خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

التحدي المعرفي.. بقلم : محمد سناجلة

التحدي المعرفي.. بقلم : محمد سناجلة

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

تواجه أمتنا العربية مع بداية القرن الحادي والعشرين عددا كبيرا من التحديات الكبرى، خصوصا ونحن نواجه هجمة استعمارية جديدة تتخذ صيغا وأشكالا مختلفة، فمن الاحتلال المباشر كما هو الحال في العراق وفلسطين والصومال، إلى الاحتلال غير المباشر من خلال السيطرة على القرار السياسي لبعض الدول، إلى التدخل السافر في شؤون دول أخرى كما هو الحال في السودان، وفي جميع الأحوال تلقى المشروع النهضوي العربي عددا كبير من الضربات التي أنهت هذا المشروع أو تكاد تنهيه.
أضف إلى ذلك السيطرة شبه الكاملة على مقدرات الأمة الاقتصادية وفشل مشاريع التنمية للدولة القطرية، بل فشل مشروع الدولة القطرية نفسها في إحداث التنمية والحياة الكريمة لمواطنيها غدت الحلقة محكمة. وزد على ذلك ما أخذنا نشاهده مؤخرا من نعرات طائفية ومذهبية يتم استغلالها من قبل الاستعمار الجديد وأذنابه بغية تفتيت ما هو مفتت والإجهاز على أية بارقة للأمل في إمكانية النهوض تكتمل الصورة لدينا.
قد توحي هذه المقدمة بأن التحدي الأساسي الذي تواجهه الأمة هو تحدٍّ سياسي أو اقتصادي أو ديني، وهذا ليس صحيحا. إن التحدي الحقيقي الذي تواجهه أمتنا العربية هو تحدٍّ ثقافي معرفي، وهو الأمر الغائب أو المغيب - قصدا او عن غير قصد - عن متخذي القرارات وصانعيها في الوطن العربي.
وللتدليل على صدق هذه المقولة وبالعودة للتاريخ القريب نلاحظ أن القرن العشرين قد شهد تحرر كل الدول العربية عدا فلسطين من ربقة الاحتلال المباشر، وقامت الدولة القطرية ومشاريع سياسية وحدوية كان أولها مشروع الشريف حسين وتلاه المشروع الناصري ثم مشروع حزب البعث العربي، كما تولى الحكم في عدد آخر من الأقطار العربية عدد من الاتجاهات اليسارية، وقد باءت جميع هذه المشاريع بالفشل بفعل عوامل مختلفة.
وقد يرجع بعض المحللين والمفكرين أسباب هذا الفشل الى عوامل سياسية مثل غياب الحرية والديموقراطية عنها أو عوامل خارجية مثل تآمر الدول الكبرى لإجهاضها أو عوامل اقتصادية أو اجتماعية، وفي هذا الكثير من الصحة، لكن ليس السبب الحقيقي أو الاكبر الذي يقف خلف فشلها.
السبب الأهم هو غياب الاهتمام بالثقافي المعرفي، بل وتهميش الثقافي وجعله موضع تندر وسخرية أو كما قال الرئيس السادات متندرا وهازئا من مثقفي مصر بعد معارضتهم لاتفاقيات كامب ديفيد مجموعة الأفندية دول.
وقد غاب عن ذهن السادات وغيره من قادة الوطن العربي أن مجموعة الأفندية هؤلاء هم الصانع الحقيقي للحضارة، أية حضارة، وللعلم والتقدم والتنمية.
فأمة لا تهتم بمبدعيها ومفكريها وعلمائها وتجعلهم موضع تندر وسخرية هي أمة كتبت على نفسها أن تبقى في ذيل الحضارة والتقدم.
وبعيدا عن لغة الخطابات قريبا من لغة العلم والأرقام سنجد أن ما يصرف على البحث العلمي في الوطن العربي كله لا يتجاوز يتجاوز 2,0 بالمائة من إجمالي الموازنات العربية (حسب إحصاءات جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربي).
أما عن صناعة النشر والكتب، فإن الوطن العربي يحتل سلما متدنيا جدا على الصعيد العالمي، وفي هذا السياق يكفي أن نعلم أن عدد الكتب المترجمة في كل الدول العربية لا يزيد على 330 كتابا في السنة، وهو أقل مما تترجمه دولة اوروبية من الدرجة الثانية مثل اليونان، ويشير تقرير التمنية البشرية المشار إليه إلى أن عدد الكتب المترجمة من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية ومنذ عهد الخليفة المأمون وحتى الآن لا يتجاوز 100 ألف كتاب، وهو رقم أقل مما ترجمته اوروبا خلال عشر سنوات فقط!
ويبلغ عدد الأميين في الوطن العربي 65 مليون أمي من290 مليونا هم عدد سكان الوطن العربي.
فإذا عرفنا أن عدد ما يُطبع من أي كتاب ينشر في الوطن العربي لا يتجاوز الألف نسخة في الغالب الأعم، وثلاثة آلاف نسخة في أحسن الاحوال، يذهب معظمها كهدايا، وقد لا تتم قراءة حتى النسخ المهدية، علمنا مقدار الأمية الحقيقية التي تعاني منها هذه الأمة.
وفي المقابل، تنفق إسرائيل على البحث العلمي 6,2 بالمائة من الموازنة السنوية وذلك مقارنة بما تنفقه أميركا 6,3 بالمائة، والسويد 8,3 بالمائة.
وتبلغ ميزانية جامعة هارفارد وحدها فقط، على سبيل المثال، عشرة أضعاف ميزانية جامعة برلي بألمانيا، وعشرات وربما مئات أضعاف ميزانية أية جامعة عربية.
وفي مجال واحد فقط من مجالات العلم والتقنية وهو مجال النانوتكنولوجي على سبيل المثال، رصدت الولايات المتحدة مبلغا وقدره 15 مليار دولار لإجراء البحوث والتجارب العلمية في هذا المجال ولديها جيش صغير من العلماء المتخصصين ببحوث النانو تكنولوجي يبلغ عددهم 40 الف عالم فقط!
إن هذا يعطينا صورة عن التحدي المعرفي الذي نتكلم عنه ويجيب عن سؤال: لماذا نحن متخلفون وغير قادرين على الاتساق مع ركب الحضارة؟
إن الوطن العربي زاخر بالخيرات والثروات الطبيعية وليس أكثرها النفط الذي هو شريان الاقتصاد العالمي، ولدينا الأراضي الخصبة والأنهار والثروات، وبالتالي فليس التحدي الحقيقي هو التحدي الاقتصادي كما يشاع.
وليس هو بالتحدي السياسي كما يقال أيضا، دول هزمت بل سحقت تماما خلال الحرب العالمية الثانية مثل ألمانيا واليابان عادت خلال فترة قياسية لتصبح من أكثر دول العالم تقدما وحضارة.
التحدي الأساسي هو تحدٍّ معرفي، تحدٍّ ثقافي. ولا ينقصنا العقول المفكرة ولا المبدعين والعلماء، يكفي أن نعلم فقط وحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية انه بين العامين 1998 و2001 فقط هاجر أكثر من 15 ألف طبيب عربي إلى خارج الوطن العربي، وإلى اميركا واوروبا تحديدا.
وتشير إحصاءات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 50 بالمائة من الأطباء و23 بالمائة من المهندسين و15 بالمائة من العلماء من مجموع الكفاءات العربية المتخرجة يهاجرون متوجهين إلى أوروبا، وكندا والولايات المتحدة بوجه خاص. وهجرة العقول العربية للخارج موضوع اخر يحتاج لبحث مستقل.
واخيرا، وللدلالة على عمق التحدي المعرفي الثقافي الذي نواجهه، علينا أن نتذكر أن أول شيء فعلته القوات الاميركية الغازية حين دخلت بغداد كان نهب المتحف العراقي ومن ثم احراقه وتدميره، وهو حاضنة الحضارة العراقية بأكملها.كما علينا أن نتذكر الاستهداف المقصود في ملاحقة ومطاردة وتصفية العلماء والكتاب والمفكرين العراقيين بعد الاحتلال ونسأل: لماذا يطارد العقل العربي لنعرف مقدار التحدي.
* كاتب أردني

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF