عمان ? نشوى الخالدي - بائعو ورد أطفال بعمر الورد من الصبيان والفتيات عادوا مع عودة الدفء ليتواجدوا على بوابات مقاه ومطاعم في عمان تراهم من خلال الظلمة وقد شارف الليل على الانتصاف يقفون حاملين بأيديهم الصغيرة وردة يعرضونها على مرتادي تلك الأماكن محملة بعبارات الرجاء الرقيقة لبيعها مقابل مبلغ يتراوح من دينار الى دينارين في الغالب .
وما يثير دهشة مواطنين حسب ما قالوا أن أسلوب حديث هؤلاء الأطفال يبتعد عن طرق الاستجداء المعهودة كما لا يدل مظهرهم وهندامهم على ذلك حيث يرتدون في الغالب ملابس مرتبة ونظيفة بحيث يصعب تصنيفهم بالمتسولين أم بعمالة أطفال , مشيرين أن تواجدهم على عتبات المرافق العامة الترفيهية وفي أوقات متأخرة حتى في الأيام الدراسية لا يمكن اعتباره الا نوعا من عمالة الأطفال وان كانت بشكل آخر خلافا لما اعتدناه .
عدد من الأطفال من حاملي الورد قالوا لدى سؤالهم عن سبب تواجدهم في اوقات متأخرة من المساء لبيع بضاعتهم المؤلفة من الورد أو بعض الألعاب الصغيرة أن الحاجة المادية والأوضاع الاقتصادية المتردية لأسرهم تجعلهم يغادرون سرير النوم في هذا الوقت أملا برزق اضافي يعيلهم وعائلاتهم .
أحلام أبو بكر قالت أن المرة الأولى التي شهدت طفلا يحمل الورد أمام مقهى قصدته وأسرتها مساء جعلها تقف حائرة من سبب تواجد طفل صغير بمفرده في وقت متأخر من الليل , بحيث لم تستطع منع نفسها من سؤاله عن ذلك فأجابها الطفل الذي لم يتعد العاشرة من عمره بأن أحد أفراد أسرته يقف متواريا يرقبه من بعيد لحمايته ومتابعة عمله .
وأشار المواطن علي عبد الرحمن أنه اعتاد رؤية هؤلاء الاطفال على بوابات المحال أو يطوفون داخلها يعرضون للبيع بضاعة بسيطة لا تزيد عن ورود مغلفة وألعاب صغيرة , موضحا أنهم في العادة لا يلقون انتباها أو استجابة جيدة ولكن ذلك لا يمنعهم من الاستمرار في المحاولة غير مدركين للمخاطر التي قد يتعرضون لها بسبب تواجدهم ضمن هذه الظروف .
وقالت المحامية تغريد جبر ان الأطفال الذين يقومون بالبيع في الشوارع والطرقات وبأي شكل بصرف النظر عما يبيعونه يندرجون حسب القانون ضمن الأطفال المحتاجين للحماية والرعاية وهؤلاء لا ينطبق عليهم قانون التسول أو الأحداث وفق القوانين , وبالتالي تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بجمع هؤلاء الأطفال وبتحويلهم للجهات المختصة في حماية الأطفال ضمن هذه الفئة.
وأوضحت أن هذا النوع من العمالة للأطفال وان كان بصورة غير معتادة للعمل أو يتداخل مع أشكال التسول يعتبر بحد ذاته اساءة للطفولة ووفق القانون يعتبرون أطفالا معرضين للخطر ومحتاجين للحماية والرعاية , كونهم يتواجدون في بيئة من غير حماية كافية وتعرضهم للمخاطر المختلفة ومن ذلك خطر الانحراف والتعرض للاعتداءات المختلفة والذي قد يصل الى خطر الموت في ظروف معينة .
وأضافت أن القانون الاردني شدد من الاجراءات والعقوبات على التسول بحيث قد تصل العقوبة الى الحبس للبالغين والايداع في دور الرعاية والتاهيل للأطفال , مشيرة أن القانون تدرج في تلك الاجراءات حال تكرار الفعل تصل في النهاية للايداع في دور الرعاية والتأهيل للأطفال التي توازي السجن بالنسبة للبالغين .
وذكرت المحامية جبر أنه بالموازاة وللحد من ظاهرة عمالة الاطفال ، صادقت الحكومة على الاتفاقية الدولية رقم 138 التي تحدد السن الادنى للعمل، والاتفاقية رقم 182 التي تمنع اسوأ اشكال عمل الاطفال، بالاضافة الى رفع السن الادنى للعمل من 13 الى 16 عاماً، ورفع السن الادنى للاعمال الخطرة الى 18 عاماً، وكذلك رفع سن التعليم الالزامي من 9 الى 10 أعوام.
ووفق نتائج مسح عمل الأطفال في الأردن للعام 2007 / 2008، فقد بلغ عدد الأطفال العاملين 32676 طفلاً أعمارهم تتراوح مابين 5 و17 عاماً، منهم 32.4% في العاصمة فيما توزعت النسبة المتبقية على باقي المحافظات.