خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

ذكريات الوطن والناس: الشيخ نزال العرموطي.. تكريم وجائزة

ذكريات الوطن والناس: الشيخ نزال العرموطي.. تكريم وجائزة

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

وليد سليمان - ليس من السهل، القول بأن حياة رجالات عمان، منذ مطالع القرن الماضي، والى ما بعد تأسيس المملكة الاردنية الهاشمية، كانوا من ابناء الوطن البناة، الذين حققوا بأدوارهم المشهودة، حالة اجتماعية ووطنية تستحق البحث والتكريم.
شاعر عماني يتساءل عن شذى ذلك قائلاً: عمان ميل ندى لأن يترقرقا وهيام دندنة بأن تتموسقا.
انسيت (نزال) العتيق واهله - وبنوه حلوا مطلعه رقى.
وعمان لم تنس بناتها ورجالها الكبار.. ومنهم ابنها البار الشيخ نزال احمد العرموطي، فقد جاء في اعلان امانة عمان الكبرى مع مطلع عام 2007 عن انشاء جائزة نزال العرموطي السنوية للآداب والفنون والدراسات، رغبتها ان تصبح الجائزة مؤسسة ثقافية مبينة: القرار استند الى ان نزال العرموطي الذي تحمل الجائزة اسمه هو احدى الشخصيات المهمة في مسيرة الوطن والتي لعب دوراً كبيراً في تأسيس عمان.
والشيخ نزال شخصية غنية عن التعريف ويكفي القول ان احد جبال عمان الكبيرة وهو جبل نزال يحمل اسم هذه الشخصية .. وتأتي الجائزة ضمن التوجه الثقافي لامانة عمان التي تسعى الى تعزيز تاريخ رجالات الاردن الذين لعبوا دوراً مهماً في تشكل عمان وكان لهم خدمة جليلة للمملكة في مراحل البناء والتأسيس.
وفي السياق التاريخي تجسد اقتران اسم نزال العرموطي بعمان وتعمق عندما قرر في اواخر العهد العثماني في مطلع القرن الماضي: الارتحال مع قسم من اسرته من قرية (منجا) المجاورة لعمان الى المنطقة المحاذية لرأس العين من جهة الجنوب في قرية عمان حيث كانت عائلته تمتلك بعض (الموارس الزراعية) ومنزلاً في سفح الجبل، وما لبث ان قام بشراء حيزات كبيرة اضافها الى املاك العائلة حتى اصبح الجبل يعرف لاحقاً باسمه.
ويغطي جبل نزال حالياً مساحة شاسعة تمتد ما بين راس العين وشارع القدس وشارع الامير هاشم وضاحية الياسمين، واهم احيائه الذراع الشرقي والغربي والحمرانية.
وقد اضحى من اكثر مناطق عمان كثافة بالسكان والعمران، ويشتهر بكثرة المساجد والمدارس، وتخترقه شوارع رئيسية من بينها شارع الدستور وشارع الشورى، وعبدالله الصباح.
كانت عمان قرية وادعة تدب فيها الحياة حول مسير السيل ومنبعه في راس العين، وتركز نشاط العرموطي في جبله زراعياً بامتياز، فقد امتلك قطعان الابل والماشية، وقام مع عائلته واخوانه بزراعة الحبوب وخاصة القمح في منطقة الحمرانية التي سميت كذلك نسبة لتربتها الحمراء الخصبة.
وفي ذات الوقت كانت المحاصيل تنقل بعد حصادها على ظهور الجمال الى البيادر في منطقة الذراع (في نفس الموقع الذي اقيم عليه فيما بعد جامع نزال الكبير الذي يتوسط الجبل ويطل على اجزاء كبيرة من العاصمة عمان) وتنقل بعد ذلك الى (الحواصل) في السفح الشرقي للجبل .. اما مهاجع الابل والمواشي فكانت في مكان ليس ببعيد عن (سوق الحلال) القريب من دارته باتجاه راس العين.
وعلى الصعيد الاجتماعي برز الشيخ نزال العرموطي كقاض عشائري ومصلح لذات البين، الى جانب عدد من اقرانه واصدقائه الاقربين، ومن ضمنهم فهد الكنيعان الفايز وزعل الكنيعان الفايز ومحمد المنور الحديد وموسى النهار المناصير ويوسف المرزوق العبادي وفالح العايد الدبوبي وسويلم الدبوبي وكانت مضافته في سفح جبل نزال عامرة كل مساء بأصدقائه وجيرانه واقربائه .. عدا عن تواصله المستمر مع مختلف الناس في انحاء عمان ومحيطها.
ويذكر له مشاركته الى جانب فرسان الكنيعان وبني صخر بالتصدي لحملات الدعوة الوهابية التي كانت تهدف للسيطرة على الاردن في العشرينات من القرن الماضي، وقد اصيب في احدى المواجهات بجرح غائر في رأسه بقيت علاماته واضحة حتى وفاته.
شارك نزال العرموطي الى جانب وجهاء عمان وبني صخر والبلقاء في استقبال جلالة المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين عند قدومه الى الاردن عام 1920.
كان الحاج نزال عضواً منتخباً في مجلس عمان البلدي (امانة عمان) وساهم في التطوير العمراني والحضاري من خلال المجلس او بصورة شخصية كقيامه ببناء المدرسة (العباسية) في جبل نزال والتي اصبحت من مدارس وزارة المعارف، كما شارك في العديد من الجمعيات الخيرية وبرامج مساعدة الايتام والعائلات المستورة، وكان من آخر جهوده قبل وفاته المساهمة في اختيار موقع المدينة الرياضية وتقدير تعويضات اصحاب الاراضي المستملكة.
من ابرز صفات هذه الشخصية الوطنية، التي لم تنل من التعليم اكثر من مرحلة الكُتّاب بُعد النظر والبصيرة النافذة والذكاء الوقاد، وايمانه بالحداثة والعلم، حيث حرص على تعليم ابنائه في مدارس عمان خاصة المدرسة العسبلية ومدرسة السلط الثانوية ثم في جامعات سوريا ومصر والعراق.
العرموطي عاصر مختلف حقب تطور عمان الحديثة منذ الحكم العثماني حتى عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله.
هذا وقد اشار الى سمات عمان ومعالمها وتطورها الاجتماعي ودور نزال العرموطي فيها الكاتب العربي الراحل عبدالرحمن منيف الذي نشأ وترعرع في ربوعها واورد ذلك في مؤلفاته وكتبه.
ومن ابرز معالم تلك الفترة ومظاهرها خاصة في منطقة جبل نزال ورأس العين وجود سوق الحلال المركزي انذاك قرب دارة العرموطي، وكان من ابرز من سكن بجواره وربطته بهم علاقات وثيقة (العقيلات النجديين) وهم تجار الابل الذين اشتهر امرهم في بلدان المشرق العربي في مطلع القرن الماضي، وكانت عمان احدى محطاتهم الرئيسية، وقد جاوروه في مساكنهم ومهاجع ابلهم المعروفة بـ (حوش العقيلات) (وجامع العقيلات). كما تميزت المنطقة باقامة اول مولد كهرباء رئيسي لعمان في محيط جبل نزال.
ومن المظاهر التراثية المفرحة والجميلة التي لا يفوت ذكرها وجود فرقة صوفية في جبل نزال استمر نشاطها لعدة عقود حتى فترة الخمسينات، وقد رعاها رحمه الله وكان لها حضور اجتماعي بهي الا وهي فرقة (ابو هلال العماقات) التي دأبت على احياء المسيرات والاستعراضات في عيد المولد النبوي الشريف والمناسبات الدينية الاخرى.. وتلك من العادات والممارسات المحمودة التي سادت في عمان واعطتها نكهة مميزة لكنها اندثرت مع التطور الحضري.
كان من المألوف في المناسبات المشار اليها مشاهدة (ابو هلال) بعقاله المقصب وهو في مقدمة مجموعته الذين يحملون البيارق الخضراء وهم يهللون ويكبرون ويهتفون وبصورة متصلة (الله حي الله حي) مترافقة مع دقات الطبول والدفوف والمزاهر في الحان شعبية، ورقصات السيوف على طريقة الدراويش الذين يدورون ويلتفون حول أنفسهم بصورة تسعد الالباب. وقد كانت مسيرتهم التقليدية هذه تبدأ بجبل نزال وتنتهي بمحيط الجامع الحسيني الشهير بوسط البلد مروراً بشارع طلال ذهابا وعودة.. وكان الاستثناء حين رافقت (العدة والتهليلة) هذه المرحوم نزال العرموطي وعدداً من اصدقائه واقربائه وعائلاتهم الى مطار ماركا وهم في طريقهم للسفر لاداء فريضة الحج قديماً.
تزوج العرموطي وكنيته ابو محمد ثلاث زوجات ورزق منهم اربعة عشر من الابناء والبنات، وتميز بشغفه الشديد بتربية الخيول العربية الاصيلة والابل.. فكان مغرما بركوب الخيل للاستعمال اليومي حيث لم يكن من المستغرب ان يُرى الشيخ نزال وهو على ظهر فرسه الصقلاوية في انحاء جبل نزال وكذلك شارع الملك طلال الى جانب السيارات متوجها الى ساحة المسجد الحسيني الكبير.. وحتى مطلع الستينات والى ما قبل وفاته بفترة وجيزة اشتهر الشيخ بلحيته الصغيرة اسفل ذقنه وبعباءته السوداء.
كان متدينا يحب التهجد ويحرص على احياء ليالي رمضان والمناسبات الدينية.. كما كان يحب الاستماع الى الشعر النبطي المرافق لعزف الربابة، وكان يسعده ايضا تحميص القهوة العربية بنفسه في (المحماسة) وطحن حبات القهوة بنفسه ودق المهباش بايقاعات مطربة.. وكان يشرب القهوة بكثرة، اما أكلاته المفضلة فقد كانت (الرشوف والهفيت) فقد عاش حياة بسيطة متقشفة

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF