كتب: زياد الشلة - إن الأتعاب حق للمحامي كفلته القوانين والتعليمات الناظمة لهذه المهنة المقدسة والرسالة النبيلة في الدفاع عن الحق وإقامة صروح العدل والانصاف بعيداً عن الظلم والإجحاف.
وقد حددت التشريعات المتعلقة بالمحامين مقدار أتعاب المحاماة وحددت سقفاً أعلى لهذه الأتعاب بما لا يتجاوز نسبة 25% ولا يقل عن 5% من القيمة الحقيقية للمتنازع عليه إلا في أحوال استثنائية يعود أمر تقديرها إلى مجلس النقابة وإذا انهى المحامي القضية صلحاً أو تحكيماً وفق ما فوّضه به موكله أو عدل الموكل عن متابعة القضية بعد توقيعه الوكالة لأي سبب من الأسباب استحق المحامي الأتعاب المتفق عليها ما لم يكن هناك اتفاق مخالف.
ورغم أن الأتعاب حق للمحامي وكفلته القوانين والتعليمات وتم تحديد نسبة الأتعاب ما بين 5% إلى 25% من قيمة الدعاوى بالمحاكم أو الاتفاق على أتعاب محددة مسبقاً إلا أن هناك بعض المحامين يبالغ ويشتط بالمطالبة بالأتعاب والاستشارات القانونية التي تثقل كاهل بعض الأفراد وحتى المؤسسات والشركات التي تقدر قضايا بالملايين والتي تنعكس سلباً على هذه المهنة المقدسة في الدفاع عن الحق واحقاق العدالة بين المتنازعين حيث لا يخلو الواقع بقصص أشبه ما تكون بالخيال مما حدث مع كثيرين من ممارسات بعض المحامين مما يؤدي بهم إلى عرض شكاويهم وتظلماتهم على نقابة المحامين والتي تضطر إلى عقد مجالس تأديبية للمسؤولين والمخالفين لأسس وأخلاقيات المهنة بهدف عدم تشويه البعض من المحامين للصورة الناصعة للمحاماة في الأردن والتي تهدف إلى حماية المجتمع من الشوائب والسلبيات والاختلالات وتكريس الحق والعدل.
وللأسف الشديد فإن هناك بعض المحامين يستغلون موكليهم نتيجة جهلهم بالتقاضي وأصول المحاكمات ورفع القضايا ومتابعة حقوقهم بالمحاكم بحيث يتم وضع بنود تعجيزية أمام الموكلين من خلال دفع أتعاب للمحامين قد تفوق القيمة الحقيقية للمتنازع عليه وبعض المحامين يلجأ إلى المراوغة في الاتفاق على قيمة الأتعاب من خلال عدم تحديد النسبة المتفق عليها أو ترك القيمة الى ما بعد البت بالقضايا لمحاولة الحصول على قيمة أكبر من التعويضات والبعض يتذرع بالقانون الذي يجيز تقاضي 25% كحد أعلى كأتعاب دون النظر إذا كان هناك ورثة وقضايا قد تمتد لسنوات طويلة تكون قد ضاعت حقوق العديد من المواطنين.
المواطنون يشتكون من المبالغة باتعاب المحامين عند التقاضي امام المحاكم من خلال قيام المحامي بتضخيم الخدمات والمعاناة التي يقوم بها المحامي ويقدمها خلال فترة التقاضي والمرافعة امام المحكمة والفترة الزمنية التي تستغرقها البت في القضايا رغم ان حالات كثيرة السبب في المماطلة والتأجيل يعود لبعض المحامين من طرفي النزاع بحيث شبه اتفاق باطالة امد المحاكمة وطلب التأجيل لالغاء الانطباع لدى الموكلين ان المحامين يبذلون جهوداً كبيرة في اعداد المرافعات وتقديم البيانات.
ويؤكد المواطنون ان هناك محامين يتم الاتفاق معهم على قيمة اتعاب محددة الا انه بعد صدور الحكم لصالح موكليهم تبدأ عملية المفاوضات بقيمة الاتعاب مرة اخرى للحصول على نسبة اكبر وقيمة اتعاب اكبر وخاصة اذا كانت القضية تتعلق بمبالغ كبيرة قد تصل الى ملايين حيث يشترط المحامون تقاضي نسبة قد تصل لأكثر من 10% او 20% وعدم القبول بقيمة اتعاب محددة رغم عدم وجود اتفاق خطي او توقيع عقد يتضمن قيمة او نسبة الاتعاب في حال الحكم لصالح موكليهم لتبدأ المشاكل والمنازعات بين المحامي والموكلين.
ويضيف مواطنون ان بعض المحامين لا يكتفون بقبول نسبة او قيمة محددة بل تستمر المطالبة باتعاب طيلة فترة نظر القضية امام المحكمة حيث تبدأ من الرسوم الى الطوابع الى رسوم اخرى الى تصوير الى شهود وقائمة طويلة لا تنتهي فصولها نهائياً ويقول المواطنون ليت الامر او القضية تنتهي بالاتعاب والمغالاة في قيمة الاتعاب الا أن المشكلة الأكبر التي نعاني منها بالقضايا المرفوعة تتعلق في المماطلة والتأجيل والارجاء اما لعدم حضور محامي الوكيل او محامي الخصم فالبعض يلجأ الى ثغرات قانونية تتعلق بامكانية طلب التأجيل او الارجاء لمرتين أو ثلاث من خلال عدم علمه بموعد الجلسة او عدم تسلمه الاشعار او عدم تمكنه من احضار الشهود او عدم تمكنه من اعداد المرافعة لتبدأ فصول القضية التي لا يمكن ان تنتهي بفترة محددة فقد تصل الى عدة سنوات وقد يتوفى الموكل ويبدأ الورثة بالماراثون الذي يمكن ان يستمر لسنوات عديدة وقد تصل ليس للابناء فقط وانما للاحفاد ايضاً مطالبين بضرورة تحديد نسبة الاتعاب والاسراع في البت بالقضايا للحفاظ على حقوق المواطنين.
المحامي خليل البنا مستشار وخبير في الشؤون الاجتماعية والقانونية يقول جاء في المادة (45) من قانون نقابة المحامين النظاميين ما يلي للمحامي الحق في تقاضي بدل اتعاب عما قام به من اعمال ضمن نطاق مهنته كما له الحق في استيفاء النفقات التي دفعها في سبيل القضية التي وكل بها.
ويتقاضى المحامي اتعابه وفق العقد المعقود بينه وبين الموكل على ان لا يتجاوز هذه الاتعاب 25% ولا يقل عن 5% من القيمة الحقيقية لمتنازع عليه الا في احوال استثنائية يعود امر تقديرها الى مجلس النقابة واذا انهى المحامي القضية صلحا او تحكيما وفق ما فوضه به موكله او عدل الموكل عن متابعة القضية بعد توقيعه الوكالة لاي سبب من الاسباب استحق المحامي الاتعاب المتفق عليها ما لم يكن هناك اتفاق مخالف.
ويؤكد المحامي البنا على ان الاتعاب حق للمحامي كفلته القوانين والتعليمات الناظمة لهذه المهنة المقدسة والرسالة النبيلة في الدفاع عن الحق واقامة صروح العدل والانصاف بعيدا عن الظلم والاجحاف.
والاتعاب ليست اجورا ومكافآت بل هي اتعاب للمحامي لقاء ما يقوم به من جهد مضن في قيامه بالواجب المنوط به وما يبتغيانه في احقاق الحق ودحر الظلم وهو يقوم مقام الموكل في المرافعة والمدافعة واظهار البراءة بالبينات وما تجشمه من صعوبات في كثير من الاحيان لتبيان الحقيقة ناصعة دون لبس او غموض وهو في سجال دائم من اجل موكله، وربما تطول القضية التي يترافع فيها سنوات وسنوات ويعد من اجل ذلك اللوائح والمذكرات التي تحتاج الى ذهن صاف وعقل يقظ وفهم عميق ولقاء ذلك كله يتقاضى هذه الاتعاب التي تتبخر مع اطالة مدة التقاضي التي يضطر مرغما للسير بها وبالاجراءات التي تفضي في نهاية المطاف الى كسب القضية لصالح موكله.
ولا شك بان البعض يشتط في مطالبته بالاتعاب والاستشارات القانونية التي تثقل كاهل بعض الافراد ولكنه لا يؤثر البتة على المؤسسات والشركات التي تقدر قضاياها بالملايين من الدنانير وما يستحقه المحامي لقاء ما يقوم به هو غيض من فيض من ارباحها ومكتسباتها اذا قيض له كسب القضية، وليس كل المحامين من وكلاء الشركات الضخمة والبنوك القائمة على اموال لا تأكلها النيران وتزداد ارباحها مع كل اشراقة شمس وجل المحامين ربما لا يجدون ما يقيم اودهم، اولا لكثرتهم وثانيا بسبب احتكار قلة من المحامين لاكثرية القطاعات الاقتصادية ومنذ سنوات ولا يسمحون بدخول هذه الجنة لغيرهم وانه مما يؤسف له لا يوجد توزيع عادل بين المحامين كوكلاء لهذه الشركات لان البعض منهم وكيل لعشرات منها من خلال المحامين الذين يعملون بكنفهم وتحت مظلتهم وآخرون وهم الاكثرية يعانون من شظف العيش والاعتماد على القضايا الفردية التي ربما لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تسد احتياجات المحامي الاساسية في سكنه وعائلته وقيافته ومكتبه وظهوره بالمظهر اللائق ومن نافل القول بان الشطط والمبالغة في تضخيم الاتعاب ومسؤوليتها وقفزاتها ربما ينفر الاخرين فيضيقون ذرعا بهذه المهنة وبحاملي لوائها ويؤثر سلبا عليها، هي في الحقيقة في غنى عنه والاحرى ان يتقي المحامي والمستشار الله فيما اوكل اليه من مهام وان يخشى الله ويلتزم بالحق والنزاهة والتقدير السليم للاتعاب، ولا يخلو واقع الحال بقصص اشبه بالخيال عما حدث مع كثيرين من ممارسات بعض المحامين فضاقوا ذرعا بهم ثم عرضوا شكواهم وتظلماتهم على النقابة التي عقدت بدورها المجالس التأديبية للمستغلين والمخالفين لاسس واخلاقيات المهنة وكانت لهم بالمرصاد، اذ لا يجوز في المطلق ان يشوه البعض وعلى مذبح الاثرة والانانية والاستغلال الصورة المشرقة للمحاماة التي هي في الاصل حماية للمجتمع من الادران والشوائب والمثالب والاختلالات وتكريس الحق والعدل.
فأينما وجد العدل فثم شرع الله وامره ورضاه كما قال ابن القيم الجوزية رحمه الله.
المحامي بشير المومني يقول: لقد حددت التشريعات المتعلقة بالمحامين مقدار اتعاب المحاماة وحددت سقفا اعلى لهذه الاتعاب بما لا يتجاوز نسبة خمسة وعشرين بالمئة من القيمة الحقيقية للمتنازع عليه وذلك في المادة (46) من قانون النقابة ويمكن لهذه النسبة ان ترتفع في احوال استثنائية يعود امر تقديرها لمجلس النقابة، ومن الاخطاء الشائع ما بين المحامين اعتمادهم للفقرة الرابعة من نفس المادة ليكون الحد الادنى لنسبة الاتعاب خمسة بالمئة في حين ان النص متعلق بوجوب اصدار الحكم باتعاب المحاماة من قبل المحكمة في حال طلب الخصوم ذلك على ان لايزيد المبلغ عن خمسمئة دينار في مرحلة الدرجة الاولى وان لا يزيد المبلغ المحكوم به كاتعاب في مرحلة الاستئناف عن نصف ما حكمت به محكمة الدرجة الاولى، كما نشير الى خطأ شائع اخر لدى المحامين من حيث اعتبار اتعاب المحاماة التي تحكم بها المحكمة من قبيل اتعاب المحامي في حين انها من حق الخصم المحكوم له الا اذا ورد نص خاص في اتفاقية اتعاب المحاماة على اعتبارها جزءا من اتعاب المحامي، حيث ان الاصل باتفاقيات اتعاب المحاماة ان تكون مكتوبة.. وبالرغم من وجود نصوص صريحة على استحقاق المحامي لاتعاب المحاماه بمجرد توقيع عقد الوكالة الا ان اجتهادات محكمة التمييز قررت ان اتعاب المحاماة تستحق عند بذل الجهد باعتبار ان عقد الوكالة من عقود العمل لكنه ذو طبيعة خاصة تحكمه النصوص المتعلقة بالمحامين..
ويشير المحامي بشير المومني إلى أنه ومن خلال الممارسة العملية فقد وجدنا حالات تستبهظ اتعاب المحاماة وتلجأ الى محامين قليلي الخبرة مما يؤدي الى ضياع حقوقهم بسبب اخطاء شكلية او موضوعية وبعد ذلك يلجأون لمحامين من اهل العلم والدراية وتبدأ ما يسمى بمرحلة (الترقيع) وهي محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه .. ولقد شاهدنا بعض الحالات التي خسر فيها اصحابها او بعض الشركات ملايين الدنانير بسبب اخطاء اوسقطات قانونية في العقود او في الدعاوى ترتب عليها كوارث مالية او سوء توجيه وضعف قانوني في القضايا الجزائية ترتب عليها صدور احكام بحبس اشخاص ما كان يتوجب ان تصدر بمواجهتهم مثل هذه الاحكام..
وبعد.. فإن التساؤل المثار حالياً: كيف لمحام أن يحدد نسبة الأتعاب دون الاتفاق مع الموكلين مسبقاً وهل يحق للمحامي تحديد النسبة دون اتفاق مع الموكل أو دون تحديد النسبة عند توقيع التوكيل للمحامي ولماذا لا يتم تحديد النسبة المقررة ويتم الاتفاق عليها مسبقاً ما بين المحامي والموكل وفي حال البت بالقضية يتم الحصول على النسبة المقررة وهي يحق للمحامي تحديد النسبة المطلوبة بعد صدور الحكم دون الاتفاق مع موكله وكيف يتم حل هذه الاشكالية هل سيتم اللجوء للمحكمة لتحديد النسبة المقررة من قيمة المنازعات أو اللجوء إلى نقابة المحامين للوصول إلى حل توافقي يرضي الطرفين المحامي وموكله.
والتساؤل الآخر المطروح: عند صدور الحكم بأتعاب المحاماة من قبل المحكمة هل هذه القيمة تذهب للمحامي أم لموكله وهل يتضمن القانون نصاً بأن الأتعاب تصدرها المحكمة عند البت بالقضية حيث يصدر القرار بتحديد مبلغ محدد كأتعاب للمحاماة ولماذا الازدواجية في أتعاب المحاماة؟.
ومن هنا يجب على المحامي عدم الشطط وعدم تضخيم خدماته في معرض تحديد أتعابه ولا يجوز له استغلال حاجة موكله أو عدم خبرته من أجل الحصول على أتعاب باهظة تفوق الخدمات التي قام أو يمكن أن يقوم بها ولا يجوز اعتبار مقدرة الموكل المالية مبرراً لاستيفاء أتعاب تتجاوز الخدمة التي تقدم له وأما إذا كان فقيراً فيجب ان تكون الأتعاب بأقل حد ممكن ولدى تحديد الأتعاب يجب أن يؤخذ بالاعتبار الوقت والجهد اللازمين وموضوع الدعوى وظروفها والمهارة اللازمة للسير بها.
[email protected]