غازي العمريين
''البيئة''، محطة جديدة، في هذا الملحق، نفتح الباب فيه على هذا التنوع ''الديمغرافي'' في إقليم الجنوب، الذي يلازمه تنوع حيوي، قائم على عنصر ''الإنسان''، الذي وضعت من أجله القوانين، والتشريعات، لحماية حياته، وممتلكاته، من اعتداءات، صادرة عن الحركة التفاعلية، مع عناصر البيئة، باتجاه الحياة، لتأمين لقمة العيش.
في الإقليم بيئات طبيعية، ذات جمال أخّاذ، في العقبة، عند تلاقي أشعة الشمس مع مياه البحر، الذي تحاول كل الجهات، حمايته من الملوثات المعروفة، الصادرة من الثغر الباسم، وتلك الموصولة، بإبحار الناقلات، التي تمخر عبابه كل حين؛ إلى معان، التي لفح انبعاث الأغبرة فيها، والناجم عن عمليات التعدين في الشيدية، والكسارات في المدينة، إلى انعدام شبكات الصرف الصحي، في لواء الشوبك، ليشكل ذلك كله، بعض القلق، وتنامي الطلب، على تدابير للبيئة، أكثر أماناً، وسلامة.
أسمدة غير معالجة
وعبر أرجاء الإقليم، فإن استخدامات الأسمدة، غير المعالجة، لمخلفات الماشية والأغنام، يمثل تحدياً واسعاً، في مناطق معان، والطفيلة، والكرك، من قبل مزارعين، تملكهم الاستعجال، للحصول على إنتاج، أقل كلفة، تماماً كما هو التلوث الصادر عن المصانع، والمناجم في الطفيلة، والحسا، والأبيض، لانبعاثات الأغبرة التي أثرت على الأراضي الزراعية، والسكان، بصورة مباشرة، رغم تنامي الوعي المؤسسي، بأهمية الوصول إلى الحدود العالمية، للتقليل من أخطارها.
إقليم الجنوب، الذي هو موضوع ملحق الشباب، من خلال حوارات الشباب في محافظة الطفيلة، فيه فروع قليلة لوزارة البيئة، التي أخذت دورها الرسمي على ساحة العمل، إلى جانب دوائر ومؤسسات ذات علاقة، وفروع لجمعية البيئة الأردنية، كلها تجهد في أن تساهم في توفير الأجواء المناسبة، لحياة الإنسان، ومع انك تحسبهم جميعاً، باتجاه وضع لمسات، وبصمات، ليكون الإقليم نظيفاً، خالياً من الملوثات، بعيداً عن التمادي في التدهور البيئي، الذي لحق منذ عقود طويلة، بهذا التنوع، الذي اختفى بعضه، بفعل الرعي والتحطيب، وانقرضت فيه حيوانات نادرة وطيور، ليس أدل عليها من غياب ''النمر العربي'' في أرجاء الطفيلة الغربية، لكن جهودهم بحاجة إلى المزيد من التنظيم.
التوعية المؤسسية
التشريعات البيئية، تحت الضوء، من أجل ممارسة الإنسان، حقه في بيئة نظيفة، ذات هواء، وغذاء، خالٍ من الملوثات، تماماً، كما هي المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المحلي، التي يطلب لها أن تكون صفاً واحداً، في مواجهة التحديات البيئية، وأن تحظى الجمعيات التطوعية، بالدعم المالي الكافي، لتقوم بدورها في مجالات التوعية المجتمعية، من خلال الندوات، والمؤتمرات، والمنتديات، والحلقات النقاشية.
هذه الملوثات، التي تحدثها قضايا المسالخ، ومحال بيع الدواجن، والحفر الامتصاصية، وحظائر الماشية، بين الأحياء، ونقص في خدمات البلديات، في مجال جمع النفايات يومياً من أمام المنازل، ولشوارع، تظل ذات هامش واسع في حياة المواطن، الذي يسعى إلى بيئة، ذات هواء نقي، بعيداً عن الروائح الكريهة، لينعم الكبار والصغار، بمثل هذا التنوع الطبيعي، الذي تزخر به بيئة الإقليم، في الكرك، والطفيلة، ومعان، والعقبة، باتجاه تقليل الهموم، والقضايا، واستبدالها، باقتصاديات السياحة، وما يمكن أن تؤسس له السياحة العلاجية، وترويج المنتج السياحي، على هيئة من الجمال، والنظافة.
ظروف بيئية
ويقول مدير الأراضي في الطفيلة، حازم العدينات، إن جمعية البيئة الأردنية تساهم من خلال فروعها في الإقليم، في إنتاج برامج متنوعة باتجاه تحسين الظروف البيئية، والمحافظة على الطبيعة الجميلة في هذه المنطقة صافية نقية بعيدة عن التلويث.
ويرى أن الجامع بين الملوثات في محافظة الطفيلة، هو هذا الغبار والدخان المتصاعد من الصناعات، والمركبات، وتلك المخاوف التي تنتاب الناس، على حياتهم جراء وجود مكب للنفايات قريباً من الأحواض المائية، إلى جانب ما تمثله المحاجر، والكسارات، وانعدام شبكات الصرف الصحي، في مناطق واسعة من المحافظة، من مخاطر، تدعو إلى إجابات.
استنزاف الموارد
وفي حوارات الشباب، لـ''ملحق الشباب''، يوجز الشاب علي البداينة مدير الصندوق الأردني الهاشمي، في التهيئة للموضوع بتعريف البيئة بشكل عام، على أنها إجمالي الظروف الخارجية، التي تؤثر في حياة الكائن الحي ونموه وبقائه، على أن النظام البيئي، يتميز بالتوازن بين عناصره، من أرض وماء وهواء، ويستطيع التكيف مع المتغيرات، التي تحدث ضمن حدود معينة.
لكن تطور الحياة والتقدم التكنولوجي، واستخدام الآلة، والمواد الكيماوية والمشعة، والمصادر المختلفة لتوليد الطاقة، واستنزاف المواد الطبيعية، وحدوث الكوارث بفعل النشاط الإنساني، إضافة إلى استخدام الأسمدة والمبيدات، من وجهة نظره أدى كله إلى اختلال ذلك التوازن البيئي، وأنتج ظهور العديد من المشاكل البيئية.
وللحد من هذه المشكلات، يقول البداينة ''كان لابد من الاهتمام بالبيئة، ووضع ذلك على رأس أولويات القطاعين العام والخاص، فكان الأردن من الدول السبّاقة في بذل الجهود العديدة لحماية البيئة، الأمر الذي سارع في تأسيس دائرة للبيئة، تتبع لوزارة البلديات، تحولت إلى مؤسسة لحماية البيئة، ثم إلى وزارة، تمكنت من وضع القوانين والأنظمة لمواكبة التقدم، في مجال الصناعة، وغيرها من مجالات الحياة المختلفة، إلى جانب استحداث دوائر وأقسام بيئية في الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة، والجمعيات التطوعية التي تعمل في مجال البيئة.
نقاوة الهواء
كما يعرف التلوث، من وجهة نظره كذلك، على أنه التدخل في نقاوة المياه والهواء والتربة، بسبب امتزاجها بالمواد الكيماوية المؤذية والمتنوعة، وتختلف مصادر التلوث من مكان إلى آخر ومن موسم إلى موسم، إذ أن معدلات التلوث صيفاً تختلف عنها شتاء، كماً ونوعاً، وفق كمية النشاطات المنجزة المنزلية والتجارية والصناعية والزراعية والنقل.
وتعد الصناعات الكيميائية والبترولية حسب مدير المدرسة محمد العوران، مصدراً مهماً لطرح الملوثات في الهواء، اذ تعتمد نسبها وتركيزاتها في الجو على مكان النشاط الصناعي، وموقعه الجغرافي والفترة الزمنية، فيما يعد تلوث الهواء، من المشكلات الجادة التي تؤثر في صحة الإنسان، إذ تزداد تركيزات الملوثات الضارة في الصناعات والنشاطات التي يقوم بها الإنسان، والدول في ذلك كله سواء، مخلفة آثاراً بيئية صعبة.
ولا يمكن فصل قضايا التلوث البيئي في محافظة الطفيلة، عن التلوث في أرجاء الوطن، على حد قوله، ولكن سيتم الحديث عن خصوصية الطفيلة في قضايا التوازن البيئي، ولابد من تركيز الضوء على أهم المشكلات البيئية وتحديد الأولويات، بهدف فهمها ومحاولة إيجاد الحلول والمعالجة المناسبة لها.
ويعتبر الزحف العمراني والواقع المروري والازدحام داخل المدينة وكذلك الكسارات ومقالع الحجارة والنفايات الصلبة ومعاصر الزيتون والمستشفيات ومحطة التنقية، وواقع المياه في محافظة الطفيلة، من أهم أدوات اختلال التوازن الطبيعي.
حلول مقترحة
وتكمن الحلول المقترحة وفق مدير الصناعة والتجارة الشاب ابراهيم الحوامدة، في تضافر الجهود بتخطيط المدينة بشكل أكثر تنظيماً، بحيث لا يطغى أي نشاط على الآخر، وتحديد الأراضي المنتجة زراعياً، وتشجيع المواطنين من قبل وزارة الزراعة، والمؤسسات الزراعية، لإحياء الأراضي المهجورة وإعادة تأهيلها بالشكل المناسب، وحل مشكلة الازدحام في الشارع الرئيس وسط الطفيلة، بنقل بعض الدوائر الحكومية، من وسط المدينة وإيجاد شارع رديف.
ويضيف: لا بد من إلزام المستشفى والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، والقطاع الطبي الخاص، بفصل وتمييز النفايات الطبية، والتخلص منها بشكل علمي ودقيق، غير مؤثر في بيئة المكان والإنسان، مع توعية الكوادر العاملة في هذا القطاع بخطورة هذه النفايات على البيئة.
ويدعو الحوامدة إلى حل قضية معاصر الزيتون في المحافظة، بإيجاد محطات تنقية خاصة، بمخلفات عصر الزيتون، وتشجيع إقامة بعض الصناعات الخفيفة، التي تستخدم المخلفات الصلبة الناتجة عن عصر الزيتون، كما لابد من اخذ البعد البيئي بالاعتبار، واختيار الموقع المناسب عند منح ترخيص إقامة مثل هذه المعاصر والمقالع وكسارات الحجر، والمشروعات التنموية، مثل معمل مشتقات الألبان، والتصنيع الغذائي.
أما فيما يتعلق بمكب النفايات، ومحطة التنقية، يرى الحوامدة، أن لابد من إيجاد مواقع ذات طبيعة جيولوجية معينة، بحيث تكون طبيعة الأرض كاتمة، لا تسمح للملوثات والعصارة بالوصول إلى مصادر المياه الجوفية، واعتماد أسلوب الطمر الصحي أولاً بأول وتجميل المنطقة بزراعتها بالأشجار الحرجية المناسبة.
جهود التنمية
وقد شهدت جهود التنمية في الأردن، في العقود الأخيرة، ولا تزال استغلالاً متنامياً للكثير من موارد البيئة الطبيعية، وفق مدير صندوق الأيتام في الطفيلة أياد الحجوج، وفي مقدمتها الأرض والتربة الزراعية والمياه والحياة البرية النباتية والحيوانية، والتي خضعت لاستخدام مكثف من قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات والإسكان، وبحكم متطلبات هذا الاستخدام فقد رافقه استخدام الطاقة والكيماويات، على نحو متزايد، وإطلاق الغازات الكيماوية والغبار من المصانع، وترتب على ذلك استنزاف لموارد البيئة الطبيعية وتلويث البيئة في آن معاً.
ولفت الشاب مأمون الضروس من جامعة الطفيلة التقنية، إلى أن كل ما تقدم على أهميته اخفق في التنبيه إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه التشريع في حماية البيئة، في الوقت والأسلوب المناسبين، فقد انقرضت أنواع نباتية وحيوانية، وتصحرت أراض، وأجهدت غيرها بالاستغلال الجائر وسرقت أخرى بالزحف العمراني، واستنزفت وتلوثت أحواض مائية، قبل أن تدخل كلمة البيئة التشريعات الأردنية عام 1985.
وقال إن الأردن شهد نقلة متقدمة في مجال التنمية الزراعية، فقد سجل هذا القطاع تطوراً ملموساً في النوع والكم، عندما أدخلت التكنولوجيا الحديثة شتى الأنماط الزراعية، وكان لهذه التكنولوجيا الأثر الكبير في تقدم هذا القطاع، وأصبح الأردن في عداد الدول المتقدمة زراعياً، في المنطقة في مجال الأمن الغذائي، حيث حقق اكتفاءً ذاتياً وأحيانا فائضاً في بعض مجالات الإنتاج الزراعي.
آثار سلبية
ويعتقد محمد الشقراوي من جامعة الطفيلة أنه وكما كان لاستخدام هذه الأساليب الحديثة من فوائد على النهضة الزراعية والتنمية، فقد كان لها بعض الآثار السلبية على عناصر البيئة، حيث ظهرت مشكلات بيئية عديدة، أصبح يعاني منها الأردن، فقد ساهمت المبيدات الكيماوية في زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية عن طريق وقايتها من الآفات المختلفة، ولكن سهولة استعمال هذه المبيدات وسهولة الحصول عليها سبَّب إفراطاً في استخدامها، ورافق ذلك استخدام خاطئ لهذه المواد أدى إلى الإخلال بالنظام البيئي، ما أدى إلى ظهور آفات جديدة لم تكن تعرف من قبل نتيجة قتل الطفيليات التي كانت تهاجمها طبيعياً، ''المكافحة الطبيعية'' وكذلك أدى إلى ظهور مناعة للحشرات ضد المبيدات الكيماوية، وتعمل هذه المبيدات على تلويث الماء والهواء والتربة، وتعمل على تغيير الصفات النوعية لهذه العناصر الحيوية ويؤدي بالتالي إلى تأثيرات ضارة على الإنسان والحيوان والنبات.
السماد الطبيعي
ونتيجة للاستغلال المكثف للأراضي الزراعية، بحسب قصي العمايرة من جامعة الطفيلة، وفق دراسات أردنية، لتحقيق أعلى إنتاج بدأت التربة تفقد خصوبتها، ما أدى إلى قلة الإنتاج الأمر الذي استدعى المزارعين إلى استعمال السماد الطبيعي لتعويض النقص الحاصل في العناصر الأساسية المغذية في التربة، ويلجأ المزارعون إلى تسميد التربة بـ''الزبل'' الطبيعي، من مناطق الشفاغورية دون أية معالجات، الذي يحتوي -في مثل هذه الحالة- على بيوض الذباب، والحشرات الأخرى، ونظراً لملاءمة درجة الحرارة خاصة في المناطق الغورية، ما يشكل بيئة ملائمة لتفقيس هذه البيوض، وتوالد الحشرات وتزايد أعدادها بشكل كبير، مما يهدد الصحة والسلامة العامة، بحيث أصبحت المناطق الغورية، تعاني من المشكلة المتفاقمة، نتيجة الاستعمال الخاطئ لهذه المادة، مما أدى إلى تلويث البيئة وانبعاث الروائح الكريهة الأمر الذي حدا بالجهات المسؤولة القيام بحملات رش متكررة، وما ينتج عنها من تلويث وأضرار بالبيئة.
الأسمدة الكيماوية
ويوضح المهندس خالد الحنيفات، رئيس بلدية الطفيلة الكبرى أن الأردن يستهلك الأسمدة الكيماوية لتسميد التربة بقصد زيادة الإنتاج حيث تتميز هذه المواد بسهولة ذوبانها في التربة الأمر الذي يؤدي إلى تلويث مصادر المياه وينتج عن الإفراط في استعمال هذه المواد عدد من المشاكل البيئية مثل الأسمدة الفوسفاتية والنيتروجينية التي تعمل على التركيز الزائد لمركبات النيتروجين في الماء والجو، إذ أن زيادة النترات في مياه الشرب أو الأغذية تشكل أخطاراً على الصحة.
ويوضح أن التعدين يعد من الأنشطة ذات الضرر على البيئة، ويعمل على تدهور التربة والغطاء النباتي الطبيعي وتشريد الأحياء البرية من منطقة التعدين ويعد الغبار والتربة الناتجة عن عمليات التعدين فوق الأرض أو داخلها من الملوثات الضارة بالبيئة، ومن الأمثلة على ذلك أتربة وغبار مناجم الفوسفات في الحسا والوادي الأبيض ومصنع الاسمنت في الرشادية، والكسارات والمقالع المنتشرة في المحافظة، ما يؤدي إلى تلويث المياه والهواء والتراب والغطاء النباتي نتيجة نقلها بواسطة الرياح أو غسلها بواسطة الأمطار، علاوة على ان الغبار يؤثر تأثيراً مباشراً على صحة الإنسان، ويؤدي إلى أمراض الرئة وغيرها.
الغبار في المحافظة
ويرى رئيس بلدية القادسية، شكري الخوالدة، أن موقع بلدة القادسية يجعلها تتعامل مع موضوع البيئة بأهمية خاصة، من خلال عدة محاور، وذلك لوجود محمية ضانا الطبيعية، ومصنع الاسمنت، وحدودها الجنوبية للمحافظة، علاوة على التنوع المناخي، حيث منطقة البرة السحيقة، وجبال العلمة، الأكثر ارتفاعاً عن سطح البحر.
ويضيف رئيس البلدية أن الأسباب المذكورة، تجعل المواطن يتعامل مع هذه الأسباب جميعها، باعتبارها تؤثر على حياته اليومية، إذ مازال الجانب التوعوي دون المستوى، في وقت قامت فيه البلدية بتوزيع استبانة لجمع معلومات إحصائية، لمعرفة مدى وعي المواطن ومعرفته بموضوعات البيئة، موضحاً أن الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، تعمل وفق برنامج يطغى عليه الجانب السياحي.
وأشار إلى أن مصنع الاسمنت، وإيماناً منه بضرورة الحفاظ على البيئة، يقوم بصورة دورية بتحديث أجهزة الفلترة، للتخفيف من آثار الغبار المتطاير، وغبار عمليات التعدين، التي ثمنها وطالب بالمزيد منها، وقال إن البلدية التي تعمل على حماية البيئة نظيفة بصورة دائمة، توالي عمليات النظافة اليومية، وحملات الرش، ووضع الخطط لإيجاد حدائق ومسطحات خضراء في المنطقة
مياه عادمة
ومن زاوية رؤيته، يقول الطالب في جامعة الطفيلة، غسان المرايات، إن بعض المزارعين، وعلى نطاق ضيق في إقليم الجنوب، لجأ إلى استخدام المياه العادمة المعالجة وغير المعالجة في ري مزروعاتهم، التي تحمل ملوثات كيماوية وجرثومية تنتقل إلى الإنسان عن طريق تناوله المنتجات الزراعية المروية بهذه المياه، مسببة له الأمراض، إلى جانب ما تفعله في تلويث التربة بحيث تتسرب المواد الكيماوية فيها ما يؤدي إلى عدم صلاحيتها للزراعة.
الإرشاد الزراعي
ويجري إرشاد المزارعين، بحسب المهندس الزراعي الشاب حسين القطامين على استخدام الطرق الحديثة في التسميد من قبل أجهزة مديريات الزراعة، حتى لا تتلوث المياه، وإرشادهم إلى ضرورة تنظيف أراضيهم من مادة البلاستيك والتخلص منها بأسلوب لا يلوث البيئة في ظل شراء البلاستيك المستعمل من قبل شركات متخصصة، وضرورة إجراء دراسات بيئية للمشاريع الزراعية قبل إنشائها مثل المسالخ المركزية أو مشاريع الثروة الحيوانية، وتوعية المزارعين للتقليل من رش المبيدات الكيماوية حتى لا تتلوث المحاصيل وما تخلفه من آثار تتسبب في القضاء على الاعداء الحيوية للآفات الزراعية، ووضع التشريعات الصارمة لحماية الأرض الزراعية من الزحف العمراني.
سياسات جديدة
وفي هذا السياق قال إن للسياسيات البيئية دوراً مركزياً يجب أن يلعب، فمن ناحية فإن على هذه السياسات الحثّ والتأكيد على أن مستوى المخاطر في استعمال واستهلاك المصادر البيئية في حد مقبول وأن الصحة العامة والبيئة المحيطة بالإنسان في وضع مطمئن، وهذا يتطلب وضع تشريعات وقوانين صارمة تتولى تنفيذها جهات ذات سلطة.
ومن ناحية أخرى فإن الدروس المستفادة من فشل وطرح ''المعالجة عند نهاية الأنبوب'' يجب الاستفادة منها، فإذا كانت الدول الغنية تعمل حالياً من أجل تحقيق استهلاكها من الطاقة والمياه بنسبة 50ــ75 خلال العقود القادمة، من أجل تحقيق تنمية مستديمة، فلماذا تحاول الدول النامية تبني ونسخ تجارب ثبت فشلها في الدول الغنية.
الأحواض المائية
وفي الجانب الزراعي، قال المهندس القطامين إن معدل هطول الأمطار يتراوح في الأردن بين 600 ملم في الشمال، إلى أقل من 200ملم في الجنوب والشرق، ويفقد سنويا ما نسبته 92% من مجموع مياه الأمطار (المعدل السنوي 8400 مليون متر مكعب) بالتبخر، في حين تتغذى أحواض المياه الجوفية على 4ر5% من هذه الأمطار، ويوجد في الأردن اثنا عشر حوضاً للمياه الجوفية التي تشكل المصدر الرئيس للاستعمالات المنزلية، ويزود نهر اليرموك الأردن بـ 40 من المياه السطحية التي تستعمل في الري.
ويعود انجراف التربة وتدهورها بالدرجة الأولى إلى الرعي الجائر، وأساليب الحراثة الخاطئة واقتلاع الأشجار الحرجية، كما أن التلوث بالأكياس البلاستيكية والمياه العادمة ومياه الري والتملح يهدد طبقة التربة الزراعية العليا.
تلوث بالغبار
ويعزا تلوث الهواء -وفق رئيس جمعية مكافحة التصحر والبيئة في الحسا، توفيق ابو جفين- إلى مصفاة البترول، وارتفاع نسبة الكبريت في الوقود، لذا فإن المصدر الرئيسي الثاني للتلوث ناتج عن غازات عوادم السيارات، أما تلوث الغبار، فغالباً ما يحدث أثناء تحميل خامات الفوسفات في العقبة، كما تتسبب مصانع الاسمنت في إطلاق الغبار، الذي يؤثر على المناطق المجاورة.
مصنع الرشادية
ويقول مدير مصنع الاسمنت في الرشادية، المهندس منتصر المعايطة، ان عمليات التحديث البيئي مستمرة على نحو دائم في المصنع، إلى جانب مشروع للتخزين والمناولة لمادة ''الكلنكر'' بكلفة تصل عشرة ملايين دينار، فضلا عن عمليات إعادة تأهيل الأراضي المستخدمة، في حين تتبع إدارة المصنع إجراءات صارمة في موضوع البيئة، والذي يشمل عمليات نقل المواد من قبل مقاولين، لتفادي التأثير على البيئة.
ويوضح مدير المصنع، أن حوالي (850) ألف غرسة جرى زراعتها في مناطق المصنع والمواقع التي أعيد تأهيلها، فيما يسعى المصنع إلى إنفاذ مشروع للحصاد المائي، لجمع مياه الأمطار، خدمة للمزارعين في المنطقة، في إشارة إلى أن المصنع يعمل في الرشادية ضمن المواصفات العالمية، باعتباره واحداً من مصانع شركة لافارج.
بلدية الطفيلة الكبرى
وتساهم بلدية الطفيلة، في إدامة أعمال النظافة في الحمامات المعدنية في عفرا إضافة إلى أعمال النظافة في مناطق البلدية عبر الشراكة مع جمعية البيئة في برامج وخطط الفرع السنوية، عزز ذلك تفاعل رئيس البلدية الذي أسس إلى شراكة قوية مع المعهد الجمهوري الأمريكي الدولي في إقامة أنشطة وخدمات تبنى على أسس من الشراكة مع المجتمع المحلي إضافة إلى دعم خطط الفرع وأنشطته في المحافظة.
ويقول رئيس البلدية إن المعهد الجمهوري الدولي جمع قبل أيام أعضاء اللجنة المحلية لبلدية الطفيلة في لقاء للتعريف بالمستثمرين والمشروعات البيئية من خلال بلورة أفكار لمشروعات جديدة وضعتها اللجنة وفق أولويات.
ويضيف إن فريقاً في البلدية رصد الواقع العام في مناطق البلدية، وقدم تقريراً يشير إلى مديونية عالية وعجز مالي للميزانية بلغ 600 ألف دينار دون وجود مصادر للتغطية أو سياسة مالية واضحة للمعالجة.
ويخلص المهندس الحنيفات إلى القول إن المعالجات شملت تشغيل مصنع الحاويات الذي أنجز أكثر من مائة حاوية وإيجاد ورشات فاعلة للبلدية لإقامة جدران استنادية أنجزت أربعة آلاف متر مكعب منها بكلفة 50 ألف دينار فيما كلفتها السوقية تزيد على 300 ألف دينار، في إشارة إلى أن معالجات شملت العلاقة مع المجتمع المحلي، استندت إلى إجراء لقاءات دورية، وإنتاج أيام ثقافية في المواقع السياحية، وتأكيد الدور الريادي للبلدية في مختلف قضايا المواطنين، وتدخل البلدية في إدارة وتشغيل الحمامات المعدنية ومصنع الألبان، لطرح المنتجات بداية العام الجديد.
وعدد مبادرات البلدية التي منها دعم السوق الشعبي، الذي خفض الأسعار بنسبة وصلت 50% وتنفيذ حملات للنظافة وتنظيف الخزانات الخاصة بمياه الشرب في (20) مدرسة بالتعاون مع المعهد الجمهوري الذي ربطت البلدية معه شراكة في غالب قضاياها، التي منها تكريم الموظفين أصحاب الكفاءات من المتعاونين مع البلدية.
ويقول المهندس الحنيفات إن الرسالة التي أوضحتها البلدية للناس دفعت باتجاه خطط جديدة منها إعادة تشكيل وسط المدينة بشكل حضاري باستغلال أمثل لموقع مدرسة ابن تيمية القديم، وطرح عطاءات للخلطات الساخنة في العام المقبل، وإنشاء سوق شعبي، واستكمال المدينة الحرفية، ورصد (200) ألف دينار لإنشاء مقابر في القصبة والعين البيضاء والعيص، ومبان حديثة لمناطق البلدية، إلى جانب متنزهات وأماكن ترفيه، وأحياء مواقع سياحية وتطوير أخرى في قلعة السلع ومناطق أخرى.
خطط في الحسا
وتمكنت بلدية الحسا من توقيع اتفاقية مع شركة مناجم الفوسفات، لإدارة عمليات النظافة في المدينة السكنية لمستخدمي مناجم الفوسفات في الحسا، بكلفة (50) ألف دينار سنوياً.
وتقول رئيسة البلدية المهندسة رنا الحجايا إن البلدية تسعى لإنفاذ مشروع آخر لزراعة مناطق بلدية الحسا بالتعاون مع السكان للحيلولة دون إتلاف الغراس، من قبل الماشية.
وتشير إلى أن فريقاً من اليابان، وجامعة مؤتة، بدأ العمل لإقامة مشروع لحل قضية مياه الفوسفات المستخدمة في عمليات التعدين، بعد إنجاز الدراسات، للاستفادة منها في الزراعة، فيما أشار وزيـر الزراعة إلى أن مشروعاً لهذه الغاية، سيوفر (150) فرصة عمل لأبناء المنطقة، في ذات الوقت الذي يتعاون فيه المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، من أاجل تحديد أنواع النباتات التي يمكن زراعتها باستخدام هذه المياه.
مناطق خضراء
وتلفت الحجايا إلى أن موضوع غبار الفوسفات يمكن التغلب عليه من خلال إنفاذ مشروع النظافة في المدينة السكنية، والشروع في إقامة مناطق خضراء في أرجاء اللواء، لتلطيف الأجواء، والحد من تطاير الغبار، المتصاعد من المناجم، وتلك التي تثيرها الرياح، في المناطق الصحراوية، على الطريق الدولي.
وتقول إن مكب النفايات الصلبة والسائلة قريباً من قرية جرف الدراويش، الذي يثير مخاوف السكان هناك، تحاول البلدية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، إيجاد محطات تحويلية، لخدمة المناطق المجاورة، في الحسا وبعض القرى في محافظة معان، لتخفيف الضغط على المكب المذكور.
مشروع بيئي
وتواصل بلدية الحسا، التهيئة لتنفيذ مشروع بيئي، لتطوير الحدائق المدرسية، وفق خمسة محاور تقول الحجايا إنه يمهد لمأسسة العمل البيئي في اللواء، سيبدأ في المدارس، باعتبارها أساس الحراك التنموي، والتوعوي معا، وتقول إن ذلك ينسجم مع التوجيهات الملكية الداعية إلى عام زراعي في السنة المقبلة.
وتضيف أن المشروع، يرتكز على محاور أساسية، تتضمن التوعية، والعمل على صيانة الحدائق في المدارس وتزويدها بالأشتال والأسمدة، إلى جانب محور التدريب، بالتعاون مع وزارة الزراعة، والهيئات التدريسية، تمهيدا لتأسيس ناد للشجرة، وصفته بالمكان الحقيقي، للتعامل مع قضية الشجرة، في هذه المنطقة الصحراوية، باتجاه دور فعال يمتاز بالجدية، لأن العملية الزراعية هذه -كما تراها- ليست عبئاً أو ترفاً.
وتلفت إلى أن خطة المشروع، تنطوي على أهمية إيجاد شبكة اتصال، بين الجهات المعنية، بالموضوع البيئي، وبخاصة جمعية البيئة في المحافظة، للمشاركة في إعداد المحاضرات والندوات، وفق خطة تلتفت إلى دور رئيسي للجمعيات المختلفة في اللواء والحكم الإداري، من خلال وحدة تنمية المجتمع المحلي في البلدية.
وترى الحجايا أن البرامج الموجهة، لتطوير الزراعة تستند إلى بُعد مجتمعي، يجعل من مشاهدة الغراس الحرجية وأشتال الزينة منظراً مألوفا في المنطقة، التي تضم خمس مدارس، يصل تعداد الطلبة فيها زهاء ثلاثة آلاف طالب وطالبة، إلى جانب حوالي (13) ألف نسمة، في ثلاثة تجمعات سكنية.