بغض النظرعن اعتراضات المعترضين حول الدوافع الحقيقية لاتفاق الدوحة او الجهات التي ( حرضت ) على المصالحةفان مزاعم كهذه لا تصمد امام المنطق الصارم . فعلى سبيل المثال اذا كانت هناك مصلحة او رغبة اميركية في استقرار لبنان فالرغبة الاقوى والملتحمة عضويا بالرغبة الاسرائيلية ترجح اي وضع يفعل القرار 1559 القاضي بنزع سلاح حزب الله واي اجراءات تقلم مخالب وانياب الحزب فهو الذي قهر اسر ائيل في تموز 2006 وهوالامر الذي لايهمل او ينسى او يغتفر !! بينما المجابهة الا خيرة بين الاكثرية والمعارضة في لبنان والتي تمت بعد اشهار القرارات الخلافية اياها والتي اضطرت الحكومة بعدها للعودة عنها لم تسفر عن خسارة للحزب بل دفعت النتائج بالجميع للهرولة الى قطر وليبقى منجمو السياسة يضربون اخماسا في اسداس حول تطورات الاحداث وتسارعها .
بغض النظر عن ذلك كله وغيره فان اتفاق الدوحة كرس قضيتين تجيران بقوة وبقوة كبيرة لصالح لبنان والعرب ولا احد يستطيع ان ينازع في ذلك .اما لبنانيا فان ( حسابات) جميع الاطراف دفعتها بعدالجولة الاخيرة بمافيها حزب الله نفسه الى العدول عن سياق العنف اللامجدي الى تحقيق المكاسب السياسية وجمع اكبر قدر من الاوراق القوية والنقاط الرابحة وان كرصيد للمستقبل ؛ فحزب الله تحكمه معادلة شديدة التعقيد تتدخل فيها اطراف اقليمية عديدة بالاضافة لعناصر المعادلة الداخلية ذات الحساسية المفرطة مما يجعل خطواته محسوبة بدقة متناهية فاي خلل يعني الخسارة مما يجعل تحقيق مكاسب سياسية اكثر جدوى ؛ بينما طرف اخر كوليد جنبلاط راى بام عينيه نتائج العنف في معارك الجبل ادرك بان احوال السبعينيات والثمانينيات قد تغيرت 180درجة وهو ما ألجأه الى طلب الوساطةللتفاوض مع الخصوم الجدد(حزب الله). واما تيار الحريري فقد كانت المجابهات الاخيرة الاختبار العملي الاعمق الذي تحقق معه من حجم قوته على مختلف الاصعدة مما بات مؤتمر الدوحة له وللجميع الميدان الافضل للتداول وتثبيت المكتسبات او على الاقل لضمان عدم الاضطرار للتنازل وتسجيل التراجعات .
عربيا فان جهود الجامعة التي تكثفت وتعمقت على امتداد الثمانية عشر شهرا الماضية لم تات من فراغ ولم تصب في فراغ بل كانت بالاضافة للمبادرة العربية قد نجحت ببلورة صيغ حلول للعديد من القضايا الخلافية تم التفاهم او التوافق حول العديد منها بالاضافة لاستيعاب ملابسات مواقف جميع الاطراف ونقاط القوة والضعف لديها وبالتالي وضع اليد على مفاتيح الحلول لدى كل طرف منها وهو ما ساعد بالتوصل الى اتفاق الدوحة خلال اسبوع واحد فقط اخيرا وباختصار فان اتفاق الدوحة كسر الحاجز النفسي بين العرب والقدرة على الاتفاق وتوحيد الرؤى والمواقف واثبت انهم قادرون على صناعة الحلول وليس فقط اثارة النزاعا ت ، وهذا بحد ذاته هو الانتصار الحقيقي في مسار الملف اللبناني الشائك الذي كاد قبل اسبوع ان يعيد البلاد والمنطقة لاجواء الحرب الاهلية بكل افاتها وشرورها
