في ليلة باردة عاصفة طرقت بابه عجوز ترجوه أن يأويها حتى الصباح، وذلك مقابل وردة... لكن الشاب الصلف سخر منها، ونفر من شكلها. فرفض توسلاتها، وصفق الباب في وجهها. مما أثار نقمتها، فأرسلت عليه لعنة حولته إلى وحش بشع قبيح... لعنة لن تزول إلا إذا عرف كيف يحب... وكيف يجد من تقع في حبه رغم هيئته المرعبة تلك، على شرط أن يتحقق كل هذا قبل أن تتساقط أوراق الوردة التي قدمتها له في تلك الليلة، وإلا بقي وحشاً إلى الأبد! وهكذا يقبع صاحبنا في قصره محاصراً باللعنة، إلى أن تقود الصدف إحدى الجميلات أسيرة إلى ذلك القصر. فيواجه التحدي الأكبر، كيف يتخلص من غلظة قلبه فيحبها... ثم كيف يستطيع، وهنا المعضلة، كسب قلبها بشكله القبيح المنفر.
لكن الأمر يتحقق أخيراً بصعوبة وبما يشبه المعجزة حين تستوقفه بوداعتها ورقّتها وحنوّها وجمال روحها... فيحبها.
بالمقابل، تتفهم هي معاناته بشكل ما، وتوقه لكسب الحب والتخلص من شرنقة الغلظة والصلافة التي تثقل على روحه، فتحبه رغم قبح شكله.
وبذلك، تزول اللعنة عنه، فيعود إنساناً عادياً كما كان، لكن بقلب عرف الحب أخيراً! تلك هي باختصار حكاية فيلم الجميلة والوحش، تشاهدها دون أن تملك إلا أن تسأل نفسك: ترى كم هو عدد الذين هم أسرى البشاعة. بشاعة أرواحهم ولا تدري إن كان ذلك جراء لعنة... وإن كان لتلك اللعنة من نهاية ما! ونعود إلى ذلك الفيلم الكرتوني الذي كان قد دخل في مسابقة جوائز الأوسكار للمرة الأولى وحصد جوائز الأغاني والمناظر التي شارك في تصميمها ورسمها فريق ضخم من الفنانين.
واللافت للنظر في هذا الفيلم هو تركيزه على شخصية الجميلة... وتقديمها للمشاهد على أنها قروية مثقفة جداً تشغل اهتمام أهل القرية بعشقها للقراءة، وبكونها ابنة مخترع مبدع، ثم برفضها الزواج من أشد شباب القرية وسامة، بسبب غروره وخوائه!
وفي كل هذا كسر للمفهوم التقليدي في الحكايات القديمة والذي يتمحور حول ضرورة أن تبدو الفتاة فقيرة ذليلة مسكينة تنتظر الحل والخلاص بسلبية واستكانة إلى أن يتحقق ذلك على يد فارس تتمثل فيه كل قيم الشجاعة والحكمة والجرأة التي تفتقدها! الفيلم رحلة خرافية رائعة في عالم من الدهشة يموج بالخيال والموسيقى والألوان بشكل يبعث الفرح في النفس إلى حد الذهول، ويتطرق إلى فلسفة القبح والجمال بأسلوب ذكي عميق يحاكي العقل والقلب معاً.
مع ذلك، أذكر أن بعض العائلات اكتفت بأن أرسلت أطفالها مع مربياتهم الآسيويات لمشاهدته بداعي أنه فيلم كرتوني لا يمكن أن يرقى إلى مستوى اهتمامات الكبار.
إلهي كم هو محزن زهدنا هذا في البحث عن عوالم الدهشة... وكم هو مؤلم انطفاء الطفولة في أرواحنا!