عمان ـ سناء الشوبكي-يعملون بصمت منذ ساعات الصباح الأولى.. يقومون بواجبهم على أحسن وجه لينعم المجتمع بالنظافة والصحة.. هؤلاء هم عمال الوطن الذين رضوا بهذه المهنة سعياً وراء قوت يومهم، وليجسدوا صورة أخرى ﻣﻦ ﺻﻮر ﺗﺤﺪي ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌيب.
تبدل الحال اليوم.. وأصبح الشاب الاردني يعمل في هذه المهنة التي كانت الى وقت قريب حكراً على العمالة الوافدة بعد ان باتت هذه المهنة تدر دخلا معقولا وتوفر عيشاً كريماً.
شباب أردنيون، بعكس أقران لهم، يؤكدون ان الشهادة أياً كان مستواها لا يمكن ان تقف عثرة في طريقهم من اجل العمل في أي مجال متوافر للتغلب على الفقر والعوز .
يقول عمر (23 عاماً) ويعمل بمهنة عامل وطن في امانة عمان وطالب في الجامعة إنه لم يتردد في العمل بهذه المهنة طالما انها توفر له دخلا مناسبا يؤمن له حياة كريمة .. «فالشغل مش عيب» كما يقول لكن العيب ان يبقى ينتظر الوظيفة التي قد لا تأتي حسب رأيه ..
ويبين انه يدرس في تخصص ادارة الاعمال في احدى الجامعات الخاصة وهو ما زال على رأس عمله حيث تؤمن له هذه المهنة أقساطه الجامعية والمساهمة في تأمين احتياجات اسرته.
أنس القصراوي، يعمل بامانة عمان وبسبب ظروفه لم يستطع اكمال دراسته الجامعية.. يقول ان العمل بأي مهنة طالما توفر له دخلا جيدا افضل من الجلوس في البيت والبقاء عالة على اسرته.. فمهنة «عامل وطن» مهنة شريفة ولا تقل عن أي مهنة اخرى.
وأضاف «نعمل عملاً إضافياً أيام الجمع والعطل الرسمية، كما تخصص لنا «مكافأة شهرية» تصرف لهم في المناطق من خلال مديرياتنا».
ويؤكد ايهم محمد ما ذهب اليه زميلاه من ان الحصول على الشهادة الجامعية لم يمنعه من العمل بهذه المهنة.. داعيا الشباب المتعطل عن العمل الى تجاوز ثقافة العيب وعدم الاستسلام لها ويقول:»العيب ان تجلس في البيت وتنتظر من يعطيك».
واضاف ان وظيفة عامل وطن كانت قبل سنوات مقصورة على الوافدين الا انه ينخرط فيها حالياُ عدد كبير من الشباب الاردنيين مما يؤكد ان عملية تجاوز ثقافة العيب تسير باتجاهها الصحيح الا انها ليست حكرا على الوافدين.
المدير التنفيذي للمناطق والبيئة في امانة عمان المهندس حسن العجارمة يشير الى وجود نحو3000 عامل أردني من 4000 عامل وطن يعملون في امانة عمان الكبرى بنسبة تتجاوز 70%.
ورأى العجارمة ازدياد اقبال الشباب على مهنة «عامل الوطن» بعدما رفعت الامانة الراتب الشهري لعامل الوطن من 150 ديناراً شهريا ليصبح 250 ديناراً.
وبين العجارمة ان الأمانة قامت بتغيير مسمّى عامل النظافة إلى «عامل وطن» لتغيير النظرة لهذه المهنة على نحو «إيجابي»، وتحفيز أبناء الوطن للإقبال على الوظيفة بدل العزوف عنها، ومحاولة من الأمانة لإلغاء ثقافة العيب التي تعد السبب الرئيس لامتناع أبناء الوطن عن العمل بهذه الوظيفة وفي إطار سعيها لتغليب قيم العمل الشريف والمنتج وإزالة ما ترسخ في اذهان كثير من الناس من افكار مغلوطة حول بعض الاعمال المهمة والمنتجة والضرورية لخدمة المجتمع.
واشارالعجارمة الى ان الأمانة تدفع بدل عمل إضافي لكل عامل يعمل أيام الجمع والعطل الرسمية، إلى جانب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي في عيادات ومختبرات وزارة الصحة وشمولهم ببعثتي العمرة والحج للأمانة بعدالة ومساواة مع باقي الموظفين.
ونوه بأنه تم شمول عمال الوطن بخطة الرفاه الاجتماعي لموظفي الأمانة، عبر تقديم منح مالية لأبنائهم المتفوقين دراسيا، من خلال صرف قيمة الرسوم الفصلية في الجامعة.
الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية رأى ان ثقافة العيب بدأت تتلاشى في المجتمع المحلي من وجهة نظر الشباب وبخاصة الذين هم على مقاعد الدراسة الجامعية، بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني في الاسر الاردنية وحيث ان معظم الشباب الذين لديهم اخوان او اقارب او اصدقاء لم يجدوا العمل بعد التخرج مباشرة، الامر الذي يزيد من عبء الاعالة على ارباب الاسر الاردنية وبخاصة المتمثلة في نفقات التعليم الجامعي.
