خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

التحول الدرامي .. الدراما السورية نموذجا .. بقلم : حازم مقدادي

التحول الدرامي .. الدراما السورية نموذجا .. بقلم : حازم مقدادي

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

تعرف الدراما في أحد مفاهيمها، بأنها: «شكل من أشكال الفن القائم على تصور قصة تدور حول شخصيات تتورط في أحداث معينة، وهذه القصة تحكي نفسها عن طريق الحوار المتبادل بين الشخصيات، ويمكن عمليا تقديم قصة بهذا الشكل في عرض صامت خال من الحوار».
إن من ينطلق في تعامله مع الدراما من خلال هذا المفهوم، يفهم الشخصيات على أنها مجرد حامل للخطاب، لأنه يعتبر القصة تحكي نفسها عن طريق الحوار، مهملا أي عنصر آخر يعرض القصة إلى جانبه.
وإذا ما تناولنا الأعمال الدرامية في مرحلة ما، فإننا نلاحظ تأثرها بهذا المفهوم، في تعاملها مع الشخصيات، وتركيزها على الصورة البصرية، على اعتبار أنها بنية أساسية للعمل بمجمله، في الوقت الذي تكون شخصيات العمل، بعيدة عن أي أثر عميق يمكن تركه لدى المتلقي .
فحين نتناول الأعمال الدرامية الفانتازية التي نفذها المخرج المعروف نجدت أنزور، نجد أن شخصيات هذه الأعمال لم يخرج أثرها عن إطار القصة المطروحة ضمن العمل نفسه، وبالتالي فإنها لم تمتد لتلامس اهتمامات المتلقي. وكانت فكرة التركيز على الصورة البصرية، انطلاقا من رأي منظريها بأنها الوسيلة الأمثل للتأثير بالمشاهد، وترك الأثر الأعمق لديه. إلا أن ذلك ظل على حساب الاهتمام الكافي بمضمون الشخصية، وبقدرتها على ترك بصماتها، فتحولت إلى «شخصية مستلبة في الحكاية والصورة».
إلا أن الدراما السورية، شهدت تحولا جذريا في طبيعة الأعمال التي تم انجازها مؤخرا، حيث أصبحت السمة المرافقة لمعظم الأعمال الدرامية، هي إخراج الشخصية من إطار القصة، إلى إطار أوسع، يستهدف العمق لدى المتلقي نفسه، من خلال الاهتمام بجميع عناصر بنية العمل، بدءا من الصورة البصرية، بجميع مكوناتها، وصولا إلى العمق الاستراتيجي لكل من شخصيات العمل الدرامي، «فأصبحت الشخصية فاعلة في الحكاية، وفاعلة على مستوى التأثير في ذهنية المتلقي».
والذي ساهم في نجاح التحول الدرامي في سورية، من المفهوم البصري إلى المفهوم الحياتي (أي أعمال ذات عمق يلامس الواقع المعاش)، هو ظهور نمط جديد من الأعمال التلفزيونية، ذات الحلقات القصيرة جدا، بدءا من «مرايا» بجميع نسخها، مرورا ب«بقعة ضوء»، و«على المكشوف».
حيث تقوم حلقات هذه الأعمال، على أساس متشابه إلى حد كبير، باحتوائها على قصص قصيرة، ذات لحظات مكثفة جدا، تمر خلالها الشخصيات بعدة حالات، خلال وقت محدود، مما جعل هذه الأعمال تشكل وسيلة جيدة لتدريب الممثل، واكتشاف مواهبه، وقدراته. كما أسهمت بشكل فاعل في استحداث أساليب أخرى، لبناء الأعمال الدرامية التلفزيونية، مما أتاح للمخرج فرصة لابتكار رؤية جديدة لتنفيذ عمله، واختبارها، في هذه الحلقات القصيرة، وتقدير امكانية تطبيقها . فينتقي من خلال هذه الأعمال جميع العناصر البنيوية المكونة لها، والتي يعتقد أن بامكانها الوصول الى الشكل النهائي، والعمق المطلوب، المراد لهذا العمل أن يحققه. ومما لا شك فيه أن هذه الأعمال شكلت رافدا كبيرا لجميع عناصر البناء الدرامي، ليست السورية حسب، بل ولكل راغب في الاستفادة منها. إذ قام التحول الدرامي لدى العديد من العاملين في هذا الحقل، على أساس الإضافة والتحديث.
فأما الإضافة، فقد تناولناها في التحليل الأخير . وأما التحديث، فقد ارتبط بشكل أساسي بمجمل عناصر البناء للعمل ككل، بدءا من شارة البداية، وطرق التصوير، وأساليب التصميم، للملابس ومواقع التصوير، وشارة النهاية، وغيرها. إلا أن العنصر الأكثر محورية، والذي كان له النصيب الأكبر من التطوير والتحديث، يتمثل في السيناريو والحوار والقضية المطروحة، حيث شهد هذا المكون تطورا كبيرا وسريعا، بشكل متوازن، ومدروس، عكس القفزة النوعية للدراما السورية، والمرحلة المتقدمة التي بدأت هناك، فاعتمدت معظم الأعمال بشكل مطلق على نوعية القضية المطروحة، والنص المكتوب، ليحمل العمل المنتج، أسلوبا ملحميا، تفاعليا، بحيث لا يلامس واقع المتلقي حسب، بل يتعدى هذه الملامسة، ليثير لديه تساؤلات جوهرية، وردود أفعال مهمة، حتى يبدو كأنه جزء من العمل نفسه، وليس متابعا يقف خلف زجاج النافذة.
ويمكن القول إن هناك مفهوما حديثا يمكن اطلاقه على الدراما، بإضافة جزء إلى التعريف السابق، ليصبح: «الدراما شكل من أشكال الفن القائم على تصور قصة تدور حول شخصيات تتورط في أحداث معينة، وهذه القصة تقدم نفسها عن طريق الحوار المتبادل بين الشخصيات، وتكرس أبعادها عن طريق الأداء (النفسي والحركي) للشخصية نفسها، كامتداد للقضية المطروحة والحوار نفسه، باتجاه يلامس الواقع المعاش، وبأسلوب يثير لدى المتلقي التساؤلات ويدفعه للتفاعل مع مكونات العمل المختلفة».
* باحث فني أردني

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF