قوام ما كان يتغيّاهُ جلالة الملك و يتعشم تحقيقه بين مرام وغايات ، حصاداً واعداً ونتاجاً ميدانياً على أرض الواقع ، أراهما سهمين انطلقا في وقتٍ واحد ومن قوسٍ ملكية واحدة ، للذي ما زال وبإجماع المعنيين حديث الساعة في الشارع الأردني ، و أعني المقابلتين الملكيتين الهامتين و النوعيتين الأولى مع مدير عام بترا والثانية مع نقيب الصحفيين ، وجدير هنا تسجيل نقطة نظام أحسب أنها مفصلية وفي غاية الأهمية والحيوية ، وهي أن المسوغ السامي ، والذي جعل الفارق الزمني بين المقابلتين قصيراً ومحسوباً ، لم يأت هكذا من فراغ ..
من هنا .. ووفق التخريجة أعلاه ، فإنه يمكن الخلوص إلى مسلمةٍ فصل خطاب ، وهي أن المقابلة الأولى على شموليتها وحسم تعريفها بالمقابلة الأهم في المرحلة الأهم ، من حيث أنها قد تشرفت بنقل الإجابات الملكية الشافية على جميع أسئلة الوطن والمواطنين ، ما يستوي فلترةً هامةً ومفصلية من حيث جدلية خطابها في نشدان الجمعي ، وأعني بالجمعي أنه ما كان أحوجنا ، جميعاً - في القطاعين الرسمي و الشعبي بوجه خاص ، إلى ذوب هذه المقابلة / المنعطف ، إلا أنها ومع ذلك كله جاءت وبحق مهاداً سمحاً للمقابلة الثانية مع النقيب زغيلات ..
وعليه وهضماً للبوح السامي وتلبيةً للنطق الشريف في آنٍ معاً ، راح النقيب زغيلات ومن فوره كنقيب للأسرة الصحفية والميديا الإعلامية بإجمال ، إلى ما من شأنه بلورة أمانة الدور الإعلامي في بُعدِ المسيرة الوطنية والإصلاح الشامل ، مستنداً إلى يقينٍ ملكيٍ جاهرت بداله ومدلوله المقابلتان بأكثر من معنى وبغير مبنى ، ما يمكن الإفصاح عن معادلته الملكية بأن الإعلام بأقانيمه المختلفة هو الوسيطة المثلى للتغيير فالتطوير والتحديث ، وبأن الإعلام عبر مرآته الصحفية على وجه التخصيص ، سيقوم بواجبه المناط به على ما يُرام انصياعاً لمطلوب شعارنا المقدس : ( الله / الوطن / الملك ) ..
و بهذا المعنى فأن حصاد الدور الإعلامي - المرتجى ، عملياً وعلمياً ، سيؤتي أُكُلَه خيراً عميماً على مملكتنا المفتداة ورضىً عظيماً من مليكها المفدى حفظه الله ، ما تتوزع أهم عناوينه على الحرية الصحفية ، و سقفها المسؤول وكما رسم تضاريسه و حدوده جلالة الملك ، هو السماء و أجزم بكل لغات الأرضين أن جلالته كان يعني سماء الوطن ، و هو مما لن يستوي على سوقه إعلاماً حراً أو صحافةً وطنيةً ، إلا - وبحسب تصريحٍ للنقيب زغيلات ، باعتناق المهنية وسيلة وغاية ونهج حياة في نهاية المطاف ..
الإعلام .. إذن ، من حيث هو الحصن الحصين و المحضن الأمين على طرح أسئلة الراهن ، كان هو غاية المقابلتين الملكيتين ، إذ انقسم الصحفيون ومنذ شهرين وتزيد وعلى هامش تقولات سياسيين وصالونيين وأيضاً إعلاميين إلى فريقين ، الفريق الأول يرى بأن سقف الحرية الصحفية يتعدى سماء الوطن وبأنها جزء من سماء الكوكب (!!) بمعنى تغريب الحوار والأدق تسفير بوحنا الوطني الداخلي إلى الخارج ، فهؤلاء والذين (قطعوا اللحمة على قد سنانهم !) ، هم .. أنفسهم - وقد حرنا في تصنيفهم بين أقلام مسؤولة حيناً وأعدقاء أحياناً (!) الذين قدموا الفرصة كاملةً لخوارج الخارج (!) كي يتلذذوا ( بنتف فروة رأس الوطن ) بالشوكة والسكين !، إذ يرون - ووفق مقاييسهم للحرية الصحفية .. اللامهنية قطعا- أنه ما من تثريب عليهم في إرسال رسائل إلى الخارج بمقاطعة مهرجان الأردن مثلاً ، وقِس على ذلك ما دار من حوارٍ أنوي / مصلحي - حتى لا نقول حوار طرشان خوف فرية ( حسبت الناس كلهمو غضابى ) ! - حول بيع بعض ممتلكات الحكومة والتي ثبت ( رسمياً ) بأنها كانت بغرض وطني هو سداد الدين الخارجي ( الخ ) ..
أما الفريق الثاني فيذهبون مذهباً يدافع عنه ، و بضراوة ، النقيب زغيلات ومعه جند فرقاطة المهنية في الجسم الصحفي / الإعلامي ، وهو أن الصحافة بخاصة والإعلام بعامة هما المرآة العاكسة والترجمة الواقعية لجهة الرأي العام ، للذي يحدثه الرسميون والسياسيون والحزبيون بما في ذلك أعضاء البرلمان ، بل ينسحب ذلك أيضاً على أصحاب القرار الرسمي والشعبي في الدولة الأردنية ، من حراكٍ على شكل تصريحات أو قراراتٍ أو تغييراتٍ من شأنها التأثير والتأثر سلباً أو إيجاباً ، وبالتالي تمسُ الصالح العام وتتعلق بمصلحة الدولة العليا وتهم أيضاً المواطن في الشارع الأردني ، وجديرٌ ، بالمناسبة ، وللحديث بقية ، التنويه بمقالتين متعاقبتين للدكتور الفانك الأسبوع الماضي بهذا المقام ، توسطتا بمنتهى الشفافية الموضوعية وباختصار الفانك النابه المعروف نقطةً قواماً بين الرأيين المذكورين ، ولعل مقالة الزميل سامي الزبيدي (الملك والحريات) الأربعاء الماضي ، قد قالت ، وبكلمة ، قول حذام الحال حين لخصته وعلى لسان عطوفة مدير المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي ، بأننا .. في الأردن : ( مخابرات دولة .. لا دولة مخابرات ) ، ومع الزميل الزبيدي .. نقلاً عن النقيب زغيلات .. نقول .. ولا نمل نعيد : شكراً .. جلالة الملك .