شيكاغو - رويترز - وصل السارجنت ايريك ادموندسن الى مستشفى وولتر ريد الاميركي العسكري في تشرين الاول 2005 مصابا بارتجاج حاد في المخ ليدخل ضمن قائمة ضحايا انفجارات القنابل الكثيرة التي تزرع على الطرق بالعراق.
وبعد ستة أشهر وعقب اعادة تأهيل طبيعي مكثف وعدوى جعلت التحكم في اطرافه غير مجد هبطت معنوياته الى الحضيض. وقالت أسرته ان وزارة شؤون المحاربين القدامى عرضت عليه اما التوجه الى دار للرعاية او العودة الى منزله من منشأة في ريتشموند بولاية فرجينيا.
وقال ادوارد والد ايريك الذي ترك عمله في شركة كوناجرا للاغذية في نورث كارولاينا ليتفرغ للدفاع عن حقوق ابنه الصحية شعرنا ان شوؤن المحاربين القدامي تتبنى موقف فللنتظر لنرى بينما كنا نرى ان الوقت عدونا... ولهذا أخذناه الى المنزل .
ونظرا لعدم رضى الاسرة عن النتيجة قررت في نهاية المطاف العلاج في مستشفى خاص وبدأ مسار التعافي ببطء. لكن قصته لم تكن عادية.. فالمصابون من المحاربين القدامى نادرا ما يتلقون العلاج في المستشفيات الخاصة التي تقول ان لديها خبرة في علاج حالات الاصابة الحادة في الدماغ على غرار حالة ايريك. ومن جانب اخر تقاوم وزارة المحاربين القدامى الاستعانة بخدمات المستشفيات الخاصة مما يثير صداما بشأن رعاية بعض المحاربين الذين اصيبوا باصابات خطيرة في الحرب.
ومن بين حوالي 24 الف جندي مصاب يعودون من العراق وأفغانستان يعاني نحو ثلث هذا العدد من درجة ما من الاصابات الارتجاجية بالمخ وفقا لما ذكره مكتب المحاسبة العام.
وتدافع الحكومة عن نفسها بشأن الرعاية الطبية للمحاربين القدامى بعد تحقيق خلص الى سوء الظروف المعيشية التي يعاني منها المصابون في فترة النقاهة في مركز وولتر ريد الطبي العسكري والذي كان يعتبر درة نظام الرعاية الصحية العسكري.
وفي الاونة الاخيرة شكل الرئيس الاميركي جورج بوش لجنة من أجل العناية بالمصابين الاميركيين العائدين من الحرب. وكان الموضوع الرئيسي المطروح هو ما اذا كان يمكن زيادة الاستفادة من القطاع المدني لعلاج اصابات الارتجاج وهي من أكثر الاصابات شيوعا بسبب الحرب.
وقال ادوارد ايكنهوف رئيس المستشفى الوطني لاعادة التأهيل في واشنطن وعضو باللجنة انها مسألة تقدر بحوالي 64 الف دولار اميركي وستدرسها اللجنة بينما تنظم جلسات استماع قبل تقديم توصيات لبوش.
وتوجد اربعة مستشفيات لدى وزارة المحاربين القدامى لعلاج حالات الاصابة الحادة بالدماغ في منيابوليس وكاليفورنيا وفلوريدا وفرجينيا. ويقول البعض ان الثمانية وأربعين سريرا المخصصة لاصابات الدماغ بالمستشفيات في نظام قدامى المحاربين غير كافية.
وقالت باربرا سيجفورد مديرة وكالة شؤون اعادة التأهيل والعلاج الطبيعي التابع لوزارة المحاربين القدامى ان خبرة الوكالة في اصابات الحبل الشوكي والبتر التي تصاحب عادة ارتجاج المخ تتنامى على مدى العشرين عاما الماضية.
وقالت هذا ليس أمرا جديدا علينا بأي حال من الاحوال... واقول انه قلما تقتضي مصلحة شخص ما نقله الى برنامج /مدني/ اخر .
وأضافت انه لا يوجد اكتظاظ حيث ان مراكز علاج اصابات الارتجاج الاربعة التابعة لوزارة المحاربين القدامى تدار بطاقة استيعاب تصل الى نحو 80 بالمئة. من جانبها تقول المستشفيات الخاصة انها تبني خبرتها عن طريق علاج اصابات المخ الشديدة على مدى عقود سواء لضحايا حوادث البناء او تصادم السيارات. وقالوا انه في المقابل تعنى وزارة المحاربين القدامى غالبا بالامراض المزمنة لمحاربي فيتنام والحرب العالمية الثانية.
وقال جيريمي تشوات نائب الرئيس التنفيذي لمشروع المحارب المصاب وهي جماعة للدفاع عن حقوق المحاربين القدامى ان وزارة شؤون المحاربين القدامى تقوم بعمل جيد في مجال العناية بالمرضى اصحاب الحالات الحرجة لدى وصولهم لكن الامر قد يتطلب الاستعانة ببعض المساعدة في طريق اعادة التأهيل الطويل. وقال نحثهم على التعاون مع القطاع الخاص. انها مسألة اختيار..نريد ان يختار المحاربون القدامى وزارة شؤون المحاربين القدامى لكن ألا يكونوا رهينة لها .
وينتج عادة عن اصابة المخ بارتجاج او صدمة شديدة بسبب ضربة او رجة قوية للرأس عجز شديد وفي بعض الاحيان يؤدي الى الحاق تلف دائم بالمخ.
ويقال عن هذا النوع من الاصابة انه توقيع او امضاء هذه الحرب. وساعد تحسين المعدات المدرعة والتطور الطبي في انقاذ ارواح كثيرة مقارنة بما كان عليه الحال في صراعات سابقة.
وقال رونالد جلاسر اخصائي علاج الكلى والمفاصل والروماتيزم الذي قام بتأليف عدد من الكتب عن العناية بقدامى المحاربين وعمل طبيبا خلال حرب فيتنام في فيتنام.. لو تعرضت ساقك لانفجار لنزفت حتى الموت. أما الان فاذا نجحوا في نقلك الى المستشفى فلن تموت .
وتشمل الاعراض ضبابية الرؤية وثقل اللسان والشلل ضمن اعراض أخرى ويصاحبها عادة عمليات بتر ومشكلات في الحبل الشوكي.
وتقول وزارة شؤون المحاربين القدامى انه على مدى اربع سنوات كانت هناك نحو 400 حالة اصابة بالغة لدرجة استدعت اعادة التأهيل بينما يقول البعض ان العدد يتجاوز ذلك بكثير.
ويقول خبراء ان عدم ظهور اعراض جسمانية واضحة ربما يؤدي الى البطء في الابلاغ عن الاصابة.
وقال الكولونيل جويس جريسوم المدير الطبي لبرنامج الرعاية الصحية التابع لوزارة الدفاع /تراي كير/ ان من الصعب تحديد وجود اصابة وبخاصة في رأس غير مفتوح حيث لا يوجد كسر واضح بالجمجمة .
وقال تشوات ان مستشفيات اعادة التأهيل الخاصة تواجه ضغوطا مالية من بينها الحاجة الى شغل الاسرة بسبب المزيد من متطلبات الرعاية الصحية الصارمة.
وتابع من السذاجة القول بأن الامر يخلو من الدافع المالي .
ويقول مسؤولو القطاع الخاص انه كانت هناك دلائل مشجعة في الاونة الاخيرة. فمعهد شيكاغو لاعادة التأهيل وهو من المعاهد الخاصة كان الوجهة التي استقبلت ايريك ادموندسن قبل شهرين بعد ان اكتشف والده ان بامكانه الاستفادة من خدمة مؤسسة مدنية ودفع تكاليفها عن طريق برنامج /جي.اي/ الحكومي.
وقال ان الامر كان يستحق العناء. منذ شهر تمكن ايريك من الوقوف بنفسه للمرة الاولى منذ عام 2005.
واضاف الاب عندما ذهبنا الى وولتر ريد في بداية الامر..أخذونا الى غرفة وقالوا انه سيكون عاجزا طوال حياته .