خرجــــا.. كرسي الســـــرو (1-3)

خرجــــا.. كرسي الســـــرو (1-3)

مفلح العدوان - أسير الى هناك، حيث تنتظرني ذاكرة قرية أخرى.. هذه المرة شمالا، والطريق إلى خرجا معبّد بفيض من ترانيم القرى الأخرى، وهو درب توشحه الخضرة، وتثرية تفاصيل التاريخ، وها أنا أسلك مسار الطيبة هذا، ومعي واحد من أبنائها..
عند بدء رحلتي هذه من عمان، كان معي الأستاذ محمد تيسير محمد الزعبي، وهو معلم لغة عربية في إحدى مدارس العاصمة، وكانت هذه الزيارة بمبادرة منه، وبحماس، وشوق، وانتماء لقريته (خرجا) التي يعشقها ويصفها بأنها عشه الدافىء الذي يعود إليه كل نهاية أسبوع، واليوم هو الخميس(18 حزيران 2009م)، ورفيق ربي معي، عقدنا النية، واتجهنا شمالا الى أن وصلنا إربد، ثم تجاوزناها شمالا أيضا، ومررنا على قرية بيت راس، عند مدخل هذه القرية قلت لمحمد الزعبي أنني كتبت عن بيت راس ذات بوح قبل عدة شهور، وقابلت معمر تلك القرية هو أبو مطر، وتعتبر هذه القرية هي احدى مدن الديكابولس.

عقد القرى

بعد بيت راس جزنا قرية حريما، وهنا التفت الى رفيق درب البوح الأستاذ محمد، وقد كان درس في العراق، في جامعة الموصل، وذكرته بأغنية (يا حريما) للفنان العراقي حسين نعمة، ثم تجاوزنا قرية أبو اللوقس، وفي نهاية المطاف، بعد ذلك، دخلنا قرية خرجا، وهنا بدأ بوحه، وبوح أهل القرية، فتفتحت أمامي صفحة جديدة لقرية أخرى، أضيفها إلى عقد القرى التي ألظمها واحدة واحدة، إلى أن يكتمل تاريخ الوطن، كما أقرأه، وكما أحب أن يكون ثريا، عميقا، ممتلئا بالتاريخ، وبمواقف الناس الطيبين، وقصصهم وحكاياتهم التي تشكل جزءاً من مدونة التراب والإنسان والمكان في الأردن.

اللابات البركانية

العتبة الأولى للبوح كانت حين التقيت في جمعية خرجا الخيرية بـ(أبو محمد)، الأستاذ تيسير محمد الزعبي، وكان عنده بانتظاري هناك المؤرخ والكاتب الدكتور أحمد شريف الزعبي(أبو أكرم)، وكانا مشوقين لهذا للقاء، وقد أعدا نفسيهما اليوم لنبش تاريخ وذاكرة وواقع قرية خرجا، وناولني الدكتور أحمد ما ان جلست دراسة أعدها عن جوانب مختلفة من قرية خرجا، وفي الصفحة الأولى من هذه الدراسة يقول حول أصل تسمية خرجا، أن (معنى كلمة خرجاء في اللغة هي الشاة التي اختلط بياضها بسوادها، ولو أننا نظرنا الى بلدة خرجا لوجدنا أن القسم الغربي منها حجارته بيضاء كلسية، أما المنطقة الشرقية منها فيكثر بها اللابات البركانية (الحجارة) ونسميها نحن بالحجارة الزرقاء الذي يصل وزن الواحدة منها أكثر من طن).
وهنا أتذكر أنه في أثناء دخولنا القرية قال لي محمد أن هذه الحجارة البركانية هي مخلفات بركان حوران عندما ثار منذ قديم الزمان، فوصلت جزء من حجارته الى هذا المكان.

الصلح

يضيف الدكتور أحمد الزعبي عن تحولات اسم القرية، قائلا بأنه قد أطلق على خرجا قديما اسم كرسي السرو، حيث أن السرو ناحية من نواحي قضاء اربد الذي كان يضم خرجا، ومرو، وحريما، وأبو اللوقس، وسما الروسان، وابدر، وحاتم، وأم قيس، وملكا، والمخيبة الفوقا، والمخيبة التحتا، وسميت بهذا الاسم بعد إجراء الصلح العشائري الكبير ما بين عشيرتي العبيدات والمناظرة في الجولان إثر المعارك التي حدثت بين العشيرتين الكبيرتين، حيث تم إجراء مراسيم الصلح العشائري بين العشيرتين في خرجا قبل أكثر من مئة سنة، وتم اطلاق اسم كرسي السرو على القرية على اثر هذا الحدث الكبير.

الحدود

قبل أن أكمل تصفح مخطوط الدراسة، قال لي الأستاذ تيسير الزعبي (أبو محمد) نبذة عن حدود القرية، وموقعها، حيث أشار الى أن خرجا تبعد عن اربد شمالا حوالي 12 كم، وهي على مسافة 8 كم من سد الوحدة على نهر اليرموك، ويحدها من الشرق وادي الشلالة الذي يفصلها عن قرى ذنيبة، وعمراوة، والطرة، والشجرة، ومن الغرب الخريبة (منطقة اليرموك)، ومن الشمال حرثا، وبرشتا، ومن الجنوب علعال، وأبو اللوقس، وحريما، كما أن وادي خرجا يمتد من القرية ليلتقي مع وادي الشلالة، قبل أن يصب في نهر اليرموك. وإن ثراء القرية بماء هذا الوادي، إضافة الى وجود عيون الماء على الجهات الأربعة منها، جعلها مأهولة بالسكان منذ أقدم الأزمنة.

الأحواض

يكمل أبو محمد رسم خريطة القرية موضحا بأن مناطق القرية وأحواضها هي على النحو التالي: (حوض العلاه، وحوض أم العقارب، وحوض السلّة، وحوض البرنس، وحوض المخبّة، وحوض برشته، وحوض العجرة، وحوض الزويّة، وحوض المفقر (هذا فيه شِعب أبو نياص)، وحوض العرقوب، وحوض القصر(هذا عليه الآن مبنى المركز الصحي، والمقبرة الجديدة).
هنا يضيف الدكتور أحمد الزعبي، حتى تكتمل المعلومات عن جغرافية القرية وطبيعتها، بأن مساحة خرجا تقدر بـ(12) كيلو مترا، وتحديدا 089,12 دونما، باستثناء الجدر، أو الجذر، وتقدر مساحته بألف دونم.
وهذه القرية ترتفع عن سطح البحر بحوالي 376 مترا، ويسود بها مناخ البحر المتوسط (حار جاف صيفا، ومعتدل بارد شتاء)، ومعدل سقوط الأمطار بها 410 ملم، وتربتها طينية حمراء تصلح لمختلف أنواع الزراعات الحقلية والشجرية.

السرداب

عودا الى مخطوط خرجا القديم، لقراءة تفاصيل ماضيها، وثراء ذاكرتها.
هناك.. في الكتب العتيقة، يشار الى أن تاريخ القرية يعود الى عصور قديمة حيث أن الآثار المتبقية في خرجا وما حولها من الأماكن تدل على أن القرية سكنت منذ عصور قديمة وخاصة في العصرين اليوناني والروماني، الى أن جاء الفتح الإسلامي، وكان دخولها على يد القائد العربي يزيد بن أبي سفيان، وحدثت بالقرب منها معركة اليرموك الخالدة، ويقال أن الجيش الإسلامي كان يحتشد فيها.
وقد سُكنت القرية في العصر الاسلامي، وكانت أرض حشد لجيوش صلاح الدين الأيوبي، ويوجد فيها هناك العديد من السراديب، وأهمها السرداب الذي يقع في الجهة الجنوبية من عين (عبدة).
حول هذه النقطة يشير الدكتور أحمد الزعبي الى أنه قد حدثه أحد كبار القرية بأن والده سار بهذا السرداب عشرات الأمتار، وبه مرابط الخيل، وقد وجد به عِملة نقدية اسلامية أيوبية، وهذا يدل على أن الفرق الفدائية التي كانت تغير على الصليبيين في فلسطين، وكانوا يختبئون به، خاصة وأنه قريب من عين ماء، وقد كانت البلدة مسكونة في العهد العثماني، وكان بها سبع عائلات، وعدد من الانفار، وهؤلاء كانوا غير متزوجين.

الجامع القديم

إن من أهم معالم قرية خرجا الجامع القديم، وربما يمكن البدء به لمتابعة تفاصيل الأماكن في القرية، حيث أنه قد بني قبل حوالي مئتي عام، وتتولى وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عملية ترميمه بكلفة تبغ 30 ألف دينار، وهناك مخطط أعد لذلك، وعند زيارة المسجد لوحظ الإهمال الذي وقع عليه مع السنين، فهو بناء حجري، وداخله عقود محكمة، وسقفه من الخشب والقصيب، بينما في زواياه هناك حجارة سوداء، وتوابيت أثرية منحت عليها وجوه وأشكال، وهو في مجمله تحفة معمارية، بينما في الخارج فهناك درج حجري من الحجارة البركاني، بقيت بعض آثارها، وكان يصعد عليها المؤذن الى سقف الجامع للأذان.
وتفتح سيرة الجامع القديم صفحة المساجد في القرية وعددها عشرة، منها مسجد فاطمة الزهراء الذي قام على بنائه المرحوم محمد صالح الزعبي المعروف بالحوراني، وقد افتتح عام 1979م.
والمساجد الأخرى هي مسجد الرحمن ومسجد السلام في الزوية، ومسجد خليل الرحمن، ومسجد معاذ بن جبل، ومسجد حسان بن ثابت، ومسجد البشير، ومسجد الفرقان، ومسجد رقية بنت الرسول.


سيرة قرية





تقع خرجا على مسافة حوالي 12 كيلومترا شمال مدينة اربد، وتتبع إداريا إلى بلدية اليرموك الجديدة، وهي من ضمن لواء بني كنانة، من محافظة اربد.

الديموغرافيا

يبلغ عدد سكان خرجا حوالي 7000 نسمة، ويعملون في الزراعة، والوظائف الحكومية

التربية والتعليم

توجد في قرية خرجا المدارس التالية: مدرسة خرجا الثانوية الشاملة للبنين (من الصف الثامن حتى التوجيهي بكامل الفروع)، ومدرسة خرجا الأساسية للبنين (من الصف الأول حتى السابع)، ومدرسة خرجا الثانوية الشاملة للبنين (تأسست عام 1958م)، ومدرسة الزوية الأساسية المختلطة (تأسست عام 1975م)، ومدرسة خرجا الأساسية للبنات(تأسست عام 1987م)، ومدرسة خديجة بنت خويلد الأساسية للبنات (تأسست سنة 1999م)، وستنشأ مدرسة مختلطة في الحي الشرقي في بداية العام الدراسي الجديد.

الصحة

يوجد في القرية مركز صحي أولي.

المجتمع المدني

يوجد في القرية المؤسسات التطوعية التالية: جمعية خرجا الخيرية، وجمعية سيدات خرجا، وجمعية الصالحين لتحفيظ القرآن، وفرع لصندوق الزكاة، ونادي رياضي ثقافي اجتماعي، ومكتبة البلدية، وحديقة للأطفال.
* يوجد في القرية مكتب بريد و10 مساجد.


دعوة للمشاركة

هذه الصفحة تؤسس لكتابة متكاملة حول القرى الأردنية، وتطمح لتأسيس موسوعة جادة شاملة. ولن يتأتى هذا بجهد من طرف واحد، فما يكتب قد يحتاج إلى معلومات للإكتمال، أو قصص أخرى لم يلتقطها الكاتب في زيارة واحدة، وهي مفتوحة للإضافة والتعديل قبل أن ترتسم بشكلها النهائي لتكون وثيقة لكل قرية، والأمل بأن تأتي أية إضافات أو تصويبات أو معلومات أخرى من أهل القرى والمهتمين مع اقتراحاتهم، وعلى هذا العنوان:
بوح القرى
ص. ب - 6710 - عمان -11118
فاكس- 5600814
بريد الكتروني
alqora@jpf.com.j