خذوه ... قطعوه نجوماً صغيرة ... وسوف يجعل وجه السماء جميلاً ... فيعشق الناس المساء ... ولا يلقون بالاً للشمس الطالعة.
جوليت تنص روميو
ثلاثة ألقوا مرساة تجوالهم في عمان ... بعد أن شرعوا أبواب الدنيا في بلد عربي شقيق لأسماك التراب كما سماهم الرافعي بحروف الورق، بكل الكتب البيضاء، بكل بيوت الشعر الناعمة الخضراء، بالطبشورة ... بورق الدفتر ... أنت الدنيا زاهية بتعب أكفهم ... الثلاثة هم د. ياغي، عمر الخطيب، وشاعر جيوس ... عبد الرحيم عمر...
ألف ... باء ... هي حروفهم .. دكتور ياغي خطا خطواته على طريق العلم والثقافة ... الجامعة ... عمر وعبد الرحيم امتطيا صهوة أثير عمان في أم الحيران ...
عمر كان رئيساً للإنتاج ... وعبد الرحيم رئيساً لفرع الأحاديث ... من برنامج عمر ... الإذاعية ... ألوان والتي كان يعدها عبد الرحيم وتقدمها مع عمر سلوى حداد وكنت أشارك في هذا البرنامج اليومي وله أيضاً فكر وأربح ... وأخرج لي برنامجاً أسبوعياً...
شموع على الطريق ... وعندما انشىء التلفزيون الأردني عين عمر مديراً للبرنامج ثم انتقلت إلى إذاعات السعودية وذات صباح ندي من صباحات جدة وفي موسم حج نظرت من غرفتي بالفندق إلى الحديقة وإذ بي أرى ظهر رجل أعرفه حق المعرفة... نزلت وإذ أنا مع عمر وجهاً لوجه أية ريح طيبة جاءت بك ؟ قال: معي كتاب لسعادة السفير الأردني وكان يومها الشيخ الشنقيطي وصحبته بسيارتي إلى السفارة ... وتكلم الشنقيطي رحمه الله مع وكيل وزارة الإعلام محمد عبد الرحمن الشيباني ... وذهبنا إلى مكتبه ثم عين عمر في إذاعة جدة وعدت أنا إلى إذاعة الرياض وبعد أشهر جاء عمر إلى الرياض واشتركت معه في تسجيل حلقات فكر واربح مع طلبة جامعة الرياض ثم عندما انشىء التلفزيون السعودي قدم بنك المعلومات وذات مساء رأيته في مكتب وزير الإعلام الشيخ جميل الحجيلات يستأذن منه بالاستقالة للدراسة في أمريكا بعدها علمت أنه عمل في إذاعة أبو ظبي وهو الذي خطط لها وكان يعطيها إنسان حينه ... معه قل نظيره ... ثقافة واسعة ... قاموس محيط... طور أعلامي شامخ... قارئ نشرة مميز ... مذيع مسابقات لا يجاري عندما عدت لإذاعة الأردن كان يتصل بي دائماً مستمع جيد للبث المباشر ... لبرنامج مع الغروب لمجلة الأثير وإلى لقاء الظهيرة.
قبل أشهر اتصل بي وقال استمع إليك في برنامج صباح النور أين أنت ؟ أريد أن أراك ولكن ليس وحدك اشتقت إلى أولادك نبيل مذيع رائع ... رائع ... وكنت أتمنى أن أراه لكن ظروف العمل حالت دون ذلك إن عمر من الإعلاميين الذين علمونا وثقفونا وعجموا عودنا حق العجم قبل أن يعلن لنا اذهبوا إلى الحياة واصنعوها هو من الذين بنوا وعمروا ومنحوا كان متميزاً فيما بنى وعمر ومنح .. خبرة ... تاريخ.
إذا كان السموأل وفياً وهو فرد فما بالك بالجموع وهي تكرم مبدعيها في شتى المجالات، ورغم أن تكريمنا لرموز لا يعني الكل فكل مخلص وطني مخلص لا يكرم حاتم يزرع فرسه أو ناقته، بل يكرم الأكرمون بتكريم المبدعين الذين ننسى دائماً أنهم التربة التي نموا فيها... التاريخ لا يرحم ولن ترحمنا الأجيال القادمة في نسبة مئوية خاطئة بعد مئة سنة أو ألف...
عمر كان من الذين أحبوا هنا عمان وعشق هنا عمان ورافقها طويلاً ... وكنا نحن الذين أحببنا هنا عمان واختطفنا منها مرات ومرات قارورة عطرها لنستنشق رائحة الحياة ... الربيع ... القمر... وكل الفصول القادمة كنا مع عمر وما زلنا حولها الأطفال في ليلة عيد.. الداروين في حلقة ذكر... السحار في ليلة قمرية.. مع هنا عمان .. كان عمر وكنا .. على موعد فالتحمنا .. توحدنا .. سافرنا إلى مدن أخرى وحلقنا في الفضاء ومشينا فوق السحاب واقتربنا من شرفات القمر هناك عند الوسيع الأزرق كل واحد منا كان لا ينام الا بعد أن يرافق هنا عمان إلى فراشها... ويطمئن عليها ... ويضع تحت وسادتها الحلوى .. ويتمنى لها ليلة سعيدة.
هنا عمان... ها هو عاشقك عمر.. يرقد على مسافة قريبة من قلبك .. أخالك الآن تذرفين دمعة.. على طور أعلامي شامخ.. كثيرا ما قدم أوراق اعتماد قلبه.. إلى حفرتك .. وساهم في اعلاء التاريخ فوق رأسك شامخاً متعالياً واثقاً... ديدنه دائما الوردة لمن .. ؟ الوردة هنا عمان ... رحمه الله يا عم ... وإلى جنات الخلد..