خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

فيلم «خطة الرحلة » لجودي فوستر.. حبكة مشوقة ضمن حيز محدود - بقلم يحيى القيسي

فيلم «خطة الرحلة » لجودي فوستر.. حبكة مشوقة ضمن حيز محدود - بقلم يحيى القيسي

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

هذا فيلم أثار ضجة واحتجاجات منذ بدء عرضه قبل أشهر قريبة من قبل العاملين في شركات الطيران الأميركي، إذ ينشغل بعوالمهم القريبة، ويقدم نماذج إشكالية منهم، ولكني لن أستبق الأمر هنا بحيث أقدم حل الحبكة المتقنة، فائقة التشويق التي ينشغل عليها الفيلم طيلة مدته وهي ساعة و33 دقيقة،  بل أبدأ أولا بالإشارة إلى حكايته، إذ نتعرف أولا على مهندسة الطيران كيل «جودي فوستر» التي تعمل في ألمانيا، وهي على وشك العودة إلى نيويورك برفقة ابنتها ذات الست سنوات جوليا «مالرلين لوستون»، ومصطحبة معها جثة زوجها الذي وجد ميتا بعد سقوطه من شقته الواقعة في إحدى العمارات، تدور الأحداث بعد صعود كيل وابنتها إلى الطائرة الضخمة من طراز جمبو 474 ذات الطابقين، وبالطبع تمتلىء الطائرة بالركاب القاصدين نيويورك من مطار ميونخ، ولا ننسى مشاهد الركاب العرب ووقع أصواتهم، وبالطبع فإن الأحداث كلها ستدور لاحقا داخل هذا الحيز الضخم المعلق بين السماء والأرض والذي انشغلت الكاميرا في بدايته برصد تفاصيل فخامته وتلك الكومبيوترات التي تتوفر لكل راكب، ومقاعده الوثيرة، وكأن تفاصيله في فندق من طراز الخمس نجوم.
وهنا ستبدو براعة المخرج الألماني روبرت شفنتكي، المتخصص أصلا بهذا النوع من الأفلام، وسيكون علينا كمشاهدين الإحساس بكل دقيقة من فيلم «Flight plan» أو «تقرير الطائرة» رغم أن الحيز محدود، ولا مجال للخروج منه، وهكذا فإن فيلما مثل هذا يقتضي حبكة متقنة، ومقنعة، وشديدة التشويق، وفيما تنام كيل وابنتها، فإنها تصحو بعد وقت ما، ولا تعثر على جوليا، وتبدأ أولا بالبحث عنها بكل اطمئنان في المقاعد المجاورة، دون جدوى، وتتصاعد حدة القلق، هي تستمر بالبحث، وتسأل الطاقم من المضيفات عن ابنتها الصغيرة، وهنا تتعرف على ضابط أمن الطائرة كارسون «بيتر سارسغارد» الذي يبدأ بالبحث أيضا، ويرافق الأرملة الطازجة الحزن للعثور على ابنتها، ونتعرف أيضا على بعض المضيفات، وكابتن الطائرة ريتش «شين بين» وهو يحاول أن يهدأ روعها، فيما يتم تفحص بطاقات صعود الطائرة وكشف الركاب فلا يتم العثور على دليل أن الطفلة جوليا قد صعدت على هذه الطائرة أساسا، ولا أحد من الركاب أو أطقم الطائرة يتذكر أنه رآها، وعند هذه التصاعد في التشويق يكون على المشاهد الذي تورط في مشاهدة الطفلة أن يدخل مرحلة الشك في كلام السيدة كيل، فربما تكون قد دخلت في تهيؤات ما، وربما يكون الحدث الجلل الذي تعاني منه قد أدخلها في هلوسات بشأن ابنتها، لكن كيل تبدأ بالبحث عن ابنتها بطريقتها الخاصة ما دام أن الجميع لا يصدقها، وهي تغافل رجل الأمن كارسون وتدخل فتحة في الحمام إلى داخل الطائرة، وبما أنها خبيرة أساسا بالطائرات فإنها تلقي الرعب بين الركاب، وتقلقل طمأنينتهم عبر عبثها بأجهزة التحكم بالضغط، والإضاءة، ونرى هنا براعة المخرج شفنتكي وهو يحرك كاميراته داخل تفاصيل الطائرة الضخمة من الداخل حيث المستودعات وأجهزة الكمبيوتر، وأمتعة الركاب، وأيضا التابوت الذي يضم جثمان زوجها، وهكذا فإن بحث كيل المتواصل يزعج الركاب، وأمن الطائرة، والكابتن الهادىء ريتش والذي يرغب حقا في مساعدة كيل لكن كل الوثائق والشهادات تقف ضدها، ومع ذلك يأمر جميع الطاقم بالبحث حتى يطمئن قلبها ولكن دون جدوى ..!
