خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

حكاية السيمرغ .. بقلم : هاشم غرايبه

حكاية السيمرغ .. بقلم : هاشم غرايبه

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

لقد استخدم فريد الدين العطار النيسابوري القالب القصصي ليحكي قصة ثلاثين طائرا مختلفا. ويحكي كل منها تجربته ورحلته إلى جبل قاف. وهي حكاية رمزية، تبدأ رمزيتها من عنوانها، فكلمة «سي مرغ» الفارسية تعني الرقم ثلاثين..
والحكاية تبدأ باجتماع الطيور للبحث عن ملك لها. وينبري الهدهد الحكيم ليخبرها أن سيد الطيور : «السيمرغ». موجود في مكان شاهق هو جبل قاف. ولكن الوصول إليه صعب وشائك، وسيكلفهم مكابدات عسيرة. واصفا طائر جبل قاف «السيمرغ» بأنه الجمال المطلق والحقيقة التي لا زيف فيها.
ويشرح الهدهد للطيور المفازات الصعبة التي ينبغي عليهم المرور بها: الطلب والحب والاستغناء والتوحيد والحيرة والفقر والفناء..
وما أن سمعت الطيور أهوال الرحلة حتى حاولت أن تنسحب متعللة بتعلقها بحياتها التي تعيشها..
يقول البلبل على سبيل المثال:
«الوردة كاشفة أسراري
وعشق الوردة ملك حياتي
كفاني من الوجود أن تكون معشوقتي هذه الوردة
لذا أمضي الليل كله ألهج بالعشق
أنين القيثارة الخفيض آهاتي
وإلى قلوب العشاق سرت خفقات قلبي.
وفي كل أنة أصدر لحنا جديدا.
وفي كل زمان أكشف سرا دفينا..»
ثم يمضي الهدهد الحكيم في الإجابة على أسئلة الطيور، فيقتنع ثلاثون طائرا «سي مرغ» بأهمية الرحلة إلى جبل قاف وضرورتها.. تتساقط بعض الطيور أثناء المسير ولا يصل نهاية الطريق سوى سبعة عشر طائرا لتكتشف أنها هي نفسها «السيمرغ».. ملوك جبل قاف وان الحقيقة تتمثل فيهم أجمعين، وفي كل واحد منهم على حدة..
والعطار هو فريد الدين أبو حامد بن بكر. ولد في نيسابور سنة 545 للهجرة وتوفي فيها سنة 627 هجري. والعطار لقب أطلق عليه لاشتغاله بهذه المهنة قبل أن يتعلق قلبه بالمتصوفة حتى أصبح واحدا من أهم ثلاثة أعلام في التصوف الفارسي، وهم : سناني، وجلال الدين الرومي والعطار.
وللعطار العديد من المؤلفات مثل : أسرار نامة، وإلهي نامة، ومصيبت نامة.. ولكن يبقى كتاب «منطق الطير» الذي أصبح دالا على اسم صاحبه من أهم الكتب التي ظل صداها يتردد على مدى الأجيال. والكتاب يقع في خمس وأربعين مقالة على لسان الطيور، حملها كاتبها فلسفته ورؤاه بلغة صافية، واسلب قصصي مسرحي مما أضاف لها بعدا جماليا آخر..
كتبت في مقالة سابقة عن جلال الدين الرومي الذي ظل طيلة حياته يكن تقديرا خاصا لصاحب «منطق الطير»، الذي قال عنه: »لقد اجتاز العطار مدن الحب السبع، أما أنا فلما أزل في منعطف أحد الشوارع». وقد وصف بعض الأصدقاء اهتمامي بأدب المتصوفة بأنه ردة نحو الماضي، وهروب من الواقع لكن الاهتمام بالتصوف الإسلامي عموما له عندي ما يبرره، فالكتابات الصوفية لا تخضع لزمان أو مكان بعينهما، بل تتمرد عليهما، وتتجاوزهما لتظل محافظة علي توهجها ونضارتها البكر، فلا تبلي ولا يصيبها الضمور. ولأنها تصدر عن تجربه روحيه حقيقية، فإن أثرها في النفوس لا ينقص بمرور الزمن، بل يزداد بازدياد حاجة البشر الى الزخم الروحي. وما أحوجنا إلى الزخم الروحي في زمن «الديجتال».
يمكن القول، بدون مبالغة، إن النص الصوفي يحمل حداثته في ذاته، وتكمن أهميته بحيويته التي تتخطى حدود الزمان والمكان.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF