ايمان شعبان خوري - قد يجد الكثيرون أن وضع قطعة من الاعشاب المجففة تحت الشفة العليا وامتصاصها أمراً مستغرباً، لكنه أمر طبيعي جداً في بلد أوروبي كالسويد، التي يرغب مدمنو النيكوتين فيها بالاقلاع عن التدخين. ومن المعروف ان العلماء عملوا طويلاً لإيجاد سجائر تحتوي على مادة تعطي نفس الرضا الذي يوفره النيكوتين في السجائر التقليدية ودون إحداث الضرر الذي يسببه النيكوتين للمدخنين، لكنهم لم يتوصلوا حتى الان الى ذلك.
في السويد، بدأت أنيلي هيلستروم وهي مدخنة في الاربعين من العمر انشاء شركتها الخاصة عام 2002 في ستوكهولم، للبحث عن بديل للنيكوتين، علماً بأنها منذ كانت حاملاً بطفلها الثاني في عام 1997، كانت ترغب بالتوقف عن التدخين ، إلا انها لم تجد سوى مواد تعتمد اساساً في تكوينها على النيكوتين.
بدأت هيلستروم عمل التجارب باستخدام خلطة سرّية من الاعشاب الجافة مع الزيت لصنع بديل يعطي نفس الشعور بالرضا عند تدخين السيجارة، واستمرت في عمل التجارب حتى توصلت الى عمل خلطة سرية توفر للمدخن الرضا الذي توفره السجائر، فأصبح بين يديها منتج جديد يخلو من مادة النيكوتين. وقد أصبح هذا المنتج يباع في الاسواق على شكل علب مستديرة تحتوي على جرعات صغيرة مغلفة داخل أكياس بلاستيكية بحيث يتمكن المدخن من تناول كل جرعة لوحدها، وذلك بوضعها تحت الشفة العليا وامتصاصها، ليستمر مفعولها لعدة ساعات في النهار.
تبدو قصة أنيلي هيلستروم مشوقة للغاية فقد بدأت شركتها الخاصة بصنع العلب الصغيرة ووضع الملصقات عليها باليد، وبالعمل على طاولة مطبخها، ومن ثم بيعها الى الاصدقاء والمقربين من عائلتها. وبعد سنة كانت الشركة تعمل بثلاثة موظفين فقط، أما الان فلقد أصبح لديها عدد كبير من الموظفين، ويقدر حجم مبيعاتها من هذا المُنتج ب 2,2 مليون يورو في العام.
يتكون المُنتج بشكل رئيسي من الزيت والاعشاب والبهارات كالفلفل والموما (وهو نوع شائع من البهارات يصنع منه مشروب خاص يقدم في عيد الميلاد في السويد)، وقد أضافت نكهة الليمون والتفاح مؤخراً الى خلطتها السرية لتحسين الطعم وتغيير النكهة.
وقد باتت السيدة هيلستروم مقتنعة تماماً بأنها تفعل الشيء الصحيح، وأن كل مدمن نيكوتين يملك جميع الاسباب في ان يتطلع اليها لتساعده في الاقلاع عن التدخين. وقد ساعدت الحكومة السويدية على إطلاق منتجها الجديد بإعلانها في آواخر عام 2005 بمنع التدخين في بعض الاماكن العامة كالمطاعم والحانات، لذلك توجه كثير من المدخنين الى تجربة المنتج الجديد ليساعدهم على الاقلاع عن هذه العادة الكريهة. وقد طالبت الحكومة السويدية بإجراء الفحوصات اللازمة على المنتج للتأكد من سلامته وخلوه من أي شيء قد يضر بالصحة العامة. وبعد الموافقة عليه بدأت هيلستروم تعمل لنشر منتجها الجديد خارج حدود السويد، فقدمت طلباً للاتحاد الاوروبي للموافقة على نشره في بقية الدول الاوروبية، لأنه في حالة الموافقة عليه ستتمكن من مساعدة 10% على الاقل من مدمني النيكوتين في العالم. وبما ان الكثيرين من المدخنين في الدول الاوروبية مثل بريطانيا والمانيا يفضلون مضغ النيكوتين بدل السجائر، فهذا سيساعد على نشر المنتج بسهولة، ويحول السيدة هيلستروم من ربة منزل تقليدية الى سيدة أعمال ناجحة جداً.
أما في الولايات المتحدة الامريكية، وبعد موافقة إدارة الغذاء والدواء في عام 2005 على العقار الجديد شانتكس الذي يساعد المدخنين على الاقلاع عن التدخين. بدأ كثير من الامريكيين بإستخدامه. ويُشار الى ان هذا العقار يعمل على أجزاء معينة من الدماغ، حيث يعطي للمدمن الشعور بالاقتناع والرضا الذي توفره مادة النيكوتين، ويشجع على تراجع الاعراض المصاحبة للانقطاع المباشر عن السجائر.
ومن المعروف ان التدخين يُعد سبباً رئيساً للوفيات في العديد من الدول وهو المسبب الاول لقائمة سرطانات طويلة ولامراض القلب والرئة، لذلك يجد العلماء أنفسهم ملتزمين بمساعدة الناس على ايجاد طرق فعالة لترك التدخين من اجل تحسين نوعية حياتهم.
ويشار الى ان نسبة قليلة جداً من المدخنين الذين يحاولون ترك التدخين بدون علاج ينجحون بعد مرور فترة طويلة على محاولاتهم، والاغلب ان يعودوا الى التدخين بعد أيام قليلة من محاولتهم الاقلاع عنه. فعادة ما يحتاج المدخن الى دعم كبير ليستطيع ترك هذه العادة، ومن الاخطاء الشائعة الانقطاع عن السجائر مباشرة بدون محاولة التقليل من عدد السجائر أولاً أو بدون استخدام البدائل المناسبة.
سيدة منزل تستخدم الاعشاب للمساعدة في ترك التدخين .. فتكسب الملايين
12:00 28-9-2008
آخر تعديل :
الأحد