لن أدخل في حكاية الفيلم أكثر، كعادتي، تاركا المجال للمشاهدة للراغبين، وكي لا أفسد متعة المشاهدة، وأعود إلى مجموعة من الملاحظات التي تركها الفيلم في نفسي، وأولها أداء الممثلة القديرة جودي فوستر، فهي من الطراز المتميز لنجمات السينما، والتي تشتغل بشكل كبير على الجانب النفسي من الترقب، وانعكاس ذلك على قسمات الوجه، ولغة الجسد، وكان آخر عمل لها هو فيلم «غرفة الرعب» 2002 حيث قامت أيضا بدور المحافظة على ابنتها من الرجال الأشرار في حيز مغلق، وبالنسبة للمخرج الألماني شفنتكي فقد أنجز من قبل فيلمين سابقين جرت أحداثهما أيضا داخل طائرة ما، وهو يستغل كل سم من مثل هذه الأمكنة المغلقة لينجز فيلما مدهشا، وربما ليقول لنا بأن الأمكنة المفتوحة المتنوعة لا تفيد إذا كان المخرج لا يتقن صنعته، وفيما يتعلق بالممثل شين بين، فرغم أن دوره كان قصيرا، إلا أنه برز بشكل مؤثر، وهذا أيضا ينطبق على بيتر سارسغارد، رجل الأمن الذي بدا خالي العاطفة، ويؤدي واجبه فقط، فيما نعثر على شخصية أخرى داخله لشرير، إضافة إلى مساعدة إحدى المضيفات، بحيث أن الرعب الذي حل في هذه الطائرة يجيء أساسا من المكلفين بحمايتها، وربما هذا الأمر هو الذي دفع المؤسسات المؤطرة لمضيفي الطائرات وأمنها في أميركا بأن تقوم بشكواها على منتج الفيلم، ورعاته، فمن غير المعقول أن يكون «حاميها حراميها»، وليس من اللائق التشكيك بأولئك الرجال والنساء الذين يقضون جل حياتهم معلقين بين السماء والأرض لخدمة الركاب الطارئين، والمتبدلين دوما .
بقيت الإشارة إلى آثار أحداث 11 سبتمبر المشؤومة على العرب في كل مكان، وقد بدا ذلك من خلال توجيه أصابع الاتهام لبعض هؤلاء الركاب بأنهم هم من اختطفوا ابنتها، وثمة راكب أميركي موتور، يحاول بين الحين والآخر الانقضاض على هؤلاء العرب، فقط لمجرد أن قسماتهم عربية، ويحاول الرجل الملتحي، المغربي اللهجة، أن يدافع عن نفسه، وتجعلنا أجواء الفيلم نشك أيضا مع كيل بالأمر، ولكن النهاية جاءت لصالح هؤلاء العرب، وهي دعوة من المخرج كما يبدو لعدم التسرع في الشك، وعدم اعتبار العرب كلهم مثل أسامة بن لادن، ولعل من الضروري بمكان العمل على بدء دراسة صورة العرب في السينما العالمية، وتكليف جهات ثقافية وإعلامية متخصصة بالأمر للاشتغال عليه، ومحاولة تفنيد الأخطاء التي ترتكب بحقهم، بدل المساهمة في ترسيخ هذه الصورة، في بعض الأفلام المدعومة من أميركا وأوروبا ...!
ولكن بعد انقضاء الساعة والنصف من الولوج إلى أعماق هذا الفيلم، يخرج المشاهد بمجموعة من الملاحظات التي تتعلق أساسا بقصته، فماذا لو لم تكن كيل مهندسة طيران، هل كان بإمكانها معرفة أسرار الطائرة وتفاصيلها الدقيقة، وإنقاذ ابنتها، ولماذا يضطر حارس أمن الطائرة إلى قتل زوج كيل، وخطف ابنتها، وتفخيخ الطائرة بالمتفجرات، وعمل كل هذه الخطة الشريرة، ومعه تلك المضيفة، وهل الفلوس وحدها هي الدافع ؟ ثم لماذا لم يوجد رجال أمن آخرون في الطائرة غير كارسون ؟ وماذا عن دور الكابتن غير المقنع ؟
تلك أسئلة تدفع بالمشاهد إلى التشكيك بقدرة السيناريو على الصمود والإقناع، وأن المبررات التي سيقت لنا كانت واهية، وعلى العموم فإن أداء جودي فوستر القوي أنقذ الفيلم، وجعله أكثر قبولا، إضافة إلى الجهود التي بذلت من الممثل سارسغارد ورفاقه، و يبدو أن على المشاهد أحيانا أن يتنازل قليلا عن نشدان الكمال في مثل هذه الأفلام لصالح المتعة الآنية التي يرومها، فمن الصعب أن يجد المرء ذلك الأداء العالي، مصاحبة لسيناريو خارق، إضافة إلى عناصر العمل الأخرى من صوت ومؤثرات وتصوير، وإخراج وربما هذا ما يميز أفلام الأوسكار التي يتمتع المرء بعناصرها معا في سيمفونية بصرية فريدة، ولا ينتمي فيلمنا هذا إلى مثل ذلك .
[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF