أكـــــلات اسلامــــية وعربيــــــة

كريمان الكيالي - منذ سنوات طويلة والطبخ يدخل قائمة برامج رمضان ،حتى أصبح طهاة الشاشة نجوما لا يقلون شهرة عن الفنانين الذين يشاركون في المسلسلات، التي تتنافس القنوات الفضائية على عرضها في الشهر الفضيل.
بعيدا عن التغريب الذي لحق حتى بموائدنا في شهر رمضان ، وفي ظل حشد كبير من وصفات الطبخ ،ومنها ما يقدم عبر قنوات متخصصة ، يسجل للتلفزيون الأردني السبق في بث برنامج يقدم أكلات اشتهرت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن تبعهم ، ثم تداولها المسلمون والعرب عبر العصور ، إضافة الى أكلاتنا الشعبية الأصيلة ، التي اصبحت من ذكريات أيام زمان الجميلة.
برنامج «اكلات اسلامية»  فكرة جريئة تستحق الاشادة والتقدير والدعم من كل الجهات المعنية، فللعرب والمسلمين ثقافة اكل متميزة واصيلة ، مثل غيرهم من الشعوب التي تتصدر اطباقهم قائمة الطعام «المنيو» في افخم مطاعمنا وفنادقنا، والاهم ان هناك اجيالا كثيرة لا تعرف شيئا عن طعام الأسلاف والأجداد..
ويقول مخرج برنامج «اكلات اسلامية « عصام بدر، أن للتلفزيون الاردني تجربة سابقة في العام الماضي ، مع ذات الشيف حيث عرض برنامج طبخ باسم «اكلة هنية «، قدم وصفات للأكلات الشعبية. ،لكن التجربة هذا العام مختلفة ،حيث تقدم وصفات من طعام في عهد الرسول «صلعم « إلى جانب اكلات من التراث، حيث تستحوذ مائدة رمضان على اهتمام الناس ، والتنافس يكون على أشده بين الفضائيات ، بخاصة فيما يتعلق ببرامج الطبخ التي يقدمها امهر الطهاة .
على خلاف طهاة يتنافسون في اغراقتا بوصفات أكلات غربية، ربما كثيرون منا لايعرف نطق اسمها اوحتى مكوناتها ، يطل شيف «غير متكلف» عبر شاشة التلفزيون الاردني ، لا يدعي النجومية، ولم يدخل السباق الماراثوني بين نجوم الطهي ، برغم ثقافته وخبرته الواسعة في هذا المجال، ويقدم وصفات اجمل ما فيها انها من تراثنا الاصيل، ومنها ما كان في عهد الرسول والصحابة والحقب اللاحقة ، ثم تداولها الناس عبر العصور الى يومنا هذا ،وان تنوعت الاسماء واختلفت الوصفات والخبرات..
ربما صحح الشيف «نضال البريحي» معلومات كثيرين منا ، بأن «الثريد» الذي كان اشهر طبق تناوله الرسول الكريم ومن بعده ، ليس مزيجا من مرق اللحم والخبز ، بل خضار متنوعة تطهى مع اللحم ، تعرف ب»الصالونا» في دول الخليج العربي ، اما حلوى «الفالودج « التي ربما تفاجأ كثيرون بصعوبة اسمها ، فهي ذاتها حلاوة السميد الشهيرة بمكوناتها البسيطة وطعمها الشهي.
ويقول»البريحي» بان برنامج «اكلات اسلامية» هذا العام وهو من انتاج السيد «عماد بديوي « خليط من الوصفات الاسلامية والتراثية لكن بقالب عصري بعض الشيء ، لها مراجع ومصادر تاريخية موثقة ، ومثلما ل»البيف استراجانوف « و»سلطة القيصر» قصصها، لكثير من أطباقنا حكايا أيضا ومنها ما هو طريف للغاية ، اضافة الى ان اكلاتنا جزء مهم من حضارتنا العربية والاسلامية، فضلا عن كونها بسيطة وسهلة ، لا يستغرق اعدادها وقتا وجهدا وغير مكلفة ،وباستطاعة اي ربة بيت ان تقوم باعدادها ، ويتساءل : لماذا نبحث عن وصفات الغرب ولدينا اطيب الاكلات وفي متناول كل الناس، ومثلما المطبخ الايطالي مثلا يعتمد على «الباستا» في اطباقه الشعبية، نحن لدينا ايضا اطباقنا اللذيذة والمغذية من القمح والفريكه والارز ، فلماذا لا تتصدر أطباقنا الشعبية قوائم افخر المطاعم مثل نظيراتها الغربية.؟!
ويضيف: ان طعامنا سواء من خلال اكلات الرسول عليه او التراث، صحي مائة بالمائة ،اذ يحتوى على كميات كبيرة من الالياف والفيتامينات التي تنظم عمل الامعاء، بخاصة في شهر رمضان ،وتمنح الجسم القوة والعافية، وربما في هذا اجابة على السؤال التقليدي، لماذا كان اجدادنا واباؤنا يتمتعون بصحة اكثر منا ، وكما نردد دائما» أنهم لم يكونوا يمرضون مثلنا هذه الايام « ! .
برنامج «اكلات اسلامية» يعرض كما يقول الشيف «نضال «في كل حلقة من حلقاته ،وصفة طبخ او حلوى اسلامية ،بالاضافة الى اخرى من التراث العربي الشعبي ،مثل المنسف والمقلوبة والرشوف والمسخن والشيش برك»اذن الشايب « والكبسة والمجدرة..الخ ، كما يقوم «الشيف» بالرد على استفسارات المتصلين ، و اعطاء بعض المعلومات عن القيمة الغذائية لكل أكلة، والملاحظ في الأطباق التي يقدمها ، انها تكاد تخلو من البهارات ، على خلاف أكلات هذه الايام ، التي اكثر ما يميزها الاكثار من التوابل ، وربما يكون ذلك أحد أسباب اضطرابات الجهاز الهضمي الشائعة والتي يعاني منها نسبة كبيرة من الناس.
وبرغم ان البرنامج ما يزال في حلقاته الاولى ،الا ان ردود الفعل الايجابية والاتصالات التي ترد من مختلف دول العالم، تؤكد تعطش الناس لوصفات بسيطة ومباركة ، و تقول ربة بيت»ام سعيد» بأنها قامت بطبخ الثريد بحسب وصفة الشيف «نضال «، فنالت اعجاب افراد اسرتها ، في حين تقول « ام معن» بأنها تفاجأت باسم حلوى»الفالودج « لتكتشف انها حلاوة السميد ،التي طالما اعدتها للاسرة والضيوف، لكنها بحسب طريقة الشيف ترى انها اسهل وابسط واقل كلفة .
البرنامج ما يزال في حلقاته الاولى ، وهناك 26وصفة ما بين طعام من زمن الرسول وآخر من التراث وربما وصفات يطلبها المشاهدون، وسيستمتع الجميع ب»الابراهيمية والخبيص والهريس والمشمشية والسفرجلية وام علي والارز بالحليب وغيرها» بحسب ما افصح الشيف «نضال « ..لكن الاهم ان يكون هذا البرنامج نقطة انطلاق نحو الماضي الجميل والتراث الاصيل في الطعام والشراب وخلافه، وان ينال الدعم والمؤازرة والتطوير وان يتم تخصيص موقع باسمه على الانترنت لتعميم الفائدة ، وحتى
، يدخل المنافسه مع برامج الطبخ الاخرى، التي تتصدر الفضائيات في هذا الشهر ، فهو نموذج رائع للمطبخ العربي الاسلامي ، ويستحق بجدارة ان يكون درة برامج الطبخ الرمضانية لهذا العام .