عبير النعيمات - كثيرا ما تكون الحاجة سيدة الموقف وكثيراً ما يقع الإنسان تحت وطأة الظروف، حيث السعي المستمر في الحصول على قوت الحياة؛ وما بين مرارة الأيام وضغط الحاجة يقع الكثير من شبابنا فريسة سهلة للكثير من أصحاب العمل حيث الاستغلال وإنكار الحق ومن ثم الاستغناء عنهم وقطع أرزاقهم، خاصة في حالة عدم الاحاطة في الثقافة القانونية .. وبخاصة التي تكون في صالحهم وتحمي حقوقهم . وفي الشق الآخر .. هناك مفارقة يقع فيها المعنيون ، وتتمثل بأن القانون وما به من ثغرات، قد يستغلها أصحاب العمل في القطاع الخاص ضد العاملين، والذين هم في غالبيتهم من قطاع الشباب، ففترة التجربة التي ينص عليها القانون والمحددة بثلاثة أشهر تعتبر ثغرة حقيقية حيث استغلال أصحاب العمل لها بالقيام بإخضاع الشباب لها، ومن ثم فصلهم قبل نهاية الثلاثة أشهر ببضعة أيام أو حتى بيوم واحد .
والهدف من ذلك ، أن يتخلص صاحب العمل من عبء العامل بعدم إلحاقه بالضمان الاجتماعي بالإضافة إلى التخلص مما يترتب له من حقوق جراء الفصل التعسفي إذا ما تجاوز العامل لمدة التجربة. وللوقوف على مدى تأثير هذه القضية وانتشارها كان لا بد من إلقاء الضوء على ما آلت له هذه المعضلة... آراء شبابية يقول مروان سمير أنه ومن باب التجربة لاحظت أن هذا الأمر أصبح شيئا طبيعيا ومتكررا لدى عدد من أصحاب العمل، ففي الكثير من المواقع يتم تعيين عدد من الشباب بهدف التدريب ومن ثم العمل ضمن الكادر الموجود في الموقع، وعند اقتراب مدة انتهاء فترة التدريب يتم الفصل لهم دون سابق إنذار .
وقد حصل هذا الأمر معي فعلياً حيث عملت في أحد المطاعم المختصة بالوجبات السريعة وفي البداية قام المدير بالطلب بالتوقيع على عقد يشترط فيه علينا تجاوز فترة التجربة والتي هي في قانون العمل الثلاثة أشهر ليتسنى للمدير تعييننا بعد تجاوز هذه المدة وبالفعل كان له ذلك، وبعد انقضاء مدة شهرين ونصف وقبل أن نتجاوز فترة التجربة تم الاستغناء عن خدماتنا دون أي سبب، لكن ما فهمناه لاحقاً أن هذا الأمر هو شيء طبيعي ومعتاد عند صاحب المطعم وذلك حتى لا يطالبه العاملون بالالتحاق بالضمان الاجتماعي أو حتى بما يترتب على الفصل التعسفي من حقوق للعاملين خاصة في حالة تجاوز مدة التجربة. ويبين مروان أن معظم الشباب الذين يقع عليهم الاختيار للعمل في مثل هذه المواقع تكون أعمارهم أقل من الثامنة عشر وقد يكون ذلك من باب الاستغلال الكبير لهذه الفئة التي قد تلجأ للعمل في كثير من الأحيان نتيجة الحاجة. ويضيف : ونحن كشباب صغار في السن لا نملك إلا أن ننصاع لما قد يضعه صاحب العمل من شروط علينا وذلك رغبة منا في سد الحاجة التي نعاني منها.
وتقول منى محمد انني أتعرض لهذا الأمر في القطاع العام حيث كنت أعمل في احدى الدوائر الحكومية وعلى نظام المشاريع، حيث تم تعييني في هذه المشاريع وقبل انقضاء مدة التجربة التي هي ثلاثة أشهر تم إيقافي عن العمل لمدة قليلة ومن ثم تم الطلب مني العودة للعمل مرة أخرى إلا أن الحالة هنا تختلف من حيث إلحاقنا بالضمان الاجتماعي في أثناء الفترة التي عملنا بها، ونحن هنا لا نعرف ما هي الإجراءات التي ترتب عليها هذا الأمر وكيف للضمان الاجتماعي أن يوقف الاقتطاع من راتب موظف لمدة ومن ثم يعود ويقتطع منه على الرغم من أنه ما زال يعمل في نفس العمل ونفس المكان الذي توقف عنه لأيام معدودة. وتضيف منى أن الأمر كان مستغربا إلا أننا وعندما تساءلنا عن السبب في هذه الإجراء ، أبلغنا بأن هذه الإجراءات المتبعة كما ابلغنا بأن لنا الخيار في الاستمرار أو ترك الفرصة لغيرنا .
رامي رشيد عبد الله في هذا السياق يقول إنه وبعد التخرج وعندما كان العثور عن عمل شيء صعب قمت بالعمل في أحد الأسواق التموينية في إحدى مناطق العاصمة عمان حيث اتفقت وصاحب العمل على راتب محدد وساعات عمل معينة أجزم أنها تجاوزت اثنتي عشرة ساعة في اليوم، لكن ومع مرور الوقت أصبح التغيير في طبيعة عملي في السوق أمر طبيعيا عند صاحب العمل رغم الاتفاق المسبق والمبرم بيننا على أن عملي محدد ومعروف، بالإضافة إلى وجود عمال للقيام بهذه الأعمال. وعندما ضاق بي الأمر واعترضت ومع إصابتي في منطقة الأكتاف قام صاحب العمل بفصلي وحسم جزء من راتبي المتفق عليه، وعلى هذا الأساس لم أستطع اللجوء إلى القانون أو حتى المطالبة بحقي خاصة أن العمل في مواقع مشابهة لهذا الموقع تعتمد على الاتفاق الشفهي بين الطرفين. آراء المسؤولين جعفر الشيخ مدير التفتيش في وزارة العمل قال أن قانون العمل وتعديلاته رقم 8 لسنة 1996م وفي المادة رقم 35 بين أن لصاحب العمل استخدام أي عامل قيد التجربة وذلك للتحقق من كفاءته وإمكاناته للقيام بالعمل المطلوب، ويشترط في ذلك أن لا تزيد مدة التجربة في أي حال من الحالات على ثلاثة أشهر وأن لا يقل أجر العامل قيد التجربة عن الحد الأدنى المقرر للأجور؛ كما ويحق لصاحب العمل إنهاء استخدام العامل تحت التجربة دون إشعار أو مكافأة خلال مدة التجربة؛ كما وتنص المادة على أنه إذا أستمر العامل في عمله بعد انتهاء مدة التجربة أعتبر العقد عقد عمل ولمدة غير محدودة وتحسب مدة التجربة ضمن مدة خدمة العامل لدى صاحب العمل. وحول فصل الموظف وإعادته للعمل بعد مدة معينة يضيف جعفر أنه قانوني .. وفي حال انقطاع العامل عن العمل أكثر من شهر يعتبر هذا العمل عملا جديدا إذا ما ألتحق به العامل مرة أخرى. ولفت جعفر أن المسؤولين تنبهوا لمسألة الاستقلال مما أدى بهم إلى طرح مشروع قانون جديد للتخلص من هذه الثغرات وهو الآن موضع دراسة من قبل الحكومة ينتظر النظر من الحكومة.
