كتب - عبدالحافظ الهروط - اوردت فضائية عربية معروفة تقريراً حول اللاعبين الاردنيين، لزميل اردني يعمل هناك، وجرى عليه تعليق مقتضب من زميل اردني آخر يعمل في صحيفة محلية.
لا نريد ان نعقب على التقرير والتعليق، فلكل رأيه، ولكننا في «الرأي» اكثرنا الحديث عن اللاعب الاردني الذي يقارع في الاندية والمنتخبات نظراءه على الساحة الرياضية ، وساحة كرة القدم على وجه الخصوص، فقد علق برؤوسنا مصطلح المنافسة «بصدور عارية» حيث المقارنة من حيث الامكانات المادية وفرص الاحتكاك، مقارنة ظالمة مع اللاعب العربي والآسيوي، وهذا لا يحتاج الى اجتهاد، لا من صاحبي التقرير والتعليق، ولا من جانبي، ولكن؟
تناول التقرير باختصار راتب اللاعب الاردني ورواتب بعض اللاعبين العرب، ويا لها من مقارنة بين 500 دينار وآلاف الدولارات، كما اشار التقرير الى المسمى الوظيفي للاعب الاردني مع ان اللاعب ليس له مسمى، سوى الاحتراف او الهواية، وما كان يحدث وظيفياً- بصرف النظر عن المسمى الشكلي او الراتب الذي يتقاضاه- ما هو الا «للمساعدة» فاللاعب الاردني ونظراً للظروف الاقتصادية يلعب، وراتبه الاحترافي «تحت خط الفقر».
ما يواجهه اللاعب الاردني وهو يمثل الوطن في مثل هذه اللقاءات التي يخوض فيها تصفيات كأس العالم وغيرها، ليس المقارنة بينه وبين نظرائه في الجوانب المادية، فحسب وانما في فرص الاحتكاك من معسكرات تقام في الخارج ولقاءات مع منتخبات لها باع طويل في عالم الكرة، وكذلك في نشأته الكروية وما توفر له الدولة من ملاعب للقاءات وملاعب تدريبية ومرافق صحية وعلاجية واجهزة تدريب وكوادر طبية خبيرة لرعاية النشء، قبل ان نرى أنس بني ياسين وعبدالله ذيب وبهاء عبدالرحمن وخليل بني عطية كنماذج لجيل الشباب وهم يلعبون في صفوف المنتخب، لا بل ان هذه النماذج ، فان من يناظرها من حيث «السن» ، يلعبون في منتخبات البرازيل والارجنتين ومعظم المنتخبات العالمية وبرشلونة وريال مدريد وغيرها، بسبب التنشئة المبكرة في الملاعب.
هذه الاحتياجات الضرورية من بنية تحتية وتغذية وصحة وتنشئة تدريبية وتشكيل ثقافة لدى النشء وغيرها، هي التي يتطلب توفيرها من الدولة في قطاعيها العام والخاص، كما يتطلب التنسيق مع الجهات الرياضية المعنية لإعادة النظر في السياسة الرياضية والاستراتيجية التي تقوم عليها الرياضة الاردنية، ان كان هناك سياسة وهناك استراتيجية.
ان ما نشاهده على الارض، هو ان الساحات المدرسية والجامعية واراضي الدولة، حيث لا ساحات للأندية، قد صارت «حدائق اسمنتية» بدل ان تكون حدائق وساحات لممارسة اللعبة، أي لعبة، وان ما نشاهده من خطورة على حياة اطفالنا والفئات العمرية المبكرة وهي تتقاذف كرة القدم على الشوارع خير دليل على ان الرياضة لم تعد على قائمة اولوياتنا!.
هذا هو المطلوب من الدولة ان تبدأ به، وليس صحيحاً ان الاردن رغم مقدراته التي نعرفها، غير قادر على توفير مناخ رياضي صحيح، فنحن اذا ما دخلنا «باب السياسة» فان هناك مئات الشخصيات الثرية التي تودع ثرواتها في مصارف خارجية ومحلية، ومئات الشركات الرابحة، ومئات الانظمة والتشريعات ، تستطيع ان توجد رياضة اردنية حقيقية على الساحة الدولية، فتلك الشخصيات والمؤسسات والتشريعات في الاردن لم تستطع مع غيرها من جهات، ان تقدم الاردن في صورته الرائعة التي ظهرت على مستوى القارة الآسيوية، مثلما فعل اللاعب الاردني الذي يتقاضى راتباً «تحت خط الفقر» ورغم ذلك، عبّر عن وطنيته ونضاله من اجل علم الوطن وسمعة الاردن.
نعم ان مشكلة المواطن الاردني الغيور، تتمثل بطموحه اللا محدود، فهو يطالب المنتخب الوطني في ظل هذه الظروف، التأهل الى نهائيات كأس العالم ، واكثر من ذلك، الفوزعلى البرازيل في عقر دارها، فيما آخرون همهم في الاردن ان يكنزوا الذهب والفضة، دون ان يرف لهم جفن على رياضة ورياضيي الوطن، فهل يعقل؟.