ما هو الدور العضوي للرصيف الذي يأتي دوما جزءا اساسيا من كل شارع تسير فيه المركبات في اطار تنظيم أي مدينة من المدن التي نعرفها في العالم، حتى اننا لا نذكر ان هناك مدينة في أي بلد قامت فيها شوارع تتنقل فوقها مركبات لاغراض متعددة، ولم يكن لشوارعها ارصفة ذات استخدامات واضحة ومحددة وفي المدن التي تحترم سكانها، لا يُسمح الاعتداء ايا كان على هذه الاستخدامات، وان كنا نلحظ احيانا، وفي حدود لا تتسع كثيرا، ان هناك مواقع ارصفة، في بعض المدن، تم توسيع غايات استخدامها، بما فرضته معطيات سياحية او حضارية او تاريخية مستمدة من قيم جمالية، سمحت بتمديد الاستخدام الاساسي والوظيفة الحيوية للرصيف.. الا وهي توفير مجال آمن لمسير المشاة على امتداد هذه الشوارع مهما طالت.
ما الذي حددناه عندنا من وظيفة لرصيف الشوارع في مدننا؟ بداية الرصيف ليس عندنا من المكونات الرئيسية للشوارع، كما هو في مدن تاريخية او حديثة على امتداد العالم، فهو احيانا هناك موجود يعلن عن نفسه، وهو احيانا رغم وجوده مخنوق غير قادر عن التكلم كي يعلن عن نفسه وهو في احيان ثالثة غائب تماما لن تجدي كل المحاولات للبحث عنه حين تتيه معالم الحدود بينه وبين الشارع الذي يفترض ان يحدده، وفي اغلب الاحايين تأتي بنية الشارع قرعاء دون رصيف لا للمشاة ولا حتى لاي من الاغراض الاخرى التي نجحنا في جعل الرصيف وسيلة للقيام بها، فالانتقال في هذه الشوارع، يتم من الاسفلت المحدد للشوارع التي تسير عليها المركبات الى الحد الترابي الذي يفترض ان يشكل الرصيف المخصص لاستخدامات المشاة.
ننتقل بين مناطق مدننا، فنكتشف كيف تفتق ذهننا عن ابداعات طورت وظيفة الارصفة ان وجدت هنا او هناك، بعد ان تحزن على حال شوارع غابت عنها الارصفة، اما لانها اساسا ولدت هكذا دون رصيف، واما لان رصيفها الذي كان ذات يوم قتل والقيت جثته على جانب الشارع وتحللت مع الزمن، يلفت انتباهك ان هذا رصيف حمل على كاهله مواد اولية لمشروع انشائي يقع بمحاذاة الرصيف المنكوب هذا، الذي يتجاوزه المشاة معتدين هم الآخرون على الشارع المخصص للمركبات معرضين حياتهم للخطر، اما اذا ما سلم الرصيف من مثل هذه المواد، وقع تحت عبء المخلفات التي انتجها المشروع والتي تبقى تثقل كاهل الرصيف حتى يتم بناء المشروع بالكامل ويضطر مالكه لازالة تلك المخلفات تحت ضغط احتياجات تسويق مشروعه.
ليس هذا فحسب، بل قدرنا على ابتداع وظيفة اخرى للارصفة ان وجدت، وهذه الوظيفة تمثل في اخضاع تلك الارصفة لاحتياجاتنا الدعائية، حين جعلناها مواقع اعلان عن سيارات للبيع واضفنا على هذا شقق للايجار ولا ندري ما الذي تحمله الايام القادمة من احتياجات اعلانية ستجد مكانها على الارصفة المصادرة من حقوق المشاة والمجيرة لتحقيق مصالح البعض، مما يمثل اعتداء وسرقة تجسد المقولة المال السايب يعلم الناس السرقة، فحين سابت الارصفة دون ان تجد حماية من صاحب الولاية لها عمد البعض الى سرقتها من وظيفتها الاساسية واستخدموها لخدمة مصالحهم الخاصة، ضاربين حقوق الآخرين بعرض الحائط او الحيطان الكثيرة الممتدة على طول الشوارع التي فقدت ارصفتها لتهاون البلديات ومن قبل امانة عمان عن الدفاع عن مقتنياتها وحقوق المواطنين المشاة.