التسعينات ويغني في المحافل الدولية باسم الأردن وحصل على جوائز هامة من العالم على خلفية مشاركته كأردني....ويدفع الضرائب كاملة بما فيها المسقفات وضريبة المعارف وضريبة الدخل وفواتير الكهرباء...ولكن للأسف...لم تتم دعوة الهام المدفعي إلى جرش ولم تحتضنه وزارة الثقافة...ولم تتعامل معه الدولة على أنه ابنها وأحد مبدعيها.
قطر تدفع ملايين الدولارات لأجل تجنيس لاعب كرة قدم لضمه في صفوف المنتخب وفرنسا تفتخر أن فريقها يحوي (بن زيما) الجزائري الاصل واللاعب سمير مصري الاصل...وألمانيا تفاخر أوروبا بأن احد عمالقة الكرة في الفريق الألماني هو تركي الأصل...لدينا القصة مختلفة فهناك موسيقار عالمي..لا يحتاج لترويج أو شهرة ولا يحتاج للمال من الدولة كل ما يحتاجه أنه يريد أن يقدم للأردن شيئا.
يريد أن يغني في جرش مجانا..يريد أن يشارك في احتفالات زين بمناسبة عيد الاستقلال ويوم الجيش مجانا...يريد أن يحيي حفلة في حدائق الحسين وضمن مناسبة وطنية مجانا أيضا...
في أول الشباب كانت أغاني الهام المدفعي تمزج بين اللحن العراقي ووتر القيثار...هي تماما مثله تشبهه تمزج بين نشأة عراقية ولهجة بغدادية وقلب أردني...واظنه يحب الأردن مثلي أن لم يكن يهواها أكثر مني..وكنا نسمعها كي تحرضنا على الغرام أكثر.
أنا لا أكتب عن هذا الرجل من قبيل أني أريد الكتابة فقط ولكن الهام صديقي..نجلس مع بعضنا ونتابع مباريات كأس أمم أوروبا..ونتجادل في كلمات الأغاني والوتر...أصلا من قال أن المسافة بين بغداد والكرك طويلة...أبدا..هي ليست كذلك..نحن نقربها جدا فهو سفير الكرك هنا وأنا بغداد حاضرة في القلب ولا تحتاج..لطرق كي اصلها.
الهام المدفعي موسيقار اردني شهم ليس عبر جواز السفر فقط...بل عبر وريد القلب والوتر والشيب المعتق...والشكوى...وعبر العيون أيضا...وكل ما يحتاجه أن تعترف الدولة بالقيثار واللحن..أن تعترف بإبداعه فقط.
[email protected]
