حمزة بصبوص - العاطفة شيء جميل خلقه الله تعالى في النفس البشرية كي يحب الناس بعضهم بعضا وينتشر الحب والمودة بينهم، ولكن العاطفة سلاح ذو حدين فهي وإن كانت إيجابية إلا أنها تنقلب بين عشية وضحاها إلى ضارة وخاصة عند بعض الشباب الذين لا يدركون معناها وكيفية العيش في ضلها فتتأثر فيها حياتهم في مجالات كثيرة دراسيا واجتماعيا ونفسيا وحتى علاقاتهم مع الجنس الآخر فكيف تؤثر العاطفة في ذلك؟
تقول الشابة ليلى الحموري: إن هناك علاقة عكسية بين العلاقات العاطفية والتحصيل العلمي فهي تؤثر سلبا في الوضع الدراسي والأكاديمي للشاب فالمرتبط بعلاقة عاطفية دائما يتأثر تحصيله العلمي بذلك حيث يصبح انطوائيا بعض الشيء مهملا لدراسته مع وجود نوع من اللامبالاة والاستهتار.
وتؤكد الحموري على الرغم من إيمانها بالعلاقات العاطفية إلا أن هذه العلاقات تحد من الطبيعة الاجتماعية للفرد بناء على رغبة الطرف الآخر فعلاقاته تصبح مقيدة ضمن إطار القرابة فقط هذا عدا عن التأثير في التفكير الذي يحمله الشباب فيتصرفون أحيانا بلا ضوابط وبلا وعي أو إدراك وفي حال فشل العلاقة فإن مسألة الثقة بين الجنسين تصبح ضعيفة أو حتى معدومة.
أما أحمد الخوالدة فيرى أن العلاقات العاطفية يجب أن لا تكون مجرد كلام يقال بين اثنين فهي علاقات نبيلة ولكن لها آثار جانبية عديدة فدراسيا إذا كانت هذه العلاقة مريحة فإنها تدفع إلى تحصيل جيد دراسيا والعكس تماما إذا كان هناك خلافات مستمرة فإنها تؤثر سلبا في التحصيل الأكاديمي وهذا الغالب،واجتماعيا يشعر الفرد بأنه مراقب من الطرف الآخر لذا فهو يحرص أن تكون علاقاته الاجتماعية سليمة ولكنها قد تقيد علاقاته بالجنس الآخر.
ويضيف الخوالدة: ربما يتأثر الشاب أو الفتاة نفسيا فهناك مواقف تدعو لذلك يصبح فيها عصبي المزاج وضيق الخلق ولكن إذا كانت نهاية العلاقة بناء على قناعة مسبقة ربما لا يتأثر بقدر كبير، وقد لا تتأثر علاقتي بالجنس الآخر في حال فشل العلاقة العاطفية ولكن قد يشوبها نوع من الحذر بناء على الأسباب التي أدت لفشلها.
ويقول رشيد خزاعلة: إن استقرار علاقتي العاطفية كان سببا في تفوقي أكاديميا لمحاولتي بأن أظهر نفسي إنسانا مثاليا أمام الطرف الآخر ولكن هذه العلاقات سلاح ذو حدين ففي عدم استقرارها أيضا الكثير من السلبيات فالإنسان يصبح انطوائيا بالدرجة الأولى ويتأثر نفسيا حيث الانفعال الدائم والعصبية الذي يسببه بعض المواقف.
فيما يرى علي الحسبان رأيا آخر حيث يرى أن العلاقات العاطفية في هذه الأيام أصبحت بمثابة سيناريو تقوم الفتاة بتمثيله والرجل يموله فإذا جاء ممول آخر أفضل فإن العلاقة تنتهي تماما ويشدد الحسبان على أن الفتاة تنتهك دائما هذه العلاقة بقبولها بأول عريس يأتي لخطبتها وهذا كله أدى إلى التأثير السلبي للعلاقات العاطفية على حياة الشباب. ويضيف بأنني كنت أقدم تنازلات كبيرة أمام الطرف الآخر ولكن بعد انتهاء هذه العلاقة أصبحت اجتماعيا إلى حد كبير وتحسن مستوى تحصيلي الأكاديمي حتى نفسيا أصبحت أفضل.
أما أحمد رزق فيقول: لم تعد العلاقات العاطفية ذات جدية هذه الأيام وهذا ما أدى إلى تأثيراتها السلبية التي تطفو على السطح في الغالب، فدراسيا لا أعتقد بأن شخصا مرتبطا بعلاقة عاطفية لا يتأثر وضعه الأكاديمي فغالبية من أعرفهم هم كذلك كما أن تسخير الشخص لمعظم وقته للطرف الآخر يحد من علاقاته الاجتماعية أيضا كما يضعف تحصيله العلمي ويربك وضعه النفسي.
ويضيف رزق: إن النتيجة الطبيعية لمعظم العلاقات العاطفية هو الفشل نتيجة للظروف المحيطة وهذا يؤثر في علاقة كل من الشاب والفتاة مع الجنس الآخر فيصبح معيار عدم الثقة هو الغالب.
وتشدد بتول الفاعوري على أن العلاقة بين الشاب والفتاة وخصوصا في مجتمع الجامعة يجب أن لا تتعدى حدود الزمالة أو الصداقة لأن العلاقات العاطفية تؤدي دورا سلبيا في التحصيل الأكاديمي كما أنها تؤثر في مدى الثقة المتبادلة بين كلا الجنسين وتحد من العلاقات الاجتماعية فتقيد حياة الشاب أو الفتاة، وتضيف: إن هناك علاقات ناجحة ولكنها نادرة جدا ومع نجاحها إلا أنها كانت ذات آثار سلبية على التحصيل الدراسي والوضع الاجتماعي والنفسي للشاب والفتاة وهذا قد يؤدي بالتالي إلى فشل الزواج مستقبلا.
أما آلاء وهي إحدى الفتيات اللاتي عشن تجربة عاطفية غير ناجحة فتقول: لم أكن يوما أعتقد بأن علاقتي العاطفية ستكون سببا في ضعف تحصيلي العلمي فقد بدأت علاقتي منذ السنة الأولى ولم أكن أدرك سلبياتها فقد كنت أتغيب عن المحاضرات وأقضي معظم الوقت مع الشاب الذي كانت تربطني به علاقة عاطفية ولم تربطني علاقة صداقة مع الفتيات إلا نادرا فلم أجد نفسي إلا وقد فصلت من التخصص الذي كنت أدرسه إلى تخصص آخر بسبب تدني معدلي التراكمي.
وتضيف: انتهت العلاقة بسبب سفر الشاب فأصبحت ألتفت لدراستي أكثر وتطورت علاقاتي الاجتماعية ولكنني ما زلت أعاني من بعض المشاكل النفسية وبعض المشاكل في التعامل مع الجنس الآخر فلم تعد ثقتي بالشباب كما كانت عليه سابقا.
فيما يقول هشام وهو أيضا عاش تجربة انتهت بالفشل بسبب خطوبة الطرف الآخر: إنه تم فصلي من تخصصي مرتين بسبب تدني مستوى تحصيلي الدراسي على الرغم من تفوقي في الثانوية العامة والسبب هو ارتباطي بعلاقة عاطفية أخذت كل وقتي فقد كنت أتغيب عن المحاضرة تلو الأخرى وأرهق نفسي في التفكير وأقضي معظم وقتي مع الفتاة التي تربطني بها علاقة فأدى ذلك إلى تدهور وضعي الأكاديمي، أما الآن وبعد انتهاء العلاقة فإنني نادم على ذلك لأنني لم أعرف كيف أتعامل مع وضعي العاطفي ولم أحسب هذه المسألة بالشكل الصحيح، ويؤكد هشام على تحسن وضعه الأكاديمي بعد انتهاء العلاقة إلا أنه أصبح ينظر للفتيات نظرة يسودها انعدام الثقة والمصداقية. واعتبر أيمن أن العلاقات العاطفية قد تؤثر على نفسية الشاب سلبا أو إيجابا، مشيرا إلى أن الحب الذي يكون من طرف واحد هو ما يترك الاثر السلبي على نفسية الشاب، خاصة إذا لم يكاشف احد الحبيبن الطرف الآخر. وبين أن الكثير من قصص الحب تترك أثرا إيجابيا خاصة إذا ما كان هذا الحب قائما على أسس صحيحة ومرتبط بالزواج.
من جهة أخرى أشارت أستاذة التربية في جامعة آل البيت الدكتورة ميسون الزعبي إلى أن للعلاقات العاطفية عند الشباب آثارا سلبية وأخرى إيجابية، فإذا كانت العلاقة مستقرة وتسير في طريقها الصحيح ومرتبطة بالوعي بتحقيق الطموحات والالتزام بمبادئ معينة ومحددة بحدود لا تتجاوزها فإنها علاقة بناء ودفع للأمام وهي إيجابية، أما إذا تجاوزتها إلى أبعد من ذلك وأصبح هناك هدر للوقت والمال وبالتالي فشل دراسي سببه عدم الوعي في التعامل مع هذه العلاقة فإنها علاقة سلبية وحتى لو انتهت هذه العلاقة بالزواج في ظل وجود المؤثرات السلبية فإن هذا الزواج بالتأكيد سيفشل لأنه لم يبن على أسس صحيحة وبني على عدم دراية وعدم وعي تام.
أما عن المؤثرات النفسية للعلاقات العاطفية على الشباب فتقول د. الزعبي: إن هذه هي أخطر المؤثرات حيث يقضي الشاب أو الفتاة وقته بالسهر والتفكير فيصبح انطوائيا ودائم الانفعال والتوتر بالإضافة إلى استعجال المراحل والتفكير بأمور غير مهيء هو لها كالزواج في عمر مبكرة وهذا أكبر عامل يؤدي إلى عدم نجاح الحياة الزوجية واقعيا .وتضيف: إن نجاح العلاقة العاطفية أيضا يرتبط بضرورة وجود اتصال وتواصل بين الشباب والأهل وهذا ينم عن تخطيط ووعي ونضوج وبالتالي نجاح في العلاقة لذا يجب على الشباب مصارحة الأهل بها لتفادي الوقوع في الأخطاء ولتكون النتائج محسوبة بدقة فقد تؤدي العلاقات غير المحسوبة إلى الوقوع في أخطاء تضر بالشباب وبالمجتمع ككل كالزواج العرفي .
وتؤكد د.الزعبي على أن العلاقة إذا رافقتها سلوكيات خاطئة فإنها تؤدي أيضا إلى زعزعة الثقة بين الشاب والفتاة وهذا له تأثير كبير ليس على الشاب والفتاة فحسب بل على المجتمع بأكمله.
وتخلص د.الزعبي إلى القول: إن العلاقات العاطفية بين الشباب إذا وجدت بشكل كبير فإنها تؤثر بشكل سلبي فنحن لا نريد أن تصبح هذه العلاقات عادية وموجودة بكثرة ويجب أن لا يكون المجتمع منفتحا أكثر من اللازم بحيث يسمح بالوقوع في أخطاء ولا منغلقا بقدر كبير بحيث يبعث إلى التخلف بل يجب أن يكون هناك اعتدال ووسطية في التعامل مع هذه الأمور.