تحقيق- خالد الخواجا - دوامة العنف المدرسي المتزايدة تتنوع في أساليبها داخل المدارس وخارجها أخذت تؤرق وزارة التربية والمجتمع المحلي التي اعتبروها ظاهرة خطيرة تهدد خطط تطوير التعليم وتحسينه وتقف عائقا أمام تحسين أخلاقيات المجتمع الطلابي وأمام أسرته وداخل مجتمعه وذلك بحسب العديد من التربويين والمهتمين.
العنف لا يتمثل بتعرض الطلبة للضرب من قبل معلميهم، بل ويجاوزه إلى اعتداء الطلاب على معلميهم، وكذلك العنف المتبادل بين الطلاب.
كل هذا يأتي وسط تحميل العديد منهم اللائمة على غياب الإجراءات الرادعة والبديلة بعد منع الضرب في المدارس وعدم تطبيق مهام مجالس الضبط المدرسي والى عدائية المجتمع المحلي وانحيازه للطلبة وعدم مساهمته في تحسين البيئة المدرسية
مشاهد مدرسية
البادية الجنوبية- ركض حسين محمد معلم الأحياء نحو أربع كيلومترات هاربا لا يلوي على شيء، تاركا مهنة التعليم إلى غير رجعة، بعد أن تعرض للضرب والسحل من قبل طلبة مدرسته الثانوية الواقعة في إحدى القرى الجنوب.
محمد لم يكن قد مضى على تعيينه سوى شهرين في تلك المدرسة ويفتقد لمهارات التعامل مع الطلبة وكان يتعرض يوميا للكلام البذيء والتعليقات ورمي الطباشير والمزاح الجدي مما فاقم المشكلة وجعله يقدم شكوى بحق الطلبة لمديره الذي لم يتخذ أي إجراء، فتربص له أربعة طلاب بعد انتهاء الدوام لينهالوا عليه بالضرب المبرح بواسطة العصي والبرابيش.
غادر محمد القرية والدماء تنزف من جسده قاصدا الطريق الرئيسي حيث قام صاحب تكسي مكتب بنقله إلى قرية مجاورة وإسعافه ليعود إلى عمان ويعمل في شركة اتصالات خلوية.
الرمان (لواء عين الباشا): - مشاجرة صغيرة وقعت بين طالبين في الصف الخامس ، تطورت إلى ضرب ثلاثة معلمين كانوا يحاولون تفريق الطلاب ليستعين المدير برئيس المجلس البلدي كونه من أقرباء الطالب المضروب ودرءا لفتنة أو وقوع مشاجرة كبيرة. إلا أن رئيس المجلس حرض الأهالي على ضرب المعلمين وتكسير المدرسة مما دفع المعلمين بالهرب بعد أن تعرضوا للضرب المبرح عوضا عن تقديم المساعدة المرجوة.
سلحوب (لواء عين الباشا) - أربعة طلاب تناوبوا على ضرب معلم داخل ساحة أحدى المدارس وأمام أهالي القرية الواقعة شمال عمان وتعرضه لإصابات متوسطة حيث قدم شكوى لمجلس الضبط المدرسي والذي أوصى بنقل الطلبة خارج مدارس اللواء إلا أن مدير التربية ركن ملف التحقيق في مكتبه لأكثر من عام ونصف وبعد أن ترك التعليم لعدم قدرته وخوفه من تنفيذ القرار.
حي النصر (عمان الشرقية) - مدير مدرسة ابتدائية في عمان الأولى تعرض لطعنات قاتلة في الوجه أمام باب مدرسته والتي شوهت معالم وجهه بالكامل بعد خدمة أكثر من 16 عاما لاعتداء ترصدي من قبل عدد من الأشخاص المجهولين حيث أثار منظره رعب الطلبة وزملائه الذين توقعوا انه توفي لغزارة الدماء التي سالت منه حيث قيدت القضية ضد مجهول.
السلط- حسين غازي نقل أبناءه الثلاثة من إحدى مدارس السلط الثانوية مع أنها تبعد أمتارا عن منزله إلى مدرسة أخرى تبعد ثلاث كيلو مترات بسبب تنامي ظاهرة العنف المدرسي بين الطلبة أنفسهم وبين الطلبة والمعلمين وانتشار التدخين واللواط وتبادل الشتائم والألفاظ النابية بينهم.
وأضاف غازي أن الفلتان الإداري وخوف المعلمين من الطلبة والاعتداءات المتكررة العام الحالي التي طاولت تكسير سيارة مراقب امتحان ثانوية عامة والاعتداء عليهم بالضرب واستخدام الآلات الحادة وتعرض احد المعلمين للكمة قوية على وجهه من قبل طالب أمام عيني وتكسير الأبواب والشبابيك التي جرت صيانتها حديثا كانت من أهم الأسباب التي دفعتني لنقل أبنائي وسط غياب الرقابة والسيطرة والتي أدت إلى انحطاط وتراجع تعليمي خطير في نتائج الطلبة.
عين الباشا- الطالب احمد حسين في الصف الحادي عشر نقل خارج مدارس لواءعين الباشا بعد أن اعتدى على معلم بالضرب.
وقال لـالرأي أن سبب اعتدائه على المعلم يعود إلى استهزاء الأخير به غير مرة وتعرضه للشتم والعقاب.
و يقول حسين أنه ليس آسفا لأن المعلم يستحق مثل هذه العلقة مبينا أن العقاب (وهو النقل) كان تافها ولم يؤثر عليه بينما حاز في المقابل شعبية وتشجيعا من قبل زملائي وأقربائي والتي حصدتها من هذا التصرف الذي أدى إلى خوف المعلمين في المدرستين مني.
حي نزال( عمان الشرقية)- حادثة مختلفة من حالات العنف المدرسي وقعت العام الماضي تمثلت في الاعتداء على طفل في الصف الرابع في مدرسة بدوام الفترتين.
حيث أوقع به عدد من طلبة الفترة الصباحية أثناء قدومه للمدرسة المسائية حيث اقتادوه إلى غرفة مهجورة وتناوبوا علي اغتصابه لعدة مرات بحسب شكوى والده.
الأرقام تتحدث
دراسة رسمية كشفت أن نسبة الضرب بالعصا في المدارس الحكومية تصل إلى 40%، فيما بلغت نسبة ممارسة الصراخ في وجه الطالب 45%، أما التهديد بالضرب أو حسم العلامات فكانت نسبتها 38%
وقالت الدراسة التي أعدتها وزارة التربية والتعليم إن نسبة الطلبة الذكور الذين يتعرضون إلى ممارسات العنف من قبل معلميهم أكثر من الطالبات الإناث، موضحة في الوقت نفسه أن المعلمين والإداريين في المدارس الحكومية يمارسون العنف الموجه نحو الطالب بدرجة أكثر من المعلمين والإداريين في مدارس وكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وأوصت الدراسة بضرورة إعداد برنامج مهني للمعلمين والإداريين والمرشدين في الميدان حول الأساليب والاستراتيجيات البديلة الواجب إتباعها للتقليل من العنف الموجه نحو الطلبة، وخصوصا في بعض الإساءات اللفظية.
وفي نفس السياق كشفت نتائج استطلاع غير علمي لأحد الصحف اليومية شملت أربعة آلاف زائر للموقع الالكتروني التابع لها أن 47% من المشاركين بالاستطلاع اعتبروا أن استخدام الضرب كوسيلة للتربية والتعليم في المدارس أمر مقبول وأن 51% من العينة ترفض الضرب في المدارس فيما رفض 2% فقط التعبير عن أي موقف تجاه ذلك.
عدد من المصادر التربوية في الميدان أكدوا أن المديريات يحدث فيها بمعدل اعتداء واحد على المعلمين من قبل الطلبة أو أولياء أمورهم كل شهر أي بمعدل 36 حالة ضرب أو اعتداء شهريا في مختلف مديريات التربية والتعليم في الميدان سواء كان اعتداءا لفظيا أو شتم أو اعتداء بالضرب.
وأضافوا أن أكبر نسبة من اعتداءات العنف تحصل بين الطلبة أنفسهم والتي تصل بمعدل أ كثر من عشر حالات يوميا في المدارس على مختلف مستوياتها وحجمها وان تدخل الأهل وأولياء الأمور في الاعتداء على المعلمين بمعدل يوازي اعتداء الطلبة على المعلمين أيضا.
وحول وجود إحصائيات للتربية تتعلق بضرب المعلمين من قبل طلبتهم فبين أمين عام الوزارة السابق منذر عصفور انه لم يجر عمل أي إحصاءات للمعلمين الذين تعرضوا للضرب مبررا أن المعلمين الذين يتعرضون للضرب يتقدمون بشكوى ومن ثم بعد خروجهم من المستشفى يقومون بالتنازل عنها بعد معرفتهم بأن أولياء أمور الطالب قد استحضروا تقريرا طبيا كيديا يفيد بتعرض الطالب للضرب مما يثني المعلم عن المسير في الشكوى بالرغم من الإصابة البليغة التي يتعرض لها البعض خوفا من السجن وتعرضهم للإهانة والإذلال.
رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي بين أن التقارير الطبية الكيدية هي أساليب لتعقيد المشكلة وهي أسلوب عبثي لإصلاح المشكلة بين الطالب والمعلم.
وقال الحديدي أن حل العنف في المدرسة يجب أن يكون من داخل وزارة التربية والمدرسة وتوثيق أحداث العنف في سجل الطالب والمعلم وهذا يستوجب إيجاد مؤسسة متخصصة للتحقيق في وزارة التربية لتشرف بنفسها على أجراء تحقيق عادل وفرض العقوبات بحق كل من يرتكب العنف داخل المدرسة سواء كان معلما أو طالبا.
مطالب بدراسة الظاهرة
المعلمة المتقاعدة ناريمان جبر تقول أن ضرب الطلبة يؤدي إلى آثار سلبية، قد تنعكس سلبا على العملية التربوية برمتها، معتبرة أن ضعف شخصية المعلم أو المعلمة هو الذي يدفعه إلى استخدام الضرب.
وتشير إلى أن الأكثر تعرضا للضرب على أيدي معلميهم هم الذكور لميلهم لعدم الانضباط، ولفت النظر وإثبات الوجود، لذلك فإن أكثر المشكلات تحصل في مدارس الذكور أكثر منها في مدارس الإناث.
ودعت الإدارات المدرسية إلى مراقبة المعلمين، وعدم السماح لهم بحمل العصي وأدوات الضرب في ساحاتها ومرافقها وأمام أعين الطلبة.
أما أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين فيرى أن الطالب في المدرسة يحتاج إلى تقويم وتوجيه لأن الهدف من دراسته هو تطوير مداركه وإكسابه الخبرات من بيئة تربوية أوسع مشيرا إلى أنه ليس جميع المعلمين مؤهلين للتعامل مع الطلبة، إذ لا بد أن يكون مستوى النضج الأكاديمي والإنساني على أعلى مستوى ليتعامل المعلم مع الطالب بثقة.
مدير تربية الزرقاء الثانية السابق محمد التميمي قال أن هناك انتشار للعنف اللفظي المعنوي لدى عدد من المعلمين وقد لا ينتهي بسهولة في المدارس لعدم التواصل الناجع بين إدارات المدارس والمجتمع المحلي ، فضلا عن وجود خصوصيات لكل منطقة.
وأوضح أن العنف المدرسي يحتاج إلى دراسة ذات تحليل منطقي تبين أسبابه وأن تعليمات الوزارة المشددة بمنع العقاب ضد الطلبة وتفعيل تعليمات الانضباط المدرسي ستحد منه مشيرا إلى أن الإدارة التي تعمل على استغلال وإشباع ميول طلبتها من خلال الأنشطة اللامنهجية.
ندوة تشخص الظاهرة
أحمد العبادي وموسى صليح ومحمود الشخانبة أولياء أمور طلبة ألقوا باللوم على ألعاب الكمبيوتر التي تشجع على العنف ويحملونها جزءا من مسؤولية تصاعد العنف داخل المدارس الحكومية والخاصة. وربطوا بين ألعاب القتل في الكمبيوتر وتزايد العنف في المدارس مشيرين إلى أن هذه الألعاب علمتهم الضرب والقتل والعنف دون تعليمهم التهذيب والأخلاق والتسامح والتي أصبحت مهمة صعبة أمام أولياء الأمور والمعلمين وأن 95% من المشاجرات والعنف والتخريب تحصل في مدارس الذكور.
في ندوة عقدت قبل أربعة أشهر في عجلون، عرض عدد من المعنيين لاستشراء ظاهرة العنف المدرسي..
الدكتور أحمد الشريفين من جامعة اليرموك قال أن الظاهرة ليست حديثة على المجتمعات الإنسانية وأن أسباب العنف الداخلية تعود إلى الوراثة والتكوين والعوامل النفسية، والأسباب الخارجية التي تتعلق بالثقافة والتنشئة الاجتماعية وللآثار المترتبة على العنف مبينا أن آخر الدراسات أظهرت وقوع 767 مشاجرة في المؤسسات التعليمية والخاصة.
النائبة السابقة أدب السعود فأكدت أهمية الثقافة القانونية وتعزيز الوازع الديني في النفوس من خلال منابر الوعظ والإرشاد ودور الأسرة في التنشئة الاجتماعية خصوصا المرآة التي تتحمل جزءا كبيرا لتعزيز السلوك الإيجابي لدى أفراد الأسرة، مشيرة إلى دور الإعلام الفاعل في تشكيل الرأي العام.
الشيخ محمد حمام البلوي قالأن المجتمع المحلي للأسف تراجع كثيرا عن دعم المدرسة والمعلم وهو من أهم الأسباب التي أدت إلى استقواء الطلبة وأولياء أمورهم على المعلمين ومدراء المدارس إضافة للمشاجرات العنفية بين الطلبة أنفسهم.
وأضاف أن المعلمين هم من يلجأون إلينا من اجل المساهمة في إصلاح ذات البين بينه وبين الطالب أو ولي أمره حيث يستحضر الطالب تقريرا طبيا كيديا ولا يبقي حل له إلا بالإصلاح المغبون بحق المعلم مبينا أن هذه إهانة شديدة للمعلم وأخلاق غير سوية للطالب والتي قد تؤدي إلى إلحاق الضرر الشديد بالمنظومة التعليمية ومن صنع أيدينا.
دور الجامعات
عميد كلية الأميرة رحمة الجامعية في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور احمد العدوان قال إن العنف المدرسي هو فيروس انتقل إلى الجامعات وأدى إلى ظهور التصرفات الغريبة والدخيلة التي تحدث في مجتمعنا من ارتفاع في أعداد المشاجرات والهوج والتسرع والتلفظ بألفاظ نابية وعدم الاستماع للآخر ومحاورته وتقديم المساعدة وعدم الاكتراث بالمصلحة الوطنية والانتماء الحقيقي حيث يهدد المستقبل الذي نراهن عليه جميعا.
وعزا العدوان سبب ازدياد العنف في الجامعة مقارنة بالمدارس إلى وجود المحفزات ومنها وجود الإناث من الطالبات إضافة للبعد والنزعة العشائرية حيث يأتي الطلبة من أماكن مختلفة وبعيدة ليساهم جميع طلبة العشيرة الواحدة في أي مشاجرة كانت دون معرفته لسبب المشاجرة ومن هم أطرافها وما هي المشكلة.
وحول إيجاد الحلول اللازمة بين ان الحل يكمن في تربية الأسرة منذ طفولتهم على التسامح والمحبة والضحك والمحاورة وليس التحريض على الضرب والانتقام والفزعة والاحتقان وتوفير النشاطات اللامنهجية والرياضية والحركية والرحلات والأبحاث والمخيمات الكشفية للطلبة من اجل تفريغ الطاقات الكامنة مشيرا إلى أن دور المجتمع المحلي غائب ومن واجبه التدخل في حل قضايا العنف والمشاجرات والحد منها وليس العكس أي أن الجامعة التي تقوم بهذا الدور حيث حصلت على مبلغ 95 ألف دينار من أموال البحث العلمي من اجل إعداد دراسة متكاملة حول أسباب العنف في الجامعات والمدارس.
تعليمات الانضباط المدرسي
وفي حال الاعتداء على أحد المعلمين أو العاملين في المدرسة شخصيا أو بالاتفاق مع الغير داخل أو خارج المدرسة وتعمد إيذاء أحد الطلبة باستخدام أداة صلبة أو آلة حادة فان تعليمات الانضباط الطلابي في المدارس الحكومية والخاصة لسنة 2007 وبمقتضى الفقرة (هـ )من المادة السادسة من قانون التربية والتعليم رقم 3 لسنة 1994 وتعديلاته لسنة 2007 فان عقوبته هي الفصل من التعليم في المدارس الحكومية والخاصة للطلبة وتكون بناءا على توصية من المجلس وتنسيب المدير وقرار من الوزير.
أما في حال إهانة أحد المعلمين أو العاملين في المدرسة من قبل الطالب فتنص التعليمات على إخراج الطالب من التعليم حتى نهاية العام الدراسي والعودة لها بداية العام الدراسي التالي ضمن استيعابها أو إلى أي مدرسة أخرى بعد اخذ تعهد خطي من الطالب وولي أمره بالالتزام وعدم تكرار المخالفات.
وفي حال شروع الطالب بالاعتداء على طالب أو على أي من العاملين في المدرسة أو إشهار آلة حادة فانه يوقع عليه عقوبة النقل داخل مدارس المديرية وبقرار من المجلس ولا يجوز إعادة الطالب المخالف إلى مدرسته إلا بعد انقضاء عام دراسي واحد على الأقل على العقوبة.
وزارة التربية والتعليم
وزير التربية والتعليم السابق الدكتور وليد المعاني (جرت المقابلة قبل استقالة حكومة الذهبي) أكد انه يجب أن تحل قضايا العنف بمعنى أن قضية الضرب يجب أن تنتهي من مدارسنا ويجب أن يعاقب من يمارسها وهذا ما سيحصل وفي نفس الوقت يجب أن يتم تفعيل كل ما يتعلق بتعليمات الانضباط المدرسي وان يحاسب الطالب الذي يسيء وان لا نخاف من محاسبة الطالب نتيجة للضغط المجتمعي.
وأضاف أن مدارس الذكور هي التي يحصل فيها التكسير والتخريب والعبث والعنف المتصاعد وهناك طلبة فقدوا الاهتمام لأمور كثيرة.
فبعضهم يذهب للمدرسة كأنه يساق لحتفه، وبعض أخلاق الطلبة قد تغيرت للأسوأ فلجأ الأساتذة للعنف ولجأ الطلبة للعنف ومن هنا انقطعت العلاقة وتدخل المجتمع منحازا ليس لوضع حد للعنف بل متحيزا للطلبة على حساب المعلمين.
وأضاف المعاني أن المعلم طرف في العنف في حال لم يحصل على أي توجيه أو تدريب على كيفية التدريس وهو خريج جامعي لم يكن في تاريخ حياته معلما إضافة للإحباط والرواتب المتدنية ووضعه الاجتماعي السيء مقابل أن يطلب منه أن يؤدي العملية التعليمية بكفاءة.
وأوضح أن الطالب المسيء يجب أن يحاسب والمعلم المسيء يجب أن يحاسب وعلى المجتمع أن يطمئن إلى أن هذه المدرسة جزء منه وله وبالتالي عليه واجب دعمها ومساعدتها والحفاظ عليها ومساعدة معلميها ومديريها على القيام بواجباتهم.
وبين انه يجب ان يتم تحسين البيئة المدرسية وتدريب المعلمين وتحسين أوضاعهم وبتطبيق الأنظمة على الجميع، وان تعود المدرسة إلى وضعها الحقيقي ليذهب الطالب إليها حبا لها وليس مجبرا عليها، يكون فيها علم وفرح ولعب ورياضة.
وبين أن المناهج كثيفة ومحشوة بحشو زائد وأخذت كل الأوقات المخصصة للأعمال المهنجية والعملية والرياضة والموسيقى والأعمال المهنية والنشاطات المدرسية وغيرها ليتم حذف الزائد منها بعد أن تحولت الكتب إلى مجلدات.
وأضاف أن هناك اتجاه لتأنيث صفوف مدرسية أكثر أي بمعنى أننا قد نصل بالتأنيث للصف السادس من أجل التخفيف من العنف في حال تواجدت معلمة في الصفوف المختلطة مبينا أن الوزارة نفذت حزمة من الإجراءات لحماية الطلبة من العنف والإساءة والتي من أهمها تطوير الدليل الوقائي، واستحداث خط ساخن للتبليغ عن حالات الإساءة والتعامل معها من قبل قسم الحماية من الإساءة وتطوير قواعد السلوك ومراجعة تعليمات الانضباط الطلابي ومدونة السلوك وتطوير الميثاق الأخلاقي للمدارس، والإشراف على المواد الإعلامية للحملة الوطنية.
وأشار المعاني إلى أهمية دور اللجنة التوجيهية العليا للحد من العنف ضد الأطفال في المدارس، والتي تضم أعضاء من الوزارات والمؤسسات الرسمية والأهلية المعنية، كونها تمثل مدخلا فاعلا للتصدي لمظاهر العنف في المدارس وإعداد وتصميم البرامج التنفيذية وتقديم الاقتراحات والبدائل التي من شأنهاالتصدي لهذه الظاهرة بصورة علمية تربوية.
بدوره، بين أمين عام الوزارة للشؤون التعليمية والفنية الدكتور فواز جرادات أن الوزارة تعكف على تنفيذ مشاريع لإكساب المعلمين مهارات التعامل مع الطلبة وتعديل سلوكياتهم، بأسلوب حضاري وليس باستخدام العنف وسيتم عقد دورات تدريبية للمعلمين الجدد.
الرهان على الجميع
أربعة محاور في قضية العنف المدرسي : الطالب والمعلم والمدرسة والمجتمع. وعوضا عن ايجاد شراكة حقيقية وتعاون بين هذه المحاور، تشتت الجهود ما ساهم في بروز هذه الظاهرة.
لن ينجح التعليم في المدارس دون تكريس الأخلاق ونبل المعاملة والاحترام المتبادل المبني على غرس الأفكار التعليمية وتحويل المدرسة الى مؤسسة مجتمعية ينطلق منها شعاع التعاون والبناء المستقبلي الذي نراهن جميعا على تحسينه.
وزارة التربية عليها واجب البحث عن اليات فعالة لدراسة هذه الظاهرة بعمق والبحث عن اسبابها ودوافعها، وعلى المجتمع المحلي بناء جسور جديدة من التعاون والفهم لأهمية المدرسة ودعمها ودعم كوادرها عوضا عن الاساءة لها وترديد عبارة انالمدارس خربانة وما في تعليم.
اما الطالب، باعتباره محور العملية التعليمية فهو بحاجة للصقل من جديد لفهم طبيعة ادوار المعلم والمدرسة والمجتمع المحلي.
اذن، صار لزاما علينا البحث الجدي عن الأسباب التي تقف خلفه والآثار التي ترتبت عليه والبحث الجدي عن الحلول الجذرية.