د. يوسف محمد رشدي الزغول- تتعرض مناطق الأغوار في الأردن لموجات الصقيع خلال فصل الشتاء على فترات متقاربة محدثة أضرارا اقتصادية بالغة يمكن تحديدها بما يلي:.
1. خسارة المزارعين نتيجة تلف المحاصيل الحساسة للصقيع مثل البندورة والفلفل والباذنجان والبطاطا والكوسا وكذلك الموز وغراس الحمضيات.
2. يتكبد المزارعون نفقات إعادة زراعة أراضيهم بمحاصيل جديدة من بذور، أسمدة، مبيدات، ري، عمالة.....الخ.
3. عند تلف المحاصيل تقل الخضروات المعروضة في الأسواق فترتفع الأسعار وبذا يعاني كافة المواطنين جراء ذلك.
4. تقوم الدولة بتقدير الأضرار وتقوم بتعويض المزارعين عن أضرار الصقيع. لقد دفعت الدولة في الموسم الحالي 2008 / 2009حوالي نصف مليون دينار وفي الموسم الماضي 2007/2008 عشرة ملايين دينار.
لقد تعرضت الأغوار خلال الستين سنة الماضية لأكثر من عشرين موجة صقيع أحدثت خسائر تقدر بأكثر من مئة مليون دينار.
وحيث أن هذه الظاهرة متكررة فإن هذه الخسائر سوف تتكرر في المستقبل ما لم تتخذ الاحتياطات للحد من أخطارها.
الصقيع الذي تتعرض له الأغوار هو الصقيع الإشعاعي. يحدث في فصل الشتاء في الأيام التي تكون سماؤها صافية خالية من الغيوم والرياح ساكنة. تسخن طبقة الهواء الملاصقة للتربة وترتفع للأعلى ليحل محلها الهواء البارد. بتكرار ذلك طيلة ساعات الليل يحدث انقلاب حراري بحيث تصبح طبقة الهواء الملاصقة للتربة باردة جدا والطبقات الأعلى أكثر دفأ. وحيث أن الهواء البارد يكون أكثر كثافة فإنه ينزلق إلى الأماكن المنخفظة. وحيث أن الأغوار تنخفظ عن سطح البحر من -200 إلى -400 متر لذا يتجمع الهواء البارد في الأغوار وتستمر الحرارة بالانخفاض ليلا بحيث يحدث الصقيع في الصباح الباكر قبل بزوغ الشمس مما يحدث أضرارا للنباتات الحساسة. وأكثر المناطق المعرضة للصقيع هي مناطق الزور (المناطق المحاذية لنهر الأردن) تليها مناطق الغور (المناطق شرق الكتار).
لقد طور العالم أساليب متعددة للحد من أخطار الصقيع أبين تاليا موجزا لها :
أولا : الوسائل غير المباشرة : اختيار الموقع : تفضل المناطق المائلة حيث ينزلق الهواء البارد للأسفل و لا يتكون الصقيع.
اختيار المحاصيل : يفضل زراعة المحاصيل غير الحساسة للصقيع العمليات الزراعية : يفضل مكافحة الأعشاب في الحقل، وعدم حراثة الحقل، وعدم تعريض الحقل للجفاف.
ثانيا : الوسائل المباشرة :
1. الوسائل التي تعتمد على تقليب الهواء : تعمل هذه الوسائل على تقليب الهواء حيث يرفع الهواء البارد الملاصق للتربة إلى الأعلى ويحل محله الهواء الدافئ مما يؤدي إلى منع حدوث الصقيع.
ومن هذه الوسائل :
ا. استخدام المدافئ : وهي أنواع متعددة تستخدم الكاز أو السولار أو الغاز.عند إشعالها تقوم بتسخين طبقة الهواء الملاصق لهل فيرتفع للأعلى وهكذا يتم تقليب الهواء
ب. حرق الإطارات والزيوت والمخلفات: توزع في الحقل وتحرق في النصف الثاني من الليل لتحدث تقليب الهواء.
ج. استخدام المراوح Wind machines : نقوم هذه المراوح بتقليب الهواء. وتوفر كل مروحة الحماية لحوالي 40 -50 دونما. وهي مستعملة في كل من أمريكا وشيلي واستراليا ونيوزيلاندا وتعتبر من أكفأ ء الوسائل للحد من أخطار الصقيع الإشعاعي..
د. استخدام الطائرات المروحية : الطيران بواسطة الطائرات المروحية فوق الحقول قبل تشكل الصقيع يؤدي إلى تقليب الهواء ومنع الصقيع.
2. استخدام آلة شفط الهواء Selective inverted sink وتعمل هذه الآلة على شفط الهواء البارد الملاصق للتربة فيحل محله الهواء الدافئ من الطبقة الأعلى. طور هذه الآلة البروفيسور رفائيل جورجا من الاروجواي. ويمكن بناء هذه الآلة محليا ويوجد منها نموذجان واحد قوة 15 حصانا والآخر قوة 50 حصانا. وتستخدم حاليا في جنوب إفريقيا ونيوزيلندا واستراليا.
3. استخدام آلة نفث الهواء الساخن Lazo Frost Control Machine وتعمل هذه الآلة على نفث الهواء الساخن ليحل محل طبقة الهواء البارد مما يتسبب في منع حدوث الصقيع. طورت هذه الآلة في أميركا يمكن أن توفر الآلة الواحدة حماية لحوالي 100 دونم.
4. استخدام الأغطية الزراعية : طور حديثا أنواع من الأغطية الزراعية الخفيفة لمنع الصقيع. أغطية الملش IRT mulch ، أغطية الأنفاق الأرضية flat tunnels وأغطية أنفاق الأقواس وأغطية البيوت الزراعية.
5. استخدام الري بالرشاشات أو التنقيط : التربة الجافة تنخفض حرارتها بسرعة كبيرة مما يؤدي لتكون الصقيع ، أما التربة الرطبة فتنخفض حرارتها ببطء مما يعيق تكون الصقيع.
ثالثا : الوسائل البيولوجية :.
وجد انه توجد أنواع من البكتيريا على أسطح النباتات تساعد على تكون البلورات الثلجية. ونتيجة الدراسات في هذا المجال وجدت أنواع من البكتيريا تمنع تكون البلورات الثلجية على النباتاتIce minus bacteria. لذلك يمكن رش هذه البكتيريا على النباتات لمنع تكون الصقيع.
مع أن الخسائر الاقتصادية التي يسببها الصقيع في الأردن كبيرة جدا إلا انه لم يتم التركيز على معالجة أسباب هذه الظاهرة. لم تحض ظاهرة الصقيع باهتمام يذكر من مراكز البحث الزراعي في الأردن إذ لم يسبق أن اجري بحث واحد على مقاومة الصقيع. لقد قام المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي بعقد ورشة عمل بعنوان ظاهرة الصقيع وأثرها على القطاع الزراعي عام 2008 إثر موجة الصقيع التي ضربت الأغوار ونشرت رسالة ماجستير عن الصقيع في منطقة الأغوار الشمالية وآثاره التدميرية على الزراعة وهذه جهود متواضعة لا توازي الأهمية الكبيرة لهذه الظاهرة.
إن ما يستخدمه المزارعون في الأردن من وسائل للحد من أخطار الصقيع هي جهود فردية غير منسقة. إن بعض المزارعين يقوموا بحرق الإطارات أو حرق الزيت أو المخلفات أو ري المزروعات ولكن هذه الوسائل لم يتم دراسة كفاءتها في مقاومة الصقيع ولم تدرس جدواها الاقتصادية ولم يتم دراسة مقارنتها مع الوسائل الأخرى المبينة أعلاه.
اقترح أن يقوم المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي بالتعاون مع دائرة الأرصاد الجوية والمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا وكليات الزراعة بالجامعات الأردنية بوضع مشروع وطني لمقاومة الصقيع وتوفير التمويل اللازم له.