خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

غزو إعلامي.. أم خلل حضاري؟! .. بقلم : خورشيد دلي

غزو إعلامي.. أم خلل حضاري؟! .. بقلم : خورشيد دلي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

تزخر الأدبيات العربية الحديثة بالدراسات والمقالات التي تتحدث عن الغزو الإعلامي والثقافي، الهادف إلى ابتلاع هويتنا وثقافتنا الوطنية والقومية والإسلامية.. وتؤكد هذه الدراسات على ضرورة مواجهة هذا الغزو من خلال ابراز مقومات الهوية والقيم النضالية والقومية والتراثية.
وقد انتجت هذه الدراسات في حقل الممارسة نوعاً من الخطاب السياسي الايديولوجي، واقترن هذا الخطاب باستكمال بناء مؤسسات إعلامية حكومية تمارس الاعلام والثقافة في اطار شمولي، افضت تجربتها إلى إعلام جامد يكرر نفسه يومياً، في حين الإعلام ابعد ما يكون إلى الجمود والتكرار خاصة بعد تحوله الى صناعة وامتلاكه لتقنيات هائلة من حيث السرعة والأداء والتنوع، فضلاً عن تعدد وسائله.
المسألة المهمة التي تغفلها الدراسات النظرية هذه وكذلك أصحاب دعوات مواجهة الغزو الإعلامي الثقافي هي ان هذه الدراسات وهؤلاء الدعاة يتجاهلون عن عمد مسألة الفروقات الحضارية الهائلة والامكانات والتقنيات الاعلامية الكبيرة بين الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية التابعة ومنها الدول العربية، وبالتالي ما ينتج عن هذا الخلل أو الفارق في الامكانات عن تبعية النامي للمتقدم، الضعيف للقوي في مجال انتاج الثقافة والمعرفة والبحث العلمي من جهة، وفي مجال الحصول على المعلومة وصناعتها إعلامياً وطرحها للتداول من جهة ثانية.
ان اصرار بعض الباحثين العرب على تجاهل هذه المسألة والتأكيد على انها محض غزو ثقافي اعلامي هو نوع من انعدام الفعالية الاعلامية والثقافية في اطار النمطية الضيقة للتفكير، فكيف يمكن الحديث عن الامن الثقافي والاعلامي وقد ألغت ثورة الاتصالات المسافات والحدود والرقابة وحولت العالم الى قرية صغيرة كما يقال؟ وكيف يمكن الحديث عن المساواة الثقافية والاعلامية في حين ان نسبة صناعتنا وانتاجنا الاعلامي في هذا المجال ما تزال في حدود الصفر مقارنة بالدول الكبرى؟ فعلى سبيل المثال نجد ان 98 بالمئة من الابحاث العلمية التكنولوجية تتم حالياً في الدول المتقدمة، وتتعلق هذه الابحاث بالمشكلات التي تهم هذه الدول والعالم في حين لا نسبة تذكر للدول النامية.
كذلك الامر بالنسبة للخبر، أي المعلومة التي هي اساس صناعة الاعلام المعاصر، وعلى سبيل المثال ايضا، تحتكر اربع وكالات أنباء عالمية (رويترز - فرانس برس - اسوشيتدبرس - يونايتد برس) ما يزيد على ثمانين بالمئة من التغطية الاخبارية في العالم، وتقدم هذه الوكالات الأخبار بمعظم لغات العالم، وتتمتع بشبكة كبيرة من المراسلين وجهاز كبير من الاداريين الاكفاء والخبراء، في حين ينحصر دور وكالات الأنباء في الدول النامية ببث الاخبار الرسمية والمحلية او اعادة بث الاخبار التي تبثها الوكالات العالمية المذكورة، فهل يمكن في ظل هذه المعطيات الحديث عن توازن في تدفق المعلومات؟.
الموضوع المهم الذي لا يقل أهمية وحساسية عن فارق التكنولوجيا والامكانات هو شروط انتاج النص الاعلامي وتسويقه وتداوله، فالدول النامية، وسائل اعلامها عبارة عن ادوات ناطقة باسمها، والاعلامي الذي يعمل في هذه الوسائل عبارة عن ناشر ايديولوجي، وسياسة هذه الوسائل تحدد مسبقا وسياسة النشر فيها تقوم على ما هو منسجم مع ايديولوجية النظام وقيمه ومواقفه حيث شرعت هذه الانظمة مجموعة من الاجراءات القانونية والادارية المانعة لأي انتاج اعلامي يدخل دائرة ما يعرف بالمحرمات والتي تختلف من بلد الى آخر بهذه الدرجة او تلك، وليس غريبا ان بنود المواد التي تتعلق بالرقابة على قائمة الموضوعات الممنوعة او المحرم تداولها افرغت الاعلام المناهض للغزو الثقافي والاعلامي من مضمونه، كما ان هذه المواد افرغت المثقف فكريا وابداعيا وحملته على القبول بما هو مسموح، والمثقف العربي رضي بهذا الواقع، فهو رهن انتاجه بشروط النشر والتسويق والتداول والتوزيع، ولا يختلف عنه المواطن العربي الذي تكيف بدوره مع هذا الواقع ومحرماته، والمفارقة كيف يمكن لواقع مهزوم بهذا الشكل ان يواجه الغزو الثقافي الاعلامي؟.
ان مواجهة مثل هذا الغزو لا تتم بالشعارات، كما ان معالجة الخلل الناجم عن فارق الامكانات او غياب دور فعال للاعلام العربي لا يكون بتجاهل واقع الانسان وقضاياه الملحة في الحياة لحساب قضايا سياسية انما بتناول هذه القضايا التي هي تفاصيل صغيرة في حياة الانسان ولكنها اساسية وحيوية في كل عملية من شأنها الدفع بالواقع الى الأمام والناس الى الحركة والفعل والمشاركة.
* كاتب وإعلامي سوري

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF