المتابع لتسارع الأحداث على الساحة العراقية بما فيها تسجيلات الظواهري التي تظهر بين الفينة والأخرى، وكذلك بروز تحالفات ومحاور مختلفة، وظهور ثلاث قوى فاعلة في المنطقة هي إٍسرائيل وإيران وتركيا تلتقي في المصالح وتتقاطع في الأهداف وجميعها متفقة على هدف واحد، يجب أن يبقى العراق ضعيفاً حتى لا يشكل قوة إقليمية موازية في المستقبل، وكل هذه المعطيات تقودنا إلى السؤال التالي: هل الصيف القادم مقبل على حروب ساخنة أم على صفقات وتقاسم النفوذ والثروة...؟.
لقد اعتقد المخطط الإستراتيجي الأمريكي أن تغيير نظام طالبان في أفغانستان وتغيير نظام صدام حسين في العراق سوف يشكل إستراتيجية خنق وكماشة لإيران من خلال الوجود العسكري الكمي والنوعي في كل من أفغانستان والعراق وضغطاً جيوسياسياً على طهران، إلا أن ما حصل هو العكس بالنسبة لواشنطن تحديداً، حيث أزاحت الحرب أكبر عدويين تقليدين لإيران أي أن الإدارة الأمريكية قدمت خدمة متميزة لطهران وفشلت نظرية الكماشة الجيوسياسية، حيث برز النفوذ الإيراني في العراق من السياسة الهجومية التي انتهجها الرئيس نجادا واعتماده بقوة على أدوات طهران الإقليمية، وتقديم الدعم العسكري والمالي لكل القوى والأطراف المعادية لواشنطن في أفغانستان والعراق بما في ذلك القاعدة، أي سقطت نظرية إستراتيجية الكماشة، وما حصل ألخصه بالمعطيات التالية:.
اعتقدت واشنطن أنها قادرة على محاصرة إيران وإضعافها وما حصل هو العكس، حيث إستفادت إيران من الأخطاء الإستراتيجية الأمريكية وقامت بخلط الأوراق وبناء تحالفات إقتصادية مع روسيا والصين، وتقديم إغراءات وتسهيلات إقتصادية لعدد من الدول الأوروبية لإضعاف قوى الضغط العالمي ولتفكيك العزلة الإقليمية.
* نجحت إيران في إختراق العمق العراقي من خلال الدعم الأمني والإستخباري للمليشيات الشيعية والقاعدة، وهذا ضاعف المأزق الأمني والعسكري الأمريكي في العراق، وهذا ما هدفت إليه إيران وهو منع واشنطن من إنجاز نصر سياسي أو أمني أو تحقيق إستقرار على الأقل في كل من أفغانستان والعراق.
* تمتلك إيران أوراقا وأدوات ضغط إقليمية إضافية أكثر من واشنطن وإسرائيل ومنها حزب الله في لبنان الذي يمثل الذراع العسكري الطويل لإيران، والإرتباط الإيدولوجي والديني والأمني والإستخباري والعسكري مع معظم التنظيمات والأحزاب والمليشيات الشيعية على الساحة العراقية، حيث يشكل الشيعة قنابل موقوتة تحركها إيران متى وأين وكيف ضد القوات الأمريكية في العراق، إضافة إلى التحالفات الإقتصادية مع الدول الكبرى (5+1) بقصد إختراق التحالف الأمريكي الغربي ضدها.
الإسلام السياسي في إيران مستقر ومتماسك على مستوى الدولة، حيث لا يوجد في إيران خلايا للقاعدة على عكس باكستان التي تعاني من عدم إستقرار الإسلام السياسي ونشاط واضح للقاعدة على أراضيها وقد تضع يدها على الأسلحة النووية إذا إهتز النظام السياسي.
أعتقد أنه ليس من مصلحة إيران إحياء الوطنية العراقية عبر التوافق السياسي العراقي وليس من مصلحة الولايات المتحدة قيام دولة شيعية في العراق أو حكومة موالية لإيران ولكن قد تكون المصلحة الوحيدة بين واشنطن وطهران الإتفاق على صيغة تقاسم النفوذ والثروة وتقسيم الأقاليم في العراق، أي الدفع بإتجاه تقسيم العراق ومنع قيام دولة مركزية قوية فيه وما دامت المحادثات بين الطرفين تستبعد الأمم المتحدة والقانون الدولي.
أن الحروب لا يوجد لها نهايات حاسمة بل تقود إلى صراعات متوالية ممتدة تسمح بدخول قوى جديدة لساحات الصراع في لبنان وأفغانستان والعراق وحتى بعد نهاية الثمانينات بعد أن تولت الولايات المتحدة قيادة العالم ما زالت تواجه التحديات التالية:.
* تغيرات الجغرافيا السياسية وحروب الموارد الجغرافيا الجديدة للنزاعات .
* الحروب والنزاعات الأهلية والإرهاب والولاء للأثنيات والإيدولوجيات المتطرفة.
* حالة عدم المساواة الفجوة بين الأغنياء والفقراء وإتساع الفجوة الرقمية وانتشار المجاعات والأمراض، كما أن إسرائيل بعد مرور 60 عاماً على قيامها ما زالت تواجه كماشة من ثلاثة أبعاد وهي سوريا من الشمال والشرق، وحزب الله في الجنوب اللبناني، وحماس في غزة ، وهذه الأطراف الثلاثة قد تلتقي مع إيران وبمستويات مختلفة وحسب متغيرات البيئة الإستراتيجية.