حمزة بصبوص - إذا جاء شخص على موعده في الوقت المحدد نقول (فلان مواعيده انجليزية أو غربية) وإذا تأخر عن موعده نقول (فلان مواعيده عربية) ، وإذا أراد أحدهم أن يؤكد على موعد مهم مع صديقه يقول له: (أعطني موعدا إنجليزياً) ، نعم... فعلى الرغم من ان العرب هم أول من اهتم بالوقت وقدره إلا أننا كعرب متهمون الآن بعدم احترامنا للوقت وعدم تقديرنا له.
وقد اعتدنا أيضاً على سماع الشكاوى المتكررة من المدرسين في الجامعة وفي المدرسة ، ومن المديرين في بعض المؤسسات هنا وهناك عن تأخر الطلبة والموظفين عن مواعيد محاضراتهم ومواعيد الدوام حيث أن التنبيه المتكرر لهم والعقوبات لم يجد نفعاً مع أكثرهم بحسب قولهم لأن هذا ليس حالهم فحسب بل هي حالة عامة تنطبق على غالبية أفراد المجتمع وليس على فئة قليلة من الأشخاص.
فهيمة جرادات (مدرّسة) تقول: إن عدم احترام الوقت والمواعيد والتأخر عنها هي حالة عامة بالدرجة الأولى تنطبق على مجتمع بأكمله وليس على فئة من الأفراد بحد ذاتهم فهذه الحالة نراها أينما ذهبنا ، في المدرسة ، في مكان العمل ، في الجامعة ، وحتى في المواعيد الخاصة بين الأشخاص فمن النادر أن تجد شخصاً لا يتأخر عن مواعيده وإن وجد شخص دقيق في مواعيده في مجتمعنا فهو بالفعل شخص مثاليٌ وأنموذج.
وتضيف: من خلال عملي كمدرّسة في مدرسة على مدار سبع سنوات لمسنا أن هذه الحالة هي حالة لا تنطبق على أشخاص بعينهم، فالطلبة لا يحضرون في المواعيد المحددة فبعضهم مثلاً يتأخر عن الطابور الصباحي وآخرون يتأخرون عن موعد الحصة الدراسية ، والبعض يتأخر في إحضار الواجبات الدراسية بيوم أو يومين ، وحتى نحن كمدرسين لا ننفي عن أنفسنا هذه الصفة فالكثير منا لا يلتزم بالوقت ونتعامل مع هذه الحالة بصورة طبيعية حتى أصبحنا لا نسأل عن سبب تأخر أي منا ويكتفي الواحد منا باعتذار بسيط ، مشيرةً إلى ضرورة أن يتم تفعيل العقوبات في المدارس وفي الجامعات وفي كل المؤسسات على الطلبة والموظفين على حد سواء لمن لا يحترم وقت الدرس والعمل لأن هذا هو الحل الوحيد لكي نقضي على عدم احترام الوقت والمواعيد لدينا.
فيما يرى محمد الزعبي (مدرّس في إحدى الجامعات) أن عدم احترام الوقت والمواعيد متأصلة في مجتمعنا وبخاصة عند جيل الشباب والطلبة من هؤلاء ويقول: أنني ومن خلال عمله عجزت عن معالجة مثل هذه الظاهرة بشتى السبل ، فكنت أقوم مثلاً بعدم قبول عذر أي طالب يتأخر عن موعد المحاضرة ولا أسمح له بدخول قاعة التدريس إلا أن كثرة الطلبة الذين يتأخرون عن الموعد منعني من المضي بهذا الأسلوب فقد كانت بعض المحاضرات تخلو من نصف عدد الطلبة تقريبا بسبب تأخرهم عن موعد المحاضرة وعدم سماحي لهم بالدخول ، ثم أصبحت أعاقب عن طريق حسم جزء من العلامات للطالب المتأخر عن موعد محاضرته ، وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات قد أثمرت مع البعض وحلت جزءا من مشكلة عدم احترام المواعيد إلا أنها لم تحلها كلياً وبقي عدد كبير من الطلبة على حالهم.
منوهاً إلى أن هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسة جادة للوقوف على أسبابها ووضع الحلول الناجعة لها وبخاصة وأنها غير موجودة إلا في مجتمعنا العربي فمن النادر جداً أن تجدها في المجتمع الغربي ونستطيع القول أنها سمة عربية خالصة.
وأكد محمد الكيلاني الذي أمضى خمس سنوات في الدراسة في إحدى الدول الأوروبية أن عدم احترام الوقت والمواعيد سواء بين الأشخاص أو في الوظيفة وفي أي مكان هي باتت من خصائص الشخصية العربية حتى أن غير العرب أصبحوا يأخذون على العرب هذه الصفة وينعتونهم بها على أساس أنها صفة مميزة للعرب دون غيرهم ويضيف: لقد عشت في إحدى الدول الأوروبية وشاهدت بعيني مدى احترام الغرب للوقت فمن النادر جداً أن تجد أحدا يتأخر عن موعد معين أو عن عمله أو طالب عن محاضرته وإذا ما حصل ذلك فيكون لسبب مقنع وينعت صاحبه هناك بأن مواعيده عربية.
ويُعيدُ الكيلاني هذه الظاهرة إلى حالة اللامبالاة وانعدام الشعور بقيمة الوقت التي يمر بها غالبيتنا على الرغم من أن ديننا وعاداتنا وتقاليدنا الحسنة هي أول من دعا لاحترام الوقت والمواعيد ، ويرى أن احترام موعد مع شخص معين هو احترام للشخص نفسه وليس فقط احتراما للموعد بحد ذاته.
أما سمير المراشدة الذي يعمل مديراً لشؤون الموظفين في شركة تجارية فأوضح أن غالبية الموظفين في الشركة التي يعمل بها وغيرهم من الذين يعملون في قطاعات أخرى يتأخرون عن موعد دوامهم الرسمي فهذه بحسبه حالة تعمم على جميع الأشخاص في مجتمعنا العربي وليس على فئة معينة من الأشخاص.
وأشارت ديالا الشوابكة -طالبة جامعية- إلى أن ظاهرة عدم احترام المواعيد وعدم احترام الوقت بشكل عام هي ظاهرة عامة إلا أنها تكثر بين فئة الشباب والغالبية العظمى منهم يقع . وتؤكد الشوابكة على أن غالبية زملائها وزميلاتها لا يحترمون المواعيد وهم يتأخرون في الغالب إذا ما أعطوا لها موعداً ، وتضيف: إن ظاهرة عدم احترام المواعيد أيضاً هي جزء من ظاهرة أكبر ألا وهي عدم احترام الوقت فغالبيتنا لا يعرف مدى قيمة الوقت ولا كيفية قضائه بالإضافة إلى الفراغ الكبير الذي يعيشه غالبيتنا